كانت المدينة القديمة الصغيرة جرابلس -على الحدود السورية التركية -رمزًا لأكبر تدخل للجيش التركي في الحرب السورية، والتي بدأت منذ نحو خمس سنوات، في شوارع هذه المدينة يوجد نحو 25 ألف شخص، بالإضافة إلى المتمردين السوريين والجيش الحر، جميعهم يجولون في الشوارع، في حين يجهز المسؤولون الأتراك المواطنين المحليين لعقد مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية.
بدأ المسؤولون الأتراك في توزيع الغذاء على سكان المدينة السورية عند وصول الأجانب، أثناء تصوير المباني المدمرة التي استولى عليها الجيش التركي، وقضت وسائل الإعلام الأجنبية ذلك اليوم برفقة مسؤولي الحكومة والجيش التركي، ولكن بعد سيطرة الجيش على هذه المدينة الحدودية، ظهرت طموحات وحدود رؤية الرئيس رجب طيب أردوغان، للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
بدأت القوات التركية في شن عملية درع الفرات، حيث تأمل بالتعاون مع الجيش الحر في إنشاء ما يسمى بمنطقة عازلة بمساحة 5 آلاف كيلو متر مربع، تمتد لعمق الأراضي السورية، ليعيش السوريون الفارون من الحرب هناك تحت حماية أردوغان.
وبعيدًا عما يقوم به الجنود الأتراك، يبدو أن جرابلس تعد رمزًا بديلًا لإحباط أهداف السياسة الخارجية لأردوغان، في الحرب التي أراد دومًا لعب دور كبير بها.
توج أردوغان قراره بإرسال قوات تركية إلى سوريا منذ سنوات، باعتبارها الحديقة الخلفية لبلاده، خاصة بعد دعم الولايات المتحدة للأكراد، والذين يعتبرهم أردوغان إرهابيين، بالإضافة إلى دعم روسيا للحكومة السورية، في حين يسيطر تنظيم داعش والأكراد على أجزاء كبيرة من المناطق الحدودية السورية مع تركيا.
كان الهجوم على جرابلس في أغسطس الماضي ظاهريًّا لمحاربة داعش، ولكن بنظرة أبعد كان بهدف محاربة الأكراد السوريين، الذين تراهم أنقرة امتدادًا للأكراد الأتراك على المناطق الحدودية، حيث يخشى أردوغان من اتحاد الأكراد في سوريا والعراق وتركيا، والسعي للاستفادة من الصراع في المنطقة لإقامة دولة فعلية في شمال سوريا.
ومع ذلك تم إحباط طموحات أردوغان الإقليمية، حين بدأت القوات العراقية العسكرية معركتها في مدينة الموصل مؤخرًا، في حين أن القوات التركية المرابطة هناك دون إذن الحكومة العراقية أصبحت خارج ثاني أكبر المدن العراقية، وتم إخراجها من خطط المعركة. وما حدث أغضب أردوغان، وأصر أن تشارك تركيا في المعركة، ولكن دون جدوى.
ومن جانبه قال نهاد على أوزكان، ضابط عسكري تركي متقاعد، إن موقف أردوغان في الموصل كان جزءًا من أهدافه ودعم موقفه الخاص، خاصة بعد سحقه محاولة الانقلاب في يوليو الماضي، مضيفًا أن “أردوغان يستغل الفرص الخارجية كوسيلة للضغط على القضايا الداخلية”.
يقول محللون إن رغبة الرئيس للقيام بدور في عملية الموصل ولدت بسبب طموحاته، خاصة بعد نشر قوات تركية في مدينة جرابلس في أغسطس الماضي، وكذلك مدينة دابق في الأسبوع الماضي.
نقلاً عن البديل المصري
Prev Post
Next Post