ذكرى مؤلمة صعبة النسيان
آلاء شيبان
في يوم لم يكن يخطر ببال أحد، في لحظات من السكون في إحدى الليالي، جاء خطر كبير ليقتل المدنيين وهم نيام في منازلهم طائرات حربية لدول الجوار وحلفائها تكالبت على يمن الإيمان لتقتل شعبه وتدمر بنيته التحتية وكل مقدراته.. أخذت طائراتها تقذف صواريخها القاتلة والمدمرة ابتداء من العاصمة صنعاء في 26 مارس 2015م وحتى اللحظة في كل أرجاء اليمن وكل يوم وهي تقتل وتجرح العديد من المدنيين.
نستذكر جميعاً الجريمة الكبرى في العاصمة صنعاء قبل عامين حين ألقت طائرات الدول المتحالفة قنبلة محرمة دولياً على منطقة جبل عطان التي هزت العاصمة واحدثت دماراً كبيراً في المنطقة والمناطق المجاورة وتسببت بقتل وجرح المئات وأدت لنزوح الآلاف من منازلهم ومن المنطقة وحتى من العاصمة بأكملها فقد تسببت بالهلع والخوف لدى النساء والأطفال والشيوخ والشباب.
شيء لم يتوقع حدوثه هالة كبيرة من النار بل كتلة من اللهب الأحمر امتد طولها عاليا في السماء مشهد سيظل في ذكرى كل من عاش تلك اللحظات وستظل ترويها الأجيال.
في يوم ما من ذاك المستقبل وبعد أعوام سيكبر الأطفال الذين عاشوا هذه اللحظات العصيبة والمؤلمة في ذكراها ستكبر طفلة وسيكبر طفل آخر كلاهما سيصبحان أبوين هي ستحدث أولادها عن هول ذاك الانفجار وما كانت تلك اللحظات بالنسبة لها كانت لحظات موت وهلع وفقدان أب أو أم أو أخ أو أخت كانت فقدان قريب أو جار أو صديق كانت دمار كبير وكانت خوف أخذ بها وبأهلها نحو الشارع.. لم يدركوا كيف كان حالهم في تلك الأثناء وما الذي يمكن أن يخبئهم من ذاك الانفجار لحظات يصعب فيها الوصف لأنها تحكي عن الموت القاتل صرخات تتعالى أمي أبي أين أنتما خبآني في أحضانكما أختي تعالي إلى هنا أين اختفيتي أخي أما زلت حياً أم أن الانفجار قد أودى بحياتك أو ألقى بك جريحاً.
أما الطفل الذي سيكبر فسيروي لأولاده لن أنسى بكاء النساء والأطفال وحتى الرجال الذين فقدوا ذويهم لن أنسى.
لحظات رأيت طفلة تبكي من هلعها وخوفها وهي تحاول الهروب خارج المنزل لم تستوعب أن الانفجار قد طال المكان والمنطقة بأكملها وليس منزلهم فقط لن أنسى العديد ممن بترت أعضاؤهم وفقدت ملامحهم، فقد.. رأيت العديد صرعى قتلتهم تلك القنبلة.. صوت امرأة مازال يدوي.. مسمعي حتى اللحظة أين أبنائي.. أين زوجي.. هل ما زالوا أحياء هذه جثثهم؟!!.
مئات المنازل حل بها الدمار.. نزوح كبير من منطقة حيوية تمتلىء بالسكان والمحلات التجارية غدت مكاناً مهجوراً يحكي عن خوف ودمار وجرم كبير حل بسكان العاصمة .. في كل بيت أصابهم الهلع والخوف.. صراخ وبكاء النساء والأطفال، أطفال يقولون لآبائهم.. لنذهب بعيداً إلى قريتنا أو في منزل آخر لأقربائنا في إحدى المدن الأخرى.. وزوجة تفقد وعيها فتفيق لتقول : خذوني بعيداً من هنا.. وأب حائر لم يعد يدري أين يذهب فالطائرات تحلق في كل مكان وتلقي بقنابلها وصواريخها القاتلة هنا وهناك لا ترحم احداً!!.
في جبل عطان حتى الصخر وفتاته يحكي هول الدمار في يوم ما سينقب علماء الآثار بعد زمن بعيد ليجدوا أن دماء المدنيين مازالت على صخوره جراء هذه المجزرة المروعة التي تسببت بالعديد من القتلى والجرحى.. ستحكي عن بكاء الأطفال والنساء وخوفهم.. ستحكي عن المنازل التي دمرت لتصبح يوماً ما آثاراً ليست سياحة إنما آثار جرائم قوات التحالف السعودي لتكون وصمة عار عليهم طول الزمن.
في يوم ما سيمر الوافدون نحو جبل عطان وسيسمعون شيئاً مخيفاً كأنه انفجار شديد يعقبه صراخ لأناس كثر يأتي من كل جانب كأنه من هذا الاتجاه أو ذاك أو ذاك.. نساء وأطفال ورجال وشباب.. سيكون ذلك الشيء المخيف هو صدى واقعة قنبلة عطان الذي سيظل يتردد في الجبل والمنطقة من هول الجريمة الكبرى.