يسرى وصفاء: تغطية الأسواق الزراعية المحلية في المستقبل القريب هدف نسعى لتحقيقه
الفاو: مشروع حوض صنعاء توجه واعد لتطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي في اليمن
وزارة الزراعة: أحرزت المرأة اليمنية تقدماً ملموساً في القطاع الزراعي بالفترة الراهنة
استطلاع/ نجلاء الشيباني
يسرى محمد سيدة يمنية في العقد الثالث من عمرها تسكن مع أسرتها المكونة من (12 شخصاً) في منزل صغير في قرية المدار بمحافظة صنعاء هذه المرأة وجدت نفسها في صراع مرير من أجل الحياة في ظل العدوان والحصار المستمر منذ أكثر من 3 أعوام وألقت بظلالها السلبية على مختلف مستويات الحياة في اليمن التي باتت تعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم ..
كانت يسرى من النساء المحظوظات اللائي استفدن من تدخلات منظمة الاغذية و الزراعة “الفاو” في اليمن عبر مشروع حوض صنعاء والتي أسهمت مع عدد من المنظمات الدولية في تخفيف حدة الآثار والتداعيات الكارثية للحرب وانعكاساتها على الوضع الإنساني المتفاقم في البلد.
وجدت يسرى وهي العائل الوحيد لأسرتها في برنامج التدريب للقطاع النسوي لجمعيات مستخدمي المياه الذي تنفذه “الفاو” فرصة سانحة للتغلب على الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أسرتها الفقيرة وبالفعل شهدت أسرتها قليلة الحيلة تحولا نوعيا وباتت تحصل على مصدر دائم للعيش حيث كانت هذه السيدة واحدة من عشرات النسوة الأخريات المشاركات في إحدى الدورات التدريبية في المجال الزراعي وعقب الدورة مباشرة فكرت بتنفيذ مشروعها الزراعي من أجل سد احتياجاتها المالية وتأمين مصدر رزق لأسرتها.. قامت يسرى بزراعة أصناف النباتات العطرية والخضروات في حديقة منزلها ومن ثم باشرت ببيعها في السوق مثل (البردقوش، النعنع، العنصيف، الورد، الجرجير، البقدونس، الريحان، الصبار، وغيرها من الخضروات) وهكذا تمكنت يسرى كما تقول من تأمين حوالي(40000)ريال شهرياً وإذا بها تساهم في خدمة مجتمعها ناهيك عن تأمين مصدر رزق دائم لها ولأسرتها في هذا الظرف العصيب.
يسرى لم تكن المرأة الوحيدة التي حققت استفادة كبيرة وجنت سريعا ثمار هذه التدخلات الايجابية لمشروع حوض صنعاء فهذه صفاء الصرفي وهي فتاة متعلمة تخرجت من الجامعة لكنها لم تجد فرصة عمل أمامها بينما هي في أمس الحاجة للعمل من اجل تحسين دخلها وتوفير متطلبات أسرتها.. وتقول صفاء وهي في العقد الثاني من عمرها بأنها تملك قطعة أرض تشترك فيها هي وأخواتها وفكرت بالانضمام إلى جمعية زراعية للتدرب واستثمار قطعة الأرض وما هي إلا أيام حتى كان انضمامها إلى جمعية صرف لمستخدمي المياه. وبعد أن خاضت عددا من الدورات التدريبية قامت صفاء باستدانة مبلغ (900) ألف ريال يمني.. لشراء بيت محمي وبدأت بتنفيذ فكرة مشروعها بجدية حيث أن المحمية كما تقول صفاء تنتج محاصيل أكثر وأفضل وفي وقت أسرع وذات جودة عالية ودخل مادي اكبر وكذلك لا تستنزف المياه في ري النبات وبالفعل بدأت صفاء بزراعة الطماطم بمساعدة عمها المزارع، وهي متفائلة بالمحصول الذي سوف تبيعه وتكسب الكثير من المال من خلال هذه الزراعة وهذا المشروع وهي تنوي تغطية السوق المحلية بمحصول الطماطم وبعدها ستزرع الفراولة. وتثني هذه الفتاة المكافحة على مساعدة وتشجيع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة – الفاو- في اليمن والتي ساعدتها في إحضار الشتلات وإحضار مهندسين يتابعون نمو المحصول مجاناً.. في صورة حية لمشروع واعد وطموح.
