■ وزارة المالية تؤكد أن العدوان على اليمن أدى لتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 42 % وسبب ارتفاع نسبة الفقراء لمستوى 85 %
الثورة نت /كتب/ أحمد الطيار
توقعت وزارة المالية استمرار تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لبلادنا خلال العام الجاري 2016م بنحو 6% بعد أن انخفض عام 2015م بنحو(34.8%) مما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عامي العدوان انخفض عما كان عليه عام 2014م بما نسبته (42%).
وبينت الوزارة في احدث تقاريرها الاقتصادية الراصدة للوضع الاقتصادي اليمني أن معدل التضخم لأسعار المستهلك عام 2015م بلغ نحو (24%) متوقعة أن لايقل عن (10%) عام 2016م ، أي بمعدل تضخم للعامين يصل إلى (34%).
مشيرة إلى أنه نتيجة للعدوان وما أحدثه من تأثيراته السلبية فقد انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي خلال عامي 2015، 2016م بنسبة كلية تصل إلى (60%) ، وهذا ما أدى إلى ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر من نحو (62%) عام 2014م إلى ما يقارب (85%) عام 2016م ، وارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من (52%) من إجمال قوة العمل بسبب تدمير العديد من الوحدات الإنتاجية الأساسية والكبيرة وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية في قطاع البناء والتشييد والمناجم والصناعة والزراعة وغيرها ، وتخفيض العديد من الوحدات الاقتصادية إنتاجها ، وهذا ما يعني خروج جزء كبير من السكان والوحدات الإنتاجية من التكليف الضريبي ، وهذا ما أدى إلى انخفاض مجمل الوعاء الإيرادي بنسبة لا تقل عن (40%) مقارنة بعام 2014م).
وعن المستوى الايرادي المالي للدولة كشفت الوزارة أن الإيرادات الذاتية غير النفطية انخفضت عام 2015م من مستواها عام 2014م بما نسبته (15.4%) بينما انخفض حجم الوعاء الإيرادي لها خلال نفس الفترة بما نسبته (40%) ، وهذا ما يثبت أن نسبة تحصيل الإيرادات إلى حجم الوعاء الإيرادي المتاح تحسنت عام 2015م عما كانت عليه خلال عام 2014م بنسبة (17.5%) ، وذلك رغم الأوضاع والظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المستقرة.
ويكشف التقرير عن جهود وزارة المالية في المحافظة على الاستقرار المالي للدولة وفندت كل الادعاءات التي تظهرها بعكس مشيرة إلى أنها لم تقم بتقييد الإنفاق الحكومي في حدود الإيرادات لان ذلك كان سيسبب انكماشا اكبر مما هو حاصل حيث إن البيانات النقدية تظهر انخفاض كل من صافي الأصول الخارجية ورصيد المطالبات على القطاعات غير الحكومية نهاية عام 2015م مقارنة بالفترة القابلة من عام 2014م بنحو (665) مليار ريال بما نسبته (33%) وهذا ما كان سيترتب عليه في حالة تقييد إجمالي الإنفاق الحكومي في حدود إجمالي إيرادات العام 2014م وبالتالي عدم الاقتراض من البنك المركزي أو من الجهاز المصرفي والقطاع الخاص ، فإن إجمالي العرض النقدي كان سينخفض بما نسبته (21.4%) وفي ظل تراجع إنفاق القطاعات غير الحكومية حتماً كان سينخفض أيضاً الطلب الكلي وبالأخص الاستهلاكي بنسبة لا تقل عن (21.4%) وهذا ما كان سيؤدي إلى اتجاه الاقتصاد القومي نحو مرحلة الركود الاقتصادي وبالأخص في ظل استمرار نفس الظروف خلال عام 2016م .
