رسائل السماء
علي احمد جاحز
يقال أن العدوان الأمريكي السعودي عاد ليقصف ويدمر ، قلت ومتى توقف حتى يعود ، ربما انه كان يبحث عن مخرج خلال الفترة الماضية بعد أن تبين له فشله طوال ما يتعدى الـ 500 يوم ، لكنه في الواقع قد فعل في بداية العدوان ما كان يمكن أن يوفره لحرب عشرين سنة ، وحين يأتي اليوم ليعود من جديد لقصف مصنع البفك مثلا ، وضحيان وحيدان ومران وكتاف وإب والحديدة ، أو حتى يقصف مناطق عسكرية مثل قاعدة الديلمي والحفا والرئاسة والنهدين وعطان والصمع وخشم البكرة ووووو الخ ، فإنه عبثا يحاول أن يقول سأخيفكم .
لم يأخذ شعب في العالم جرعات تحصين ضد الخوف والذعر والجوع والموت مثلما أخذ الشعب اليمني على مدى 500 يوم صبت عليه الصواريخ والقنابل صبا ، فتعايش مع كل تلك الأصوات المروعة والمناظر المؤلمة والمآتم المبكية والواقع المرير ، وهي الجزئية التي لا يبدو أن العدوان فهمها بعد ، بل لا يبدو انه بوارد أن يفهم وأن يعي أن مالم يحصل عليه ولديه القدرة على أن يمطر صواريخ وقنابل من الجو ويغرق المرتزقة بالمال والسلاح في البر ، لن يحصل عليه وقد أصبحت طائراته تحلق عارية خاوية الأمعاء تائهة لا وجهة لها ولا هدف ، ومرتزقته يتساقطون هزالى مكسورين من داخلهم متناحرين في ما بينهم .
لن يفعل العدوان أكثر مما قد فعل ، لن يقتل أكثر مما قتل ، لن يحرق أكثر مما أحرق ، ولن يحاصر أكثر مما حاصر ، فالمسألة ليست كما يتخيل الأغبياء والموتورون والمرجفون مجرد إلقاء قنابل وصواريخ من الجو على الناس ليهزمهم ويخيفهم ، لو كان كذلك كانت حسمت الأمور منذ الشهر الأول ، لكنها مسألة تتعلق بالقوة التي يحملها من يمتلك الأرض والقضية والاستعداد التام للتضحية والصمود بوجه القوة مهما بلغت ، هذا ما أثبتناه طوال الشهور الماضية .
فليقصفوا ، فإن ما يمتلكون من مخزون لم يعد كما كان في بداية العدوان ، ولم يعد تحالفهم متحمسا كما كان ، ولم يعد بإمكان صناع السلاح إمدادهم به بالشكل الذي كان بداية العدوان ، ولم يعد الغطاء الدولي قادرا على ستر جرائمهم كما كان ، ولم تعد أمريكا قادرة على الاختباء من المسؤولية كما كانت ، وفوق كل ذلك فإن الاقتصاد السعودي الذي انهار بسبب كلفة العدوان على اليمن لا يمكن أن يحتمل أن يدفع كلفة إضافية لا كتلك التي جعلته ينهار ولا أقل منها ، فالأمور اليوم كليا مختلفة ، إلا إذا كان العدو ينوي الانتحار فإنه سيفعل و ستكون النتيجة أسوأ عليه من النتيجة الحالية .
ففي المقابل نحن أقوى من قبل 500 يوم بفضل الله ، وصفوفنا متراصة أكثر مما كانت بداية العدوان ، واستعدادنا للتحمل والصمود أكبر مما كان بداية العدوان ، وأداؤنا السياسي والإعلامي والثقافي أرقى مما كان ، و فوق كل ذلك فإن إصرارنا على النصر والتحدي أقوى وأبلغ مما كان بكثير ، وأبطالنا في الجبهات أكثر بكثير مما كانوا ، والحمد لله .
طوال العام الماضي والعام الحالي أمطرتنا طائرات العدوان بآلاف الأطنان من النيران ، وفي المقابل أمطرت السماء ذهبا ولؤلؤا وسكينة وطمأنينة على ربوع اليمن، لم تشهد اليمن كل هذا الخير الوفير الذي جادت به السماء هذا العام منذ عقود طويلة ، وهي رسائل سماوية بالغة الدلالات على أن السماء تطهر الأرض ، تطهرها من دنس الوصاية والعبودية المقيتة للخارج ، ومن مخلفات الوجع التي تركتها النيران التي أمطرتها طائراتهم الخائبة .
وفي نفس الوقت ، تقول رسائل السماء أن ثمة منفذاً كبيراً وواسعاً يدخل منه الخير لا تستطيع بوارج وطائرات العدوان أن تغلقه أو تتحكم فيه ، باب يصب الخير صبا ، ولأن اليمن بلدة طيبة وتربة خصبة وشعب صبور ومثابر ومنتج سوف يعرف كيف يتلقى الخير القادم من السماء وكيف يديره في الاستغناء عما يأتي معلبا من الخارج ، وسيجعل الخارج يتهافت لشراء الفائض الوفير من منتجات الأرض الثرية التي لا تبخل والغيث بخيل ، فكيف ستبخل والغيث جم مدرار .