وحسب وثيقة مشروع حوض صنعاء (95,000) نسمة هو تعداد السكان في المناطق المستهدفة ضمن نطاق المشروع من ضمنهم (11286) الأعضاء المسجلون في الجمعيات الذين يستفيدون بشكل مباشر من خدمات المشروع. من خلال 38 جمعية لمستخدمي المياه تم إنشاؤها.
الدور المجتمعي
مشروع حوض صنعاء الذي ينفذه مكتب “الفاو”في اليمن عبر منحة مقدمة من الحكومة الهولندية انعكس إيجابا على حياة الكثيرات من النساء الريفيات ويقول مسؤولو المشروع بأن هذا المشروع يهدف بدرجة رئيسية إلى تحسين سبل المعيشة الريفية.. وهو عبارة عن مشروع تقوم فكرة تنفيذه على تعزيز مشاركة الجمعيات الزراعية بهدف الإدارة المتكاملة لمكونات الموارد الزراعية المعتمدة على المياه الجوفية من خلال تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة التي تتضمن تطوير العمليات والأنظمة الزراعية،
هذا المشروع كما يقول المهندس سعد الحوصلي خبير جمعيات مستخدمي المياه بالمشروع يقوم بدرجة رئيسية على الدور المجتمعي جنباً إلى جنب مع تفعيل دور الجهات الزراعية والمائية المعنية بإدارة الموارد في هذه المنطقة الحيوية إدارة متكاملة تشمل تغيير النمط المحصولي السائد المستهلك للمياه المحددة لضمان استدامة موارد المياه والحد من الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية مع الأخذ في الاعتبارات زيادة الغلة الممكنة للمحاصيل الزراعية وتحسين مستوى المعيشة من خلال التدخل ببدائل زراعية اقتصادية أقل استهلاكاً للمياه وسوف يعزز المشروع من هذه التكاملية في إدارة الموارد من خلال تقديم الدعم الفني والتقني والمؤسسي لكافة الأطراف المعنية والمستفيدة.
ويوضح المهندس سعد بأن للمشروع تدخلات تقنية حديثة سوف تترافق مع إجراءات أخرى تتمثل في وضع استراتيجية طويلة المدى (عشر سنوات) تتمحور حول تغيير جذري في النظام الزراعي والنمط المحصولي السائدين في المناطق المستهدفة وتضيف”سوف يتم حالياً تطبيق نماذج زراعية مثلى لإدارة الموارد بطريقة متكاملة في الأحواض الزراعية المستهدفة والمتمثلة في الأنشطة الزراعية التي تضمنتها خطط الإنتاج المحصولي لكل الجمعيات التي يدعمها المشروع كعملية مشتركة مع الجهات الزراعية ذات العلاقة والمشاركة في تنفيذ أنشطة المشروع ثم تتوالى هذه العملية بعد ذلك من خلال محاور العمل التي تم الخروج بها كاستراتيجية لعشر سنوات والتي تسعى إلى تغيير النظام الزراعي والنمط المحصولي تدريجياً للحفاظ على ديمومية الإنتاج الزراعي والموارد المائية في حوض صنعاء حيث وجد أنهما يستهلكان مياها تقدر بحوالي أربعة أضعاف كمية المياه الجوفية التي يجب عدم تجاوزها”.
رؤية متكاملة
يتضمن مشروع حوض صنعاء كما يؤكد الدكتور / وليد صالح كبير استشاريي المشروع إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما الحد من استنزاف موارد المياه في حوض صنعاء والأخرى هو تحسين النمط المحصولي ورفع إنتاجية وحدة المساحة وتحسين دخل المزارعين في منطقة الحوض من خلال تطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية
ويشير الدكتور صلاح الحاج حسن – المثل المقيم للفاو في اليمن إلى انه سينجم عن تحقيق تلك جملة من المكاسب الكبرى التي ستنعكس إيجابا على مستوى القطاع الزراعي في البلاد ومن تحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية من خلال تنظيم وتقوية مشاركة المجتمعات المحلية ورفع وتحسين إنتاجية المحاصيل الغذائية والنقدية تحت النظم الزراعية المختلفة عن طريق تنفيذ برنامج للمشاهدات الزراعية وزيادة القيمة المضافة للمحاصيل السائدة وتشجيع الأنشطة الزراعية التي لا تعتمد على استهلاك المياه بشكل مباشر أو أكثر، وكذلك رفع كفاءة استخدام المياه من خلال تطبيق تقنيات الري الحديثة وحصاد المياه وتطبيق تقنيات الزراعة المحمية، إضافة إلى تحسين استخدام المعلومات بما يمكن من المتابعة والتخطيط السليم.
