الكفاءة لا تشترى بالمال


محمد راجح –
تراجع دوران عجلة العمل في أجهزتنا الإدارية سببه نقص المهارات

قد يعتقد البعض أن الإخلاص والوفاء المطلق وحسن الأداء لغرض رد الاعتبار لمن وظفهم مادام يحتل منصبا قياديا على أنه نوع من العرفان بالجميل لمن وظفه والمحافظة على دوره ومستواه وبهذا يكون ولاؤهم ليس للمنشأة أو المؤسسة أو الجهاز الإداري أو تحقيق أهدافها بل لمن ضمن لهم العمل وحصولهم على الامتيازات الوظيفية المتنوعة .
هذا طبقا للدكتورة أنيسة مقبل رئيس مركز البحوث والاستشارات وأستاذ الإدارة بالمعهد الوطني للعلوم الإدارية بعيداٍ عن مفاهيم توافر معايير الكفاءة والمهارة في العمل لأن تغليب سلطة المحسوبية في اختيار العاملين دون الاعتماد على أسس الكفاءة كمعيار للاختيار سيؤدي إلى تقهقر العمل وتخلف مقومات بناء المجتمع العادل بالإضافة الى العوامل السلبية التي سيضيفها هذا الاختيار السلبي إلى مستقبل العمل فتقلل دوران عجلته وتؤخرها بسبب نقص الكفاءة والمهارة.

ترى الدكتورة مقبل أن الكفاءة ليست شيئا من السهل الحصول عليه فهي لا تشترى بالمال .
وتشخصها على أنها مزيج من التعب والجهد والخبرة وزمن طويل من المعايشة مع الأحداث .
كما أنها كم هائل من التجارب السلبية والإيجابية التي جمعت صاحبها بالتعامل مع العديد من المشاكل والعديد ممن يصنعها وكذا المعرفة من خلال المواكبة لظروف العمل خطوة بخطوة حتى تحصل الخبرة التراكمية نتيجة ذلك .
هذا يتطلب وقتا لتحقيقه تضيف الدكتورة أنيسة فمن الظلم إذا تجاهل صاحب الخبرة والكفاءة .

ثمرة جهود
تعتبر رئيس مركز البحوث والاستشارات الولاء الوظيفي الحقيقي الذي تعاني أجهزتنا ومؤسساتنا الإدارية في الحصول على التكامل في الأداء من خلاله هو ثمرة جهود مضنية يجب أن تثابر هذه الأجهزة الإدارية المختلفة لتحقيقه في سلوك العاملين .
وتقول إن الولاء الحقيقي الذي يتحقق لدى العاملين على نطاق كل المستويات الإدارية أو القيادية ينتج عنه حصولها على وظيفة قادرة على الاستمرار بالعمل وتنميته وتطويره .
ويقاس هذا الولاء بمدى التضحية بالمكاسب المحصلة والصبر على بعض الظروف والأزمات الطارئة أو المزمنة والمهملة التي تمر بها جهة العمل بالإضافة الى ذلك مقاومة المغريات والعروض التي تقدمها جهات عمل منافسة لغرض استقطاب القدرات الوظيفية والمهارات إليها من بقية الجهات للاستفادة من خبراتها المتراكمة ومهاراتها في إدارة وتنفيذ الأعمال.

