استطلاع/ وائل شرحة –
تتباهى الأمم المتحضرة في الوقت الحاضر بمدى تمسك مؤسساتها المختلفة بمبدأ تطبيق النظام والقانون.. وتستحي بعض الشعوب من هذه الأمم أن يطلق عليها دولة النظام والقانون التي يعيش فيها الحاكم والمحكوم سواسية, لا فرق بينهم, والتي يعلو فيها القانون ويطبق على الجميع دون محاباة وهذا يبث في قلوب الجميع الشعور بالطمأنينة .
ويقال أن تطبيق النظام والقانون هو السبب الرئيسي والأول في تقدم الشعوب.. “الثورة” استطلعت آراء مختصين حول كيف يتم تطبيق النظام والقانون وماهي أسباب انعدامه وخرجت بالحصيلة التالية:
في البداية أكد قاضي محكمة بني الحارث بأمانة العاصمة والمسئول الإعلامي والثقافي للمنتدى الثقافي بالأمانة القاضي رضوان العميسي أن تحقيق النظام والقانون يتطلب استقلال القضاء لأنه الركن الجوهري للدولة المدنية وبدون استقلال القضاء تغيب ما تسمى بالدولة المدنية.
مضيفاٍ: “على الجهات الحكومية استشعار المسئولية تجاه أبناء المجتمع وذلك باتخاذ الإجراءات والقرارات التي تبث الطمأنينة في قلوب الجميع بأنهم سائرون تحت دولة النظام والقانون التي ستضمن لهم استرداد حقوقهم”.
واختتم العميسي حديثه برسالة إلى كل أبناء الوطن مفادها توحيد الصف وجمع الكلمة ونبذ الفرقة وتغليب مصلحة اليمن على ما سواها من المصالح الحزبية والمناطقية والمذهبية لأن هذه المرحلة تاريخية وفرصة ذهبية لن تعود ولن يكررها التاريخ.
من جانب آخر أشار الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حميد ردمان عاصم إلى أن تطبيق القانون ليس صعباٍ بقوله “تطبيق القانون ليس صعباٍ لان الإنسان بطبيعته يحب المدنية ويحب تطبيق النظام والقانون الذي يوضح الحقوق والواجبات ويثاب من خلاله من يستحق الثواب ويعاقب من يستحق العقاب بالإضافة إلى تطبيقه على الجميع دون محاباة أو مجاملة لأحد”
ويعتقد عاصم أن وجود الدولة المدنية الحديثة التي تراعى فيها حقوق المواطنة المتساوية ويحصل الفرد على حقوقه دون معاناة وتحفظ كرامته وتصان حقوقه ويعطى حقه في التعليم والوظيفة والعيش الكريم يمد اليمنيين بالشعور بالسعادة والطمأنينة ويعزز ثقتهم وحبهم لوطنهم.
وأرجع عاصم أسباب غياب القانون إلى ما حدث بعد قيام الوحدة المباركة بين شريكي السلطة من تقاسم ومحاصصة في كافة أجهزة ومؤسسات الدولة وتوظيف عشرات الآلاف تحت مسمى المنظمات الجماهيرية ثم التقاسم الثلاثي بين كل من المؤتمر والاشتراكي والإصلاح وإرساء مبدأ الانتماء والولاء الحزبي في من يشغل الوظيفة العامة وترسيخ ذلك المبدأ وإقصاء الآخرين من وظائفهم كل تلك الأسباب وغيرها أشعرت أبناء الوطن بأن المواطنة المتساوية غير موجودة وأن القانون والشروط والمعايير لا تطبق في مناحي الحياة .
ويضيف: “كما أن شعور شريحة واسعة من أبناء المجتمع بالقهر والاضطهاد والإقصاء من تلك الممارسات في ظل غياب القانون بالإضافة إلى تنامي الإحباط في صفوف أبناء الوطن ووصولهم إلى حقائق منها أن ما يمارس من قبل السلطة هو بسبب غياب القانون وأن سبب غياب القانون هو تسلط مجموعة من الانتهازيين وأصحاب المصالح على مقاليد الأمور والانتهاك المتعمد للدستور والقوانين النافذة والتحكم في صنع القرار خارج مؤسسات الدولة واستغلال الوظيفة في تحقيق المصالح الشخصية الضيقة”.
بينما يعتقد المحامي والناشط الحقوقي عبدالكريم هائل سلام أن إعادة الحقوق لأهلها لايتم الا عبر الدولة القانونية التي يخضع فيها الحاكم لتحقيق العدالة والمساواة منوهاٍ بأن تطبيق النظام والقانون يبث الشعور لجميع أفراد الوطن بأن حقوقهم محمية بالقانون الذي يرافقه قضاء عادل ومستقل بالإضافة إلى نزاهة وكفاءة القضاة في بت القضايا من أجل حماية الحقوق والحريات العامة والخاصة.
وأرجع سلام سبب غياب القانون إلى ضعف الوعي المجتمعي الذي يعتبر محور إدارة الدولة وربطها بأشخاص سواء كانوا على مستوى الوزارات أو الدولة مما جعل أفراد المجتمع لا يعلموا بحقوقهم وحرياتهم التي ذكرها القانون..
ووجه سلام رسالة للمسئولين مفادها أن يضعوا القانون نصب أعينهم ويدركوا أن غياب القانون يزعزع الثقة في وجود دولة قانونية مشيراٍ إلى أن دولة النظام والقانون يكون الجميع فيها سواسية بدون فرق بين الحاكم والمحكوم لافتاٍ إلى أن أي معوقات لدولة النظام والقانون سيجر الجميع إلى تدمير الدولة بكل مقوماتها.
وتتباهـى الأمم المتحضرة في الوقت الحاضر بمدى تمسك مؤسساتها المختلفة بمبدأ سيادة القانون ..ولعل من المظاهر الأساسية للمدنيات الحديثة هو إخضاع الدولة وفي جميع تصرفاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية لحكم القانون .
إن من بين أهم ما يذهب إليه المفكرون حول أسباب تقدم البشرية هو احترام القوانين والالتزام بتطبيقها على النطاقين الفردي والجماعي. والدين الإسلامي قد أقر هذه الضرورة وأكد عليها وشدد على تربية معتنقيه عليها وهو يعد النظام أساسا لتسيير الحياة بالطريقة المثلى وأن عدم احترام النظام لا يجر إلا إلى الفوضى والفساد. ولأجل أن يعيش الإنسان حياة كريمة منتظماٍ في كل الأمور توجب عليه أن يحترم النظام الذي يطبق على كل مواطن ينتمي لهذه البلاد وبدون تمييز. ويحتاج الإنسان المتحضر إلى الديمقراطية ولكن حسب الضوابط القانونية والشرعية, أي أن الديمقراطية لا تعني التجاوز على حقوق الآخرين القانونية والشرعية وإحداث الانفلات الأمني, وهنا تكون المسؤولية ملقاة على عاتق المجتمع برمته ومنهم رجال الدين والقانون والتربية والتعليم وعلم النفس والاجتماع ووسائل الإعلام والأسرة وكل مكون ينتمي إلى هذا المجتمع ويمارس دوره فيه.
وعلى رغم اتساع استعمال عبارة “دولة القانون” والاستشهاد بمبادئها السامية من كل حدب و صوب على الصعيدين الداخلي والدولي بقي أن معناها الدقيق ومدى تطبيق مفاهيمها ما يزالان غير واضحين خاصة في علاقة دولة القانون بالديمقراطية.