بناء الانسان
التدريب والتأهيل ورفع مهارات المستفيدين من ابرز محتويات ومفردات المشروع فعملية التدريب تتم لكل جمعية من خلال فريق متخصص من الكادر النسائي ويتم تدريب المنسقات في مقر جمعياتهم حيث يتم اختيار مدرسة أو مركز طبي قريب من الجمعية ويتم تنفيذه لفترة 4 أيام أو أكثر.
يشمل جملة من المواضيع ومن أبرزها التعريف بدور المرأة في إحداث تنمية ريفية في المجتمع وكيفية إعداد مشروع ناجح والاتصال والتواصل ومعرفة المعلومات وكيفية الاقتناع بها وإقناع الأهالي بذلك والإدارة والتخطيط في المجتمع على مستوى المنزل والجمعية ومعرفة المشكلات الزراعية وكيفية تحليلها والتواصل مع ذوي الخبرة لمعرفة الحلول الممكنة للمزارعين.
تاريخ متجدد
ارتبطت الزراعة عبر التاريخ بالإنسان اليمني وبحضاراته الإنسانية العريقة التي أقامها في الأزمنة الغابرة ولعل سد مأرب وحضارة دولة سبا التي وردت قصتها في القران الكريم خير شاهد على ذلك لكن ظل اليمنييون مرتبطين ارتباطا وجدانيا مع الأرض والزراعة ولا يزالون كذلك إلى اليوم ويقول المهندس . عبدالعزيز الذبحاني وهو المشرف على أنشطة المشروع المنفذة من خلال البرنامج الوطني للري بأن المجتمع اليمني عُرف أنه مجتمع زراعي منذ القدم وارتبط نشاطه على مخرجاته الزراعية ولا تزال الزراعة وفلاحة الأرض النشاط الرئيسي لغالبية السكان حيث اشتغل الرجل والمرأة اليمنية في الزراعة لما لها من تأثير في إدارة البيئة وإنتاج الطعام لتحسين الإنتاجية الزراعية وصولاً لتحسين الغذاء ومع التقدم الزراعي الذي قطعته الزراعة في اليمن والتوجه نحو الاستثمار في هذا المجال إلا أن اليمن تواجه تحديات كبيرة أبرزها الأمن المائي والغذائي وارتفاع مستوى الفقر وزيادة معدل النمو السكاني ومحدودية الموارد وشحة المياه وفي مواجهة تلك التحديات عملت الحكومة بالتنسيق مع الهيئات والمؤسسات الدولية المانحة وتم وضع الاستراتيجية الوطنية لقطاع الزراعة ومن ضمن هذه الاستراتيجية تمكين المرأة من المشاركة في مواجهة تلك التحديات نظراً لما تسهم به المرأة من دور هام في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني كون المرأة مساهما رئيسيا في إنتاج الغذاء وتحسين سبل المعيشة للأسرة ولمكافحة الفقر وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الزراعية التي تحتاجها الأسرة اليمنية والاستفادة من تلك المخرجات في إنتاج محاصيل الخضروات للحدائق المنزلية
ويشير الذبحاني إلى انه تم إشراك المرأة في أطار هذا المشروع في الدورات التدريبية الزراعية التي تسهم في إنتاج الغذاء لغرض الاستفادة منها في توفير حاجيات الأسرة…. وتضيف مختص النوع الاجتماعي “من هذا المنطلق عملت منظمة الأمم المتحدة للأغذية الزراعية الفاو في مشروع حوض صنعاء والممول من الحكومة الهولندية من خلال تمكين المرأة من خلاله ضرورة مشاركة القطاع النسائي في جمعيات مستخدمي مياه حوض صنعاء، وكانت الخطوة الأولى هي إقامة الدورات التدريبية للمرأة ولم يصل بهذه الجمعيات من خلال تدريب القطاع النسائي بهذه الجمعيات على إعداد الخطط الزراعية وإنتاج المحاصيل الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ومكافحة الفقر وتحسين سبل المعيشة، وذلك من منظور المساواة بين الجنسين بالتخطيط والتنفيذ والتصميم في زراعة المحمية، حيث سيتم توزيع عدد من البيوت المحمية لكل جمعية