الأسرى والأسيرات في سجون الصهاينة …هل نسيناهم !؟”

هشام الهبيشان

في عام 1974م أقر ما يسمى بـ  المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لما يسمى بـ منظمة التحرير الفلسطينية،خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/ إبريل، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى وتضحياتهم،ومنذ ذلك التاريخ كان ولا يزال “يوم الأسير الفلسطيني” يومًا لاستذكار معاناة الأسرى الفلسطينيين ومعهم الأسرى العرب ،وهنا وبهذه المرحلة أقول انه  لطالما كنت مقتنعاً وحاولت إقناع من حولي، بأن مفاهيم الإنسانية العالمية هي كذبة كبيرة وليس لها أي معنى وخصوصاً عندما تكون قضايا العرب والمسلمين هي الحاضرة، ولطالما تناقشنا بوسائل الإعلام وبالندوات الحوارية بان كلمة ومسمى المجتمع الدولي هذه الكلمة الهلامية الغامضة والتي تستعمل بمواقف وتغيب بمواقف أخرى هي كلمة أوجدت لتحمل آلاف المعاني والتفاصيل باستثناء معنى ومفهوم أن معايير الإنسانية لا تصلح لتطبق على كل بني البشر على هذه المعمورة، فمفهوم الإنسانية العالمية كذبة كبيرة ومن يصدقها فهو للأسف أحد ضحايأ كلمات عابرة ليس لها أي معنى ومن أخترعها وأوجدها هو شخص مغفل لا يعرف حقيقة هذا العالم المتصارع حضارياً ودينياً وعقائدياً واقتصادياً ولغوياً وفكرياً والناقد بفجور لكل مفاهيم الإنسانية وأكذوبتها التي نقرأ تفاصيلها على الورق وفي أحاديث الإعلاميين والساسة وليس لها أي تطبيق على ارض الواقع.
هذه الكلمات، الواردة أعلاه جاءت للتذكير بمأساة يعيشها مابين 7800-8530أسير وأسيرة فلسطيني وعربي، يقبعون بسجون المحتل للأراضي الفلسطينية والعربية، وليس أول ولا آخر هؤلاء الأسرى هو الأسير العربي السوري المحرر والأسير مجدداً “صدقي المقت” الذي قضى جل عمره “27 عاماً” قابعاً بسجون الاحتلال والذي جدد اعتقاله مؤخراً، فهؤلاء الأسرى ذنبهم الوحيد أنهم قاوموا محتلين يحتلون أرضهم قاوموا تنظيمات إرهابية عابرة للقارات “الهاغانا والاراغون وسلالتها وتناسلها المستمر لليوم” مع العلم أن هذه التنظيمات قد دعمت فصول أجرامها منذ عام 1948م والى اليوم معظم حكومات العالم، ويا ?لإجرام هذه الحكومات ولازدواجية مفاهيمها، يدعمون عصابات ويصمتون على اعتقال الآلاف من أبناء الأراضي المحتلة، فهذه الازدواجية بالمعايير تدفعني للتساؤل عن مصير هؤلاء الأسرى الذين نسوا من أقرب الناس لهم، فهؤلاء ذهبوا ضحية لإجرام عالمي تسبب بكارثة إنسانية كبرى وهي كارثة الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين يقبعون لليوم بالسجون فهؤلاء الأسرى للأسف أصبحوا عبارة عن أرقام متداولة، فالأسير أصبح عبارة عن رقم بقواميس وأجندة المنظمات العالمية التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان، والإنسانية والإنسان الفلسطيني من هذه المنظمات براء.
هناك اليوم الكثير من القصص والحكايا التي تحكى في بعض الإعلام العربي وبعض العالمي عن معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون ، مع صمت رهيب يطبق على دوائر صناعة واتخاذ القرار العربي والعالمي بهذا الإطار، فالأسرى الفلسطينيون والعرب والذي غفل العالم كل العالم وأكذوبة الإنسانية والمجتمع الدولي عن معاناتهم، وكأن هؤلاء الأسرى أصبحوا بنظر أكذوبة ما يسمى بالمجتمع الدولي هم أرقام عابره ليس لها أي معنى بل قد يكونوا قد أصبحوا بنظر هذا العالم عبارة عن أرقام وضحايا لإجرام وحروب هذا العالم، والواضح أنهم بالفعل قد أصبحوا هكذا والدليل أن لا احد يكترث لأمر هؤلاء الأسرى.
المؤلم أكثر هنا أن المنظمات الإنسانية العالمية والتي أتضح بعد عدة تجارب معها أنها هي الأخرى جزء لايتجزء من أكذوبة ومنظومة هلامية تسمى بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، وهنا فمن المحتمل أن يكون الإنسان العربي والفلسطيني لا يدخل ضمن حساب ومعادلات الإنسانية بنظر هذه المنظمات، والذي يؤكد هذا الطرح أن قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون هي من آخر اهتمامات هذه المنظمات، فهذه المنظمات وأذرعها الإعلامية أن تحدثت عن قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب، تحدثت بحياء وضمن حيز زماني ومكاني مغلق بكل المقاييس، فاليوم لا يمكن إنكار ان معظم المنظمات العالمية المختصة بحقوق الإنسان كانت سبباً بما يجري للأسرى، فهذه المنظمات العالمية وللأسف أصبحت جزء من منظومة دولية تتقن فن صناعة الأكاذيب التاريخية التي يصدقها المغفلون ويتأثر بها العاطفيون ويجني ثمارها سماسرة الحروب.
فبعد كل هذا لا اعرف إلى أي مدى سوف تستمر مأساة الأسرى الفلسطينيين والعرب بظل حروب الإنسانية المصطنعة على هؤلاء الأسرى، فهؤلاء الأسرى أصبحوا ضحية لكل المفاهيم والشعارات الكاذبة والمضللة، فمأساة هؤلاء الأسرى هي من أسقطت كل أقنعة الإنسانية الكاذبة، وعرت كل مفاهيم ومصطلحات من يتحدثون عن أكذوبة المجتمع الدولي الواحد ،، فإجرام العالم بحق هؤلاء الأسرى يستحق أن يكون هو العلامة الفارقة التي ستسقط كل الشعارات المظللة من مفاهيم الإنسانية إلى مفاهيم المجتمع الدولي إلى مفاهيم مصداقية الإعلام وو.. ألخ، فالعالم كل العالم بحكوماته ومنظماته الدولية والمحلية كان سبباً بما يجري من تعذيب ممنهج يمارس بحق هؤلاء الأسرى.
ختاماً، لن أدعو الحكومات العربية ولا المجتمع الدولي ولن أخاطب شعوب العالم بلغة الإنسانية، لأن هذه المفاهيم الكاذبة قد سقطت منذ زمن، وهنا سأدعو كل حر وشريف بهذا العالم إلى أن يكون بخندق وصف هؤلاء الأسرى، هؤلاء الأحرار الشرفاء الغيورين على أوطانهم، والذين كان ذنبهم الوحيد، أنهم دافعوا بشراسة عن فلسطين “العربية -المسيحية -المسلمة”، فأصبحوا للأسف عبارة عن أرقام يتحدث بها البعض هنا وهناك، ومن هنا فواجب الدفاع عن هؤلاء الأحرار هو واجب مقدس، وواجب التذكير بمعاناتهم والحديث عن مأساة واقعهم المعاش في السجون الإسرائيلية هو فرض وواجب على كل مسلم وعربي وغربي وشرقي بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي …..
* كاتب وناشط سياسي -الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com

قد يعجبك ايضا