إجراءات الولاء
أهم عوامل النجاح للموظف في العمل هو الرضا الوظيفي عن المهنة ويعد كذلك من أهم مؤشرات نجاح الأعمال التي تبحث عنها أغلب الأجهزة والقطاعات الإدارية العامة والخاصة في بلادنا حيث يمثل مجموع من المشاعر والاتجاهات الإيجابية التي يبديها الموظف نحو عمله.
وتدعو الدكتورة أنيسة جميع مؤسسات وقطاعات الأعمال إلى الاهتمام بالرضا الوظيفي وقياس مؤشراته للنهوض بأدائهم وأعمالهم وزيادة إنتاجيتهم.
وتوضح أن الرضا الوظيفي رافد وداعم لعملية النمو والتطور للموظفين حيث من السهل جدا الاهتمام بالموظفين والعاملين وتعزيز قدراتهم الوظيفية وذلك من خلال تلبية الرغبات المعقولة مما تتطلبه سبل الاحترام والتقدير بالعمل بالإضافة إلى إفساح المجال للموظفين للتدريب والتعلم المستمر ما داموا يبذلون كل قدراتهم العقلية والبدنية بما يخدم النجاح ويحقق أهداف العمل.
وتتساءل : لماذا لا يحصلون على التحفيز المناسب الذي من شأنه تقوية ولائهم وتأكيد استمرار وديمومة نجاح المؤسسات والمنشأة في عملها وإنتاجها.
وتؤكد أن تحقيق النجاح في الأداء يتطلب قوانين ولوائح ونظام عمل وهيكل تنظيمي واضح يمكن من جذب واستثمار طاقات الموظفين لتعزيز حالة الولاء.
وتقترح أن يتم ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات أهمها تقديم خدمات تساعد الموظف في حياته المعيشية والمهنية وتحقق له نوعا من الراحة والاطمئنان على مستقبل عمله وكذا تقديم برامج التأمين الصحي ومشاريع الإسكان للموظفين والتسليف بدون فوائد وتقديم التعليم لأبناء العاملين .
بالإضافة إلى تحقيق العدالة الوظيفية بين العاملين في حصولهم على الترقيات ضمن نظام متكامل لا يحتوي على ثغرات ليستفيد منها البعض على حساب الآخرين والالتزام بتطوير القدرات الإبداعية والمعرفية وتطبيق خطط فاعلة للتدريب وتطوير المهارات.
وتشدد على أن المنشأة أو المنظمة الناجحة هي التي تضع لنفسها برنامجا واضحا في العمل منذ البداية وتحافظ على العاملين أصحاب الكفاءة والمهارة فيها لأنهم في الحقيقة هم من يشعرون بالانتماء والولاء للأعمال التي يرتبطون بها لأن كفاءتهم ومهارتهم في العمل تحقق لهم هذا الولاء من خلال تطويرهم للعمل وبراعتهم في إنجاح السبل التي تحقق أهداف الجهات التي يعملون بها.

نقاط هامة
تتطرق الدكتورة أنيسة مقبل إلى العديد من النقاط في قضية هامة تتمثل بالولاء الوظيفي والتي يتطلب من كافة الأجهزة الإدارية لدينا في اليمن الاهتمام بها والتمعن بمضمونها وأهدافها لإيجاد بيئة أعمال مستقرة وفاعلة ومنتجة تساهم في دفع دوران الأعمال في مختلف القطاعات .
تقول مقبل : إن تحقق الولاء في العاملين دون أن تشهد كفاءة منهم أو مهارة فهذا “كمن يجمع الماء في غربال” حيث لا يفيد ولاء هذا النوع من العاملين إلا خسارة في الوقت والجهد.
وتشير إلى أن الجهد من كل العاملين الذين يدعون الولاء للعمل دون أن يقدموا أثرا ملموسا ماديا في الأداء محققين فيه أهداف جهات أعمالهم أو الدفع بعجلة تطوير العمل إلى الأمام فإنه سيكون مجرد هواء في الفضاء لا يمتلك بقاء ولا انتماء ولا ولاء فهم لا يرتبطون بعملهم بأسس صلبة.
وفي هذه الحالة بحسب رئيسة مركز البحوث والاستشارات لابد أن يكون الدور مشتركا بين الطرفين لتحقيق الولاء للعمل وجهات ومنظمات ومؤسسات ومنشأة الأعمال.
وتؤكد على ركيزة أساسية في هذه القضية الحساسة والمثيرة والتي تقف أغلب قطاعات الأعمال حائرة أمام التعامل معها هي باختصار : الموظف الكفء هو من يكن الولاء لعمله مثلما يكنه لعائلته وبيته.

قد يعجبك ايضا