مرحلة جديدة
علي محمد قايد
مهما تزاحمت على وطننا الحبيب المآسي والإحزان ومهما خيمت عليه سحابة اليأس، ومهما هبت عليه عواصف الغدر والخيانة ومهما سالت على أرضه سيول العمالة، ومهما غرق بعض أبنائه في مستنقعات الفتنة التي تهدف إلى تقسيم أبنائه، فسيظل الوطن وطناً شامخا بشموخ أبنائه الأوفياء والمخلصين والشرفاء الذين انتهجوا مبادئي الوطنية السمحاء والذين رخصت دماؤهم وحياتهم من أجل الوطن فهناك الآلاف بل عشرات الآلاف الذين قدموا حياتهم فداء لهذا الوطن ودفاعا عنه حتى يظل الوطن شامخا.
هناك تضحيات عظيمة قد قدمت في سبيل الوطن والدليل على ذلك أن الوطن لايزال صامدا وعلى مدار أكثر من 630 يوماً من العدوان، وهذا العدد الكبير لهو دليل كافٍ على فشل العدوان السعودي الخليجي الأمريكي البريطاني الأممي، وعلى الرغم من مواجهة العدوان والحرب الاقتصادية إلا أن هناك تحركات سياسية داخلية لما من شأنها تحديد المصير وتقرير مصيرنا السياسي متمثلا ذلك في تشكيل المجلس السياسي وبعد ذلك تشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن الحرب والحصار الاقتصادي إلا أنه صار لنا حكومة ورئيس مجلس سياسي يمثل رئيس الجمهورية .
وهذا يمثل مرحلة جديدة وبادرة أمل رغم الظروف، فنحن نواجه تحديات جمة وخطيرة متمثلة في حالة الغضب والهيجان من العدوان نتيجة تشكيل الحكومة الجديدة ومن قبلها المجلس السياسي الأعلى وتكثيف غاراتهم الجوية خاصة على المنافذ البحرية مثل الحديدة والتي تواجه قصفاً عنيفاً يهدف إلى تضييق الحصار علينا عن طريق سد المنافذ البحرية ومنع استيراد المواد الأساسية ومنع المساعدات الغذائية من المنظمات العالمية.
وعلى الرغم من الوضع المعيشي الصعب والقاسي الذي يعيشه المواطن نتيجة انقطاع الرواتب على الموظفين بسبب قرار نقل البنك ومنع موارده الخارجية إلا أن المواطن اليمني وكما هي عادته منذ العام 2011م أثبت أنه سفينة الأزمات تماما كما يوصف الجمل بأنه سفينة الصحراء، ضاربا بذلك أروع الأمثلة في التضحية والصبر وتحمل الأزمات المتراكمة والمتلاحقة والتي يهدف منفذوها إلى خلق الاضطرابات والعنف والفوضى والتخريب التي تروج له وسائل العدوان الإعلامية ولكن المواطن قد سئم المظاهرات والثورات ابتداء بثورة الربيع العربي التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع السيء .
إننا نعيش مرحلة نصر كان للمواطن اليمني الدور الكبير في ذلك من خلال معرفته بحجم المؤامرات الخارجية التي تهدف إلى تدمير الجمهورية اليمنية سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وكذا زرع الفتنة بين شرائح المجتمع اليمني وتأليب الأخ ضد أخيه والواقع شاهد على ذلك فبدلا من توحيد الصفوف لمواجهة العدوان يتم شق الصفوف لتسهيل احتلال اليمن والسيطرة على منافذه البحرية ومواقعه الإستراتيجية ومنع استخراج ثرواته حتى تظل اليمن دولة فقيرة وغير مستقرة.
وبالتالي يجب علينا جميعا أن نعي كل ذلك وأن نكف عن الصراعات والانقسامات الداخلية ومساعدة أعداء الوطن فالوطن وطننا جميعا إن حافظ عليه الجميع أما إذا أتخذه البعض وسيلة للانتقامات وتصفية الحسابات عن طريق الوقوف إلى جانب العدوان الخارجي فهذا يعني خيانة واضحة.
وطالما والجميع يمنيون وينتمون لهذا الوطن فيجب عليهم الحفاظ عليه لأن الوطن سفينة يبحر عليها الجميع فإن غرقت غرق الجميع.. يجب على الجميع أن يقدموا التنازلات من أجل خروج الوطن من محنته لا أن تكون هناك أيادٍ تبني وأيادٍ تهدم فهذا وغيره لن يساعد على تخطي الأزمات التي نعيشها إنما سيزيد من غرق الوطن وغرق الجميع.