مستخدمي المياه في حوض صنعاء منها عدد في بيوت محمية الرجال ومحمية بيوت النساء ولرفع مستوى الوعي التدريبي في كيفية الزراعة المحمية وإدارة هذه البيوت بالطرق العلمية والفنية الحديثة، عملت منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو بتمويل من الحكومة الهولندية على إنشاء المدارس الحقلية النسائية في الزراعة المحمية بعدد (6) مدارس نسائية حقلية تحت إشراف مهندسة زراعية تضم (38) جمعية لمستخدمي المياه للقطاع النسائي، وذلك لغرض التشجيع والدعم العادل للمرأة في مدارس المزارعين وفي هذه المدارس الحقلية النسائية إلى المساهمة في دور المرأة في مجال الزراعة والتنمية لإنتاج محاصيل الخضروات، بالإضافة إلى تمكين المرأة من إدارة العمليات الزراعية في البيوت المحمية من خلال الممارسة الحقلية الميدانية ابتداء من تجهيز بيوت المحمية مروراً بزراعة المحاصيل الزراعية داخل البيوت المحمية والعمليات الزراعية من حيث الري والتشجير والمكافحة المتكاملة لإدارة البيوت المحمية من ثم جني المحصول وتسويق هذه المحاصيل، ومنهجية المدارس الحقلية النسائية الإرشادية إلى بيئة التعليم للمرأة بالممارسة والزراعة في تبادل المعلومات والمعارف واكتساب المهارات ورفع القدرات لدى القطاع النسائي في الزراعة المحمية في حوض صنعاء.
ومن ضمن منهجية المدارس النسائية الحقلية الإرشادية وفقا للمهندس الذبحاني دعم التفكير النقدي ووضع القرار وتنمية مهارات التواصل لدى المرأة.
إلى جانب كيفية التعامل مع المحاصيل الزراعية بأسلوب المشاركة في أداء العمل الجماعي وبكفاءة عالية.
وكذلك الاتصال والتواصل الفعال مع الآخرين من خلال التدريب على عملية التسويق للمنتجات الزراعية وأسلوب الممارسة العلمية في عمليات تسويق المحاصيل الزراعية للاعتماد على النفس وإعطاء المرأة الثقة في إدارة مشروعها وشؤونها المالية والإدارية الزراعية المحمية ومعرفة الجدوى الاقتصادية من الزراعة المحمية.
التوجه الاستثماري
تسعى الفاو من خلال مكتبها في اليمن إلى المساهمة في إحداث نهوض زراعي حقيقي في البلد من خلال الوسائل والطرق العلمية الحديثة ويقول صلاح الحاج حسن – المثل المقيم لمنظمة “الفاو” في اليمن: تستهدف الأنشطة المقدمة من خلال المشروع تغيير المفهوم العام للنشاط الزراعي وتحويل توجهات المزارعين إلى التركيز على الجانب الاستثماري من خلال برامج موجهة لتحسين سلاسل القيمة الاقتصادية للمحاصيل الزراعية، الأمر الذي ينعكس بالفعل على سلوكيات المزارعين الذين أصبحوا أكثر مهارة وإدراكاً لمرحلة ما بعد حصاد المحصول.
ويضيف على سبيل المثال عمل مشروع حوض صنعاء على دعم وصول النساء إلى مراكز التحكم في جمعيات مستخدمي المياه وأصبحن الآن يمتلكن 4 مقاعد من أصل (13) في الهيئة الإدارية للجمعية أي بما يمثل 30% من قرار الجمعية بعد ذلك تم تعزيز وبناء قدرات النساء من خلال مجموعة من البرامج المدرسية في المجالات الإدارية والفنية والزراعية.
ويؤكد ممثل الفاو بأنه لوحظ تميز بعض المزارعات في مجموعة من مجالات الصناعات الغذائية الزراعية المنزلية والزراعة المحمية ، وتم دعم كلٍ منهن في مجاله لتحقيق أهدافهن ورغم ضآلة الدعم المقدم كانت المخرجات كبيرة واعتمدت فيها المزارعات على قدراتهن الشخصية وهذا مؤشر ايجابي لتحقيق نهوض زراعي حقيقي في البلد بإسهام بارز من قبل النساء.
Prev Post
Next Post