عُذْراً يا عيد

 

صلاح الشامي
ككل عيد.. يأتي بهمومه، كضيف ثقيل، دون موعد يجيء لكنه لا يعذر المُقل ولا المعدم.
ستأتي يا عيد، وسأفرشُ لك آهات حسرتي، وسأسقيك عصير عيوني، وسأحتفي بك ككل عيد بالنوم طيلة نهارك ولن أخرج إلا في ليلك كالخفافيش الخجولة، حتى لا يراني أحد، سأذهب – كعادتي – إلى سوق قريب لشراء ما يلزمني للكمون نهارك التالي، أتجرع تنهيدات الكمد لأني لم استطع زيارة عيالي في يوم العيد، ولا زيارة أرحامي وأقاربي الذين صرت أنسى عناوين بعضهم.
سأفعل ذلك حتى اليوم الخامس أو ما يليه، ككل عيد ولكن.. لو أني لم أزل أسكن غرفتي العفنة التي كنت أستأجرها، لكني الآن لن استطيع الوفاء بقطيعتي لك يا عيد، لأني أصبحتُ مُشرداً منذ شهرين.
* لا أدري كيف سيكون العيد بالنسبة لي، باعتباري عضواً إضافياً في أسرة أحد أقرب أقاربي..؟!!
أراني دخيلاً رغم ترحيبهم بي لكني لا استسيغ، بل لا استطيع تصور نفسي طفيلياً يوم عيد الأضحى، بل منذ ما قبله بأيام، وأيامه، وما بعده.
* آه لو كانت المستحقات التي أحصل عليها تصل كاملة لا مقسمة إلى قسمين.. إذاً لاستطعت استئجار غرفة، ومن ثم الالتزام شهرياً بدفع الإيجار، والاستقلال والاستقرار النفسي الذي سيمكنني من العمل أكثر والإنتاج أكثر، كما كنت قبل تشردي.
* لماذا نَحُسُّ بأن العيد يهجم دائماً دونما نذير ولا تحذير.. رغم أنا نحسب لوقته جيداً، لكننا لا نبدأ بالاستعداد له إلا قبيل تشريفه.
* سأعتذر لك يا عيد.. أنت ضيف خفيف للغاية، ولست ثقيلاً.. وأنت أيضاً مُرحَّبٌ بك، فأنت تمنحنا السعادة.. ولكن حسراتنا تتضاعف فيك إذا لم نستطع جعل أطفالنا يفرحون بك، بملابس جديدة و”عِوَّادة” أو “عسب” نعطيه لأطفالنا وأرحامنا.
تتضاعف آلامنا فيك حين تتحطم آمالنا فلا نستطيع الترحيب بك كما ينبغي .. لم يعد أغلب سكان المدينة يهتمون للأضحية، لكن لا يمكن التخلي عن إبهاج الصغار.
فلتأتِ يا عيد.. تعال في موعدك.. ولن أهتم حتى بجعالة العيد التي أستقبل بها ضيوفك .. لن أهتم بالأضحية، وسأحاول ترضية صغاري بالمتوفر إن وُجد أو رهن أي شيء إذا وجدتُ من يقرضني، ففرحة أطفالي فوق كل شيء ولن أهتم لأي شيء آخر.. فنحن نعيش حالياً في ظروف استثنائية..
* أبطالنا في الجبهات سيقضون العيد بعيداً عن أسرهم وأطفالهم، وهم يدفعون عن اليمن وشعب اليمن خطر الغزاة..
سأتذكرهم كلما همَّني أمرك يا عيد، سأتذكر رجال الرجال الذين لا يهتمون بما نهتم نحن القاطنون في مدننا وقرانا، بل ويستقبلون العيد بفرحة خير من فرحتنا نحن به.. ولأجلهم سأنسى كل همومي.

قد يعجبك ايضا