الشهيد القائد وعظمة مشروعه القرآني
وفاء الكبسي
من أين أبدأ والحديثُ غرام، ففي كل ذكرى سنوية لاستشهاد سيدي ومولاي حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- يعجز كلامي، فلا أدري ماذا أكتب؟! فمهما كتبت فإني لن أوفيهِ حقهُ، حتى إن كلماتي وحروفي تخجل وتنحني أمام عظمة ذلك الإنسان العظيم الذي جسّد معاني الإنسانية في حياتهِ، وجسّد كل معاني الرجولة التي تجلت فيهِ بأسمى آياتها العظيمة ، فالحديث عن الشهيد القائد هو حديث عن السمو في أمثلته العليا، بل هو حديث عن القرآن التي تتجلى بصائره وبيناته من خلالهِ، وهو حديث عن التضحية والفداء في سبيل الله من أجل دينهِ ونصرة للمستضعفين، إنه باختصار حديث عن العظماء الذي قل أن يجود بهم الزمان.
السيد حسين كان رجل المرحلة فقد كان يعي المرحلة التي يمر بها شعبه ، وتمر بها أمته عموماً يعي خطورتها وتداعياتها وما يجب أن تكون عليه الأمة في مواجهة أعدائها والخروج من كل الأزمات والخطورات،
كان رجل المسؤولية، تحمل مسؤولية الأمة من حولهِ وما تمر بهِ من واقع أليم ومرير، لقد حمل هموم الأمة وقضيتها ، وظل مدافعاً عن الحق والمظلومين والمستضعفين حتى أستشهد .
لقد تحرك الشهيد القائد -سلام الله عليه- في أوساط الأمة وظل يدعوها بدعوة الله يتلو آيات الله عليهم، فرؤيتهِ للأحداث كانت رؤية قرآنية بحتة؛ لأنه كان يقدم النص القرآني ثم ينطلق من جوهرهِ ودلالاتهِ ومضامينهِ إلى الواقع ويشخص هذا الواقع ويحدد الموقف اللازم له، كل ذلك كان من خلال النص القرآني، هكذا كانت رؤيته “عين على القرآن وعين على الأحداث” ، وأرسى قاعدة أساسية هي: “حاكمية القرآن وهيمنته الثقافية”؛ ليكون فوق كل ثقافة، فوق كل فكر ومنطق.
إنهُ بحق كان قائدا إسثنائياً ومازال من خلال دروسهِ ومحاضراتهِ.
فالمتأمل لمحتوى الملازم يقف منبهراً من عظمة ذلك الفكر النير والأطروحات والتشخيص الدقيق لمجمل المشاكل التي هي أساس معاناة الأمة اليوم ، بل إن الحصيف يجد أن الشهيد القائد حرص أشد الحرص على وضع المعالجات اللازمة لمختلف القضايا التي تعاني منها الأمة، كل تلك المعالجات كانت من القرآن الكريم الذي انطلقت المسيرة القرآنية منه.
لقد صنع الشهيد القائد من خلال القرآن الكريم أمةٌ عزيزةٌ كريمةٌ مؤمنةٌ تفتخر بدينها وقيمها وهويتها الإسلامية والحضارية ، عرفت من هي ومن هو عدوها بعد أن عاشت لفترة طويلة تحت مفاهيم الذل والهوان والتيه والضياع، فمن يقرأ ملازم ومحاضرات الشهيد القائد يلاحظ تحذيراته للجميع من عواقب ومخاطر سيئة ستتعرض لها الأمة قبل حدوثها مثل خطر دخول أمريكا، ومخطط التقسيم، والحرب المذهبية وغيرها لقد قدمها الشهيد القائد قبل حدوثها بفترة طويلة.
من ﺃﻫﻢ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ القرآني هو ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍلإﺳﻼﻣﻴﺔ ، ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ ﻛﺄﻣﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔِ ﻣﺴﺎﻋﻲ حاولت أمريكا وإسرائيل طمسها ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﻬﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ .
ولاننسى عند الحديث عن الشهيد القائد أن نذكر صرخة الحق والإباء التي أطلقها -رضوان الله عليه- من حنجرتهِ الحسينية رافضاً للذلِ والهوان والخنوع وكموقف وسلاح ضد المستكبرين، والتي كسرت وهم أمريكا وبأنها دولة لا تهزم وأظهرها على أنها مجرد قوة شيطانية هشة ؛لأن كيد الشيطان كان وسيبقى ضعيفاً في مقابل القوة الإيمانية ، والدليل ما يمر به اليمن حالياً من تكالب العدوان عليها للسنة الرابعة على التوالي ، لقد حشد العدوان جميع الأسلحة المحرمة دولياً وجميع جحافله من مرتزقة العالم ، ولكنّ رُغم اختلاف فارق العدة والعتاد بيننا وبينهم، إلا أنها هُزمت جميع محاولاتهم ومؤامراتهم وخططهم وجحافلهم أمام قوة إيمان المقاتل اليمني الذي سار على نهج الثقافة القرآنية التي قدمها الشهيد القائد -رضوان الله عليه.
لقد أبهر العالم المقاتل اليمني حافي القدمين، وكيف واجههم وقلب موازين القوى والمعادلة واستطاع بفضل الله ثم بفضل المسيرة القرآنية أن يصنع الصواريخ والطائرات المسيرة ويضرب العدو السعودي في عُقر دارهِ، ويكبدهُ خسائر كبيرة ، فلن ترى الأمة عزة ولاتمكيناً إلاّ باتباع هذا المشروع القرآني العظيم.
الحديث يطول ويطول عن الشهيد القائد وعن مشرعهِ العظيم. وختاماً أقول: نم قريرَ العين يا سيدي، يا أسدَ المسيرةِ القرآنيةِ ، ياسِبطَ النُّور فقد بنيت أمةً قويةً عزيزةً شامخةً أحييتها بدمائك الطاهرة الزكية وبثقافة الجهاد ، فجزاك الله عنّا خير الجزاء ياسيدي ، والسلام عليكَ حين ولدت، وحين استشهدت، وحين نلقاك في الجنّة بإذنّ الله.