لماذا الأمم المتحدة ؟!!
أحمد يحيى الديلمي
الخبر الذي نشرته صحيفة الثورة وبثته بعض المواقع الإخبارية عن اعتزام الهيئة الشعبية العليا للدفاع عن قضايا اليمن والتصدي للعدوان، رفع دعوى قضائية ضد الأمم المتحدة، أثار التساؤلات وعلامات الاستغراب لدى الكثيرين وتلقيت عشرات الاتصالات من أصدقاء وزملاء أعرفهم وآخرين لا أعرفهم من داخل وخارج اليمن تمحورت كلها حول الفكرة وأبعادها وعن جدوى رفعها أمام محكمة وطنية، وكان التساؤل الأكثر إلحاحاً وورد على لسان جميع المتصلين “لماذا الأمم المتحدة بالذات؟ لماذا لا توجه الدعوى ضد الدول المعتدية مباشرة؟ ” ولم ينس بعض المتصلين التذكير بالقاعدة الفقهية بمضمونها القائل :
(لا شيء على الآمر مع وجود المباشر ) دون الحاجة إلى الخوض في صحة هذه القاعدة من عدمه خاصة أنها تتعارض مع قول الخليفة الثالث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لو تمالى أهل صنعاء على قتل رجل واحد لقتلتهم جميعاً بذنبه) أقول : من أبرز مهام الهيئة الشعبية الواردة في النظام الأساسي ( أن تتصدى الهيئة للدفاع عن قضايا اليمن واليمنيين وتتبنى برامج الحشد والتعبئة العامة لتحفيز أبناء الوطن على مواجهة أي عدوان خارجي أو تآمر داخلي يستهدف السيادة والاستقلال الوطني وكل فعل يضر بالسكينة العامة، وفي سبيل ترجمة هذه الهدف تستخدم كافة الوسائل الممكنة بما في ذلك اللجوء إلى القضاء الوطني والإقليمي والدولي بما يحفظ كرامة الإنسان اليمني ويصون السيادة ويحمي الاستقلال ) .
من أخر فقرة يتضح لماذا القضاء اليمني؟ استناداً للحصار الجائر الذي تفرضه دول العدوان خلافاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي المشؤوم المرقم (2216) كأول مؤشر يُدخل المنظمة الدولية في دائرة الاتهام و الاستهداف كونها في الأساس هي المعنية بترجمة وتطبيق قرارات مجلس الأمن على أرض الواقع لضمان الحياد وعدم التهور في التطبيق، لكنها تقاعست عن هذه المسئولية وتركت السعودية الدولة الأساسية في العدوان تفسر النص كما يحلو لها وتترجمه في الواقع بما يوافق هواها ورغباتها الدفينة في العدوان، بهدف قهر إرادة الشعب اليمني، كل هذا اقتضى توجيه السهام إلى هذه المؤسسة الدولية لأنها خالفت ميثاق إنشائها والقواعد و الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية الأمن والسلام في العالم، والتي من شأنها دعم إرادة الشعوب المضطهدة لتتمكن من تقرير مصيرها وتحفظ حقها المشروع في الحرية والاستقلال .
كل الوقائع تؤكد أن قرارات هذه المؤسسة خضعت لسطوة الدول ذات النفوذ والسطوة بشقيهما المادي والعسكري، وجعل المنظمة تتعاطى بأفق انتهازي نفعي مع كل المشاكل العالقة في دول العالم، وبالذات دول العالم الثالث .
وكل هذا يؤكد أن المنظمة تخلت عن مسئولياتها السياسية والإنسانية وأصبحت غطاء لشرعنة الأفعال الغير سوية للدول المارقة، واستناداً إلى الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية لاهاي، التي أشارت إلى أن دور محكمة العدل الدولية مكمل لدور القضاء الوطني في كل دول العالم، لذلك لجأنا إلى القضاء المحلي نظراً لما نعانيه من حصار وعدم قدرتنا الوصول إلى أي قضاء في دولة أخرى، والهدف إرساء ثقافة المسائلة على الجميع، وأنه لا أحد فوق القانون خاصة أن فكرة الحصانة ليست للمنظمة ككيان، ولكنها تخص موظفيها أثناء عملهم في الميدان، والأمل أن تتسع هذه الثقافة لتسهم كل الدول ومنظمات المجتمع المدني في إصلاح النظام الدولي قبل أن يصل إلى مرحلة العجز، ويتم تفريغ المنظمة من معنى وجودها ودورها الفاعل في حل النزاعات الدولية .
هناك تفاصيل هامة أتركها لقائمة الدعوى والفريق القانوني المختص، ومن الله سبحانه وتعالى نستمد العون والتوفيق والسداد .. ومن نصر إلى نصر .. واللقاء في قاعة المحكمة إن شاء الله ..