وجهان لعملة واحدة
عادل عبدالاله العصار
(اسرائيل – السعودية) وجهان لعملة واحدة صنعتها بريطانيا لترجمة سياستها ومخططها الاستعماري الذي بدأت ترجمته أوائل القرن العشرين والذي يتمثل في تدمير الدول والكيانات التاريخية في الوطن العربي (العراق، اليمن، مصر، الشام) وتجزئة الهوية والتاريخ والثقافة للشعب العربي الواحد والتسريع بإندثارها وتلاشيها من خلال استبدالها بكيانات جديدة وثقافات مشوهة لا تنتمي للمنطقة ولا تتصل بماضي الأمة التاريخي والثقافي..
بريطانيا كصانعة للكثير من الكيانات الطارئة أوجدت إسرائيل وأوجدت السعودية -وملحقاتها الهزيلة- كدولتين وكيانين سياسيين، أوكلت إلى كل منهما مهمة ودورا تلعبه في مشروعها التدميري الكبير ..
إلى إسرائيل أوكلت مهمة تدمير القومية العربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا وجغرافيا وإيصال الأمة العربية لمرحلة الإذلال والقبول بالمحتل كشريك سياسي واقتصادي يقاسمها الأرض والثروة..
أما السعودية فأوكلت إليها مهمة تدمير الأمة دينيا وثقافيا وضرب الإسلام في معقله وتزييف مبادئه ووضع أسس ومبادئ غريبة وإلصاقها بالإسلام وإشعال نيران الفتنة الطائفية والمذهبية وإيصالها لمرحلة التكفير وإنكار كل مذهب إنتماء المذهب الآخر للإسلام والتعامل معه كدين لا يلتقي ولا يتفق مع الدين الإسلامي بأي شكل من الأشكال..
يكفي أن نتوقف لقراءة ما شهده العالمين العربي والإسلامي منذ أوائل القرن الثامن عشر وحتى اليوم لندرك أن المشروع الاستعماري لم يستطع ولم يتمكن من دخول الوطن العربي إلا عقب ظهور مذاهب جديدة وديانات مستحدثة في قلب العالم العربي والإسلامي المنهك بالخلافات والصراعات المذهبية والطائفية التي مثلت خطوة الاستعمار الأولى وسلاحه الأكثر فتكا وتدميرا في جسد الأمة العربية الحريصة على أن تظل سجينة مستنقع الخلافات والصراعات المذهبية والطائفية التي تشعل فتيلها وتديرها قوى الاستعمار بجدارة وامتياز..
قد لا يتفق البعض مع ما طرحته هنا لكن اتفاقهم أو عدم اتفاقهم لا يعني ان ننظر لمثل هذه الأطروحات كترهات وكلام عابر بقدر ما يعني التوقف عندها وقراءة ما يدور وما تشهده المنطقة العربية منذ ما يزيد عن مائة عام وحتى اليوم بمنطقية وحيادية إن كنا فعلا نريد معرفة الحقيقة ولا نريد لهذه الأمة التلاشي الاندثار..