اليمن.. فكّا كماشة السعودي عندما تضيق عكسياً عليه !؟
هشام الهبيشان
في الوقت الذي تستمرّ فيه فصول الصمود اليمني أمام موجات الزحف المسلح لقوى العدوان على محافظات ومدن شمال اليمن وشمال شرقه وغربه، ومع انكسار معظم هذه الموجات على مشارف هذه المدن، وأمام عجز الدول الشريكة في الحرب عن إحراز أي اختراق، انتقلت هذه الدول إلى حرب استنزاف لقوى الجيش اليمني و»أنصار الله» في محاولة أخيرة لإسقاطهما.
ورغم حجم الخسائر والتضحيات الذي أفرزته حرب استنزاف الجيش اليمني و»أنصار الله»، فما زالت الدولة اليمنية ممثلة بالقوى الوطنية قادرة على أن تبرهن للجميع أنها قادرة على الصمود، بدليل قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي يقدمها الجيش اليمني وحلفاؤه في اللجان الشعبية، بعقيدته الوطنية والقومية الجامعة، والتي انعكست أخيراً بظهور حالة تشرذم واسعة لما يُسمّى بـ»قوى التحالف» و»أنصار هادي» و»القاعدة» و»داعش.
إنّ حالة التشرذم داخل هذه المجاميع المسلّحة وقوى التحالف، تقابلها حالة صمود وصعود لقوة الجيش اليمني وحلفائه في الميدان، وإنْ استمرّ هذا الصعود فمن شأنه أن يضعف الجبهة الساعية إلى إسقاط اليمن بالوسائل والسبل كلها.
وبالانتقال إلى ما يجري في الساحة اليمنية عسكرياً بالعام الثالث للحرب العدوانية على اليمن، وتحديداً في محافظتَي مأرب وتعز بأقصى شمال شرق البلاد وشمال جنوبها وببعض المدن بشمال اليمن وشمال جنوبه، فقد شهدت معظم هذه المدن خلال الأيام العشرين الماضية، صراعاً دموياً كبيراً مدعوماً بأجندات خارجية، بمحاولة لإسقاط هذه المدن الاستراتيجية من قبل قوى العدوان لفرض واقع جديد على الأرض. وقد استخدمت قوى العدوان في معركتها العبثية بهذه المدن تكتيكات واستراتيجيات عسكرية مختلفة، وانتهجت أسلوباً تدميرياً واسعاً، في محاولة لفرض واقع جديد في هذه المدن ومع كلّ هذا وذاك فقد تكسّرت جميع هذه المحاولات على صخرة صمود الجيش اليمني و«أنصار الله.
من هنا نستطيع أن نقرأ أنّ الأدوار والخطط المرسومة، في شنّ الحرب على اليمن، قد تغيّرت. وآخر الخطط التي ما زالت تعمل بفعالية نوعاً ما حتى الآن على الأرض هي حرب الاستنزاف، وقد استطاعت القوى الوطنية اليمنية أن تصمد وبقوة، كما صمدت ضد خطط سابقة، والسبب أنّ خطة الاستنزاف التي تنتهجها أطراف العدوان على اليمن لها أمد معيّن وستنتهي بانتهاء مدة صلاحيتها، وبذلك يكون اليمن أمام آخر خطط الحرب المباشرة عليه.
وفي محور آخر، وفي الوقت الذي ما زالت فيه أصداء العدوان السعودي – الأميركي على اليمن تلقي بظلالها على الوضع المأساوي والمعيشي في الداخل اليمني، خصوصاً في مدن شمال شرق اليمن وشمال جنوبه ووسطه، جاء المشهد الميداني في مدينتي تعز ومارب ليلقي بظلاله وتجلياته المأساوية كلها بواقع جديد على الواقع اليمني المضطرب، فيظهر إلى هذا المشهد اليمني المضطرب واقع المشهد في مدينتي تعز ومأرب بتجلياته المؤلمة والمأساوية كلها، والتي ما زالت حاضرة منذ اندلاع الحرب العدوانية السعودية الأميركية على الشعب اليمني، وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على الأرض تاركاً خلفه عشرات آلاف الشهداء والجرحى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة للبنى التحتية كافة في الدولة اليمنية.
ختاماً، تدرك قوى العدوان على اليمن أنّ المشهد اليمني يزداد تعقيداً مع مرور الأيام، خصوصاً مع عجز هذه القوى عن تحقيق أي خرق ميداني استراتيجي، وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الأرض اليمنية من قبل بعض القوى الوطنية في الداخل اليمني، لانتهاز هذه الفرصة لوضع حدّ للفوضى وتنسيق حلول مقبولة مع الأطراف الأخرى في الداخل اليمني لإيقاف حالة النزيف التي يتعرّض لها الوطن اليمني، وإلا سنبقى ندور في فلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الأرض اليمنية.