وترى الوزارة أن الإنفاق الحكومي والذي يمثل في المتوسط (33%) من الناتج المحلي الإجمالي مثل المحرك الرئيسي للأنشطة الاقتصادية ، وهذا ما يظهر واضحاً على حركة السوق خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة (8 ، 9، 10 /2016م ) جراء تأخر صرف المرتبات ، وهذا ما يؤيده نظرياً وعملياً نظرية كينز والنظرية النقدية الحديثة وعليه يمكن الجزم أن المحافظة على أداء الجهاز الحكومي وبالأخص في جوانبه العسكرية والأمنية والاقتصادية أهم بكثير من مستويات التغيرات في المؤشرات الاقتصادية والمالية النقدية في ظل الظروف والأوضاع التي تمر بها بلادنا .
وعن أسباب أزمة السيولة نوهت الوزارة لملاحظات العديد من التقارير الاقتصادية والتي لم تستطع معالجة لب المسألة بل هناك خلط واضح بين أسباب السيولة بالعملة المحلية والسيولة في السوق المحلي للنقد الأجنبي موردة العديد من أسبابها وعلى رأسها الحصار الاقتصادي الشامل والذي ترتب عليه فقدان الاقتصاد القومي عائدات الصادرات من السلع والخدمات وبالأخص من النفط والغاز بما لا يقل عن (5000)مليون دولار سنوياً بما نسبته (45%) من عائدات الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي المتوقعة عام 2015م ،وكذلك ارتفاع حجم وكلفة الواردات بسبب الحصار وضرب العديد من المنشآت الإنتاجية العامة والخاصة الكبيرة ، وهذا ما تسبب في زيادة الطلب على العملات الأجنبية.
ومن بين الأسباب الرئيسية لازمة السيولة توقف السحب من القروض والمساعدات الخارجية ، هذا إلى جانب توقف تدفق الاستثمارات الأجنبية وعدم السماح بتحويل مستحقات الشركات الوطنية لدى جهات خارجية (مثل قطاع الاتصالات) ووضع العراقيل لتدفق تحويلات المغتربين ، وكذا عدم السماح للوحدات الاقتصادية الوطنية وبالأخص المالية بتحويل ما لديها من موارد مالية بالعملة السعودية إلى عملات دولية بما يسمح لها تغذية أرصدتها لدى مراسليها في الخارج .
وتعزي الوزارة أيضا السبب في أزمة السيولة إلى عدم إيلاء متخذي القرار الملف الاقتصادي الأهمية التي يستحقها من وقت مبكر إلى جانب قيام البنوك التجارية بتنفيذ سياسات غير صحيحة دون اتخاذ البنك المركزي أي إجراءات ضدها وكذا ضعف التنسيق والتكامل بين السياسات النقدية المنفذة والسياستين الاقتصادية والمالية ، وذلك كله في ظل قيام دول العدوان وبالتنسيق مع حكومة العملاء والمتعاونين في الداخل بتوسيع وتعزيز سياسات الحصار الاقتصادي وخلخلته وضربه من الداخل بصورة مدروسة ومستمرة .
كما تبرز الاحتكار الواضح لعمليات تحويلات المغتربين عبر صرافين معتمدين لدى دول العدوان ومنذ أمد بعيــــد جداً .
وحول المشاكل التي أدت لعدم تحصيل الموارد السيادية بالشكل الكافي تقول الوزارة أن البيانات الرسمية الاقتصادية والمالية تظهر أن العدوان والحصار الاقتصادي ترتب عليه توقف إنتاج وتصدير النفط والغاز منذ نهاية مارس 2015م وحتى يومنا هذا وخروج العديد من الوحدات الإنتاجية الكبيرة العامة والخاصة من دائرة الإنتاج أما بسبب تدميرها من قبل دول العدوان أو عدم توفر مدخلات الإنتاج بسبب الحصار ، هذا إلى جانب انخفاض إنتاج العديد من الوحدات الإنتاجية في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج مما ترتب عليه انخفاض مستوى أرباحها ، وكذا سقوط العديد من المناطق الهامة بيد دول العدوان وعملائهم وخروج عائداتها عن سيطرة الدولة وبالأخص منافذ التجارة الخارجية في ظل تدمير وإغلاق مختلف المنافذ تحت سيطرة الدولة ، وكنتيجة لذلك إلى جانب ارتفاع مستويات الفقر والبطالة انخفض حجم الوعاء الإيرادي المتاح من النفط والغاز بنسبة (72%) عام 2015م و(85%) للفترة يناير – سبتمبر 2016م ، وللإيرادات الذاتية غير النفطية خلال نفس الفترة كنسبة كلية (42%) ، هذا في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة الانخفاض في المحصل الفعلي من الإيرادات الذاتية غير النفطية خلالها (20%) وإجمالي النفقات العامة ما نسبته (17%) وهذا ما يعكس دور وزارة المالية الكبير وفي ظل الأوضاع الأمنية والسياسة الاقتصادية الصعبة في متابعة تحصيل الإيرادات وترشيد الإنفاق وتوفير مصادر لتمويل العجز الكبير طيلة (16) شهراً في ظل الحرب الشاملة والحصار الاقتصادي الشامل أيضاً.
وتظهر البيانات المالية أن إجمالي الإيرادات غير النفطية لعام 2015م تتجاوز حجمها لعام 2010م ( الذي كانت خلاله الأوضاع مستقرة) بما نسبته (11.5%) .
ويوضح التقرير جهود وزارة المالية مع البنك المركزي في تنفيذ سياسة مالية ونقدية لمواجهة العدوان الاقتصادي فيشير إلى أنها عملت ومنذ بداية عام 2014م وقبل العدوان بإعداد العديد من المقترحات والتقارير والدراسات ليس في الجانب المالي فحسب بل وبعض الجوانب الاقتصادية منها ورفعها إلى مجلس الوزراء والسلطة العليا، بل وكثفت الوزارة جهودها منذ بداية العدوان وحتى يومنا هذا ، وذلك استشعاراً منها بخطورة الحرب الاقتصادية ونتائجها الكارثية على كافة فئات المجتمع ومناطق اليمن وبالأخص في جانبها المالي.
وبخصوص الأسباب المتعلقة بإدارة السيولة النقدية :تلفت الوزارة لتدني دور الجهاز المصرفي في النشاط الاقتصادي حيث لا تتجاوز نسبة مساهمة قطاع التمويل والتأمين في توليد النتائج المحلي الإجمالي (3%) هذا إلى جانب ارتفاع حجم السيولة النقدية بالعملة المحلية أو الأجنبية لدى القطاع الخاص مقارنة بما لدى الجهاز المصرفي ، وهذا ما تظهره انخفاض نسبة قروض البنوك التجارية والإسلامية للقطاع الخاص لتمويل الاستثمار أو التجارة الخارجية ، حيث لا تتجاوز نسبة القروض بهدف الاستثمار إلى إجمالي استثمارات القطاع الخاص (11%) وقروض تمويل الواردات إلى إجمالي الواردات (8%) ، وهذه النسب تعكس مدى ارتفاع حجم السيولة النقدية لدى القطاع الخاص ، وهذا ما مثل قيد ومنذ أمد بعيد على قدرة البنوك التجارية توسيع أنشطتها وحشدها للموارد المحلية في توسع وتسهيل حركة الأنشطة الاقتصادية ، هذا إلى جانب تسهيل خروج رأس المال الوطني إلى خارج الوطن فور حدوث أي اضطرابات سياسية أو عسكرية وذلك ما حدث بعد أحداث 2011م ، حيث قدر رأس المال الوطني الذي تسرب إلى الخارج بنحو (8)مليارات دولار ، وربما ما يقارب هذا المبلغ منذ اندلاع الحرب العدوانية الأخيرة ، وهذا ما جعل الاقتصاد والمجتمع يفقد جزء كبير من موارده الوطنية التي هو في أمس الحاجة إليها في مثل هذه الظروف للتخفيف من الآثار الكارثية للعدوان الغاشم والحصار الاقتصادي الشامل.