هدر 85 % من ساعات الدوام الرسمي للعمل


محمد راجح –

تجولت “تنمية بشرية” في العديد من قطاعات الأعمال والوزارات والمؤسسات واطلعت على بعض حافظات الدوام الرسمية التي توضح المعضلة الرئيسية التي تعاني منها اغلب الأجهزة الإدارية في بلادنا والمتمثلة بتراجع الأداء الوظيفي الذي تتوزع مشاكله بين التسيب والغياب والهدر المخيف لساعات العمل.
وأصبح “الدوام” في الجهاز الإداري لقطاعي الأعمال العام والخاص على المحك نتيجة للاختلالات الإدارية الحاصلة وغياب وسائل التحفيز المناسبة التي تساهم في ربط العامل أو الموظف بمنشأته وعمله الأمر الذي أدى إلى سيطرة “الملل” على الأداء الإداري في اغلب قطاعات الأعمال.
ووفقاٍ لتقديرات خبراء في مجال إدارة الأعمال فإن نسبة الهدر في ساعات الدوام الرسمي للموظفين والعمال في المؤسسات العامة بشكل خاص يصل إلى حوالي 85%

الـــدوام ينــقرض والــملل يسيطر

يرى خبراء أن أسباب هدر ساعات العمل تتنوع منها ما هو مرتبط بمؤسسات الأعمال والتي تعاني من فوضى إدارية عارمة وغياب الضوابط والآليات الإدارية الصحيحة لتسيير أعمالها وكذا غياب ثقافة الإبداع والابتكار كعاملين رئيسيين دافعين لتطوير الأداء وزيادة الإنتاجية وتحفيز الكادر الوظيفي .
ويرى ياسين مطهر أستاذ الإدارة بصنعاء أن الموظف يتحمل نسبة كبيرة في ذلك بعد استسلامه للملل وللروتين اليومي الذي جعله أسير عادته السيئة مثل القات والسهر وإهمال جوانب التطوير والتأهيل اللازمة لتطوير أدائه وإكسابه العوامل الملائمة لتحفيزه ورفع كفاءته وإنتاجيته .
ويشير إلى أن عملية الهدر الحاصلة لساعات العمل احد الأسباب الرئيسية لانخفاض مستوى أداء قطاعات الأعمال وعجزها عن زيادة إنتاجيتها وتطوير الأداء الإداري بالأسس والأساليب الحديثة.
ويضيف أن أسباب ذلك تتضمن العديد من المؤثرات العملية أو الشخصية تتمثل في غياب العمل المؤسسي وترهل الإدارة وغياب التحفيز الوظيفي والتشجيع وكذا التساهل في الأعمال وللظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالموظفين.
ويشير إلى طبيعة الموظف اليمني نتيجة للبيئة الاجتماعية التي يستمد منها بعض الأعراض المرتبطة بالقلق والتوتر والهموم المعيشية والضجيج والصخب الذي يملأ حياة المواطن اليمني.
ويلفت إلى أن تلك العوامل وغيرها تفقد العامل اليمني همته في العمل وعدم الرغبة الذي يمكن أن يتلافى ذلك من خلال اتباعه العديد من التعليمات والتزامه بضوابط ونظم تجعله يعود بشكل سريع إلى عمله ويجتهد فيه ويتحول إلى عامل منتج.
دوافع
تجد أغلب الأعمال والمهن في بلادنا عاجزة عن تقديم أي جديد يسمح لها بالتقدم والتطور وزيادة فاعليتها وإنتاجيتها ويعود أحد أسباب ذلك إلى مشكلة كبيرة اسمها “الملل” الذي سيطر على أفرادها وموظفيها.
ويقول مسئول إداري في إحدى منشآت الأعمال أن انعدام الرغبة المشكلة الرئيسية في هدر ساعات العمل أو بقاء العامل أو الموظف في مكتبة عالة على عمله لعجزه عن تطوير أدائه وتقديم أفكار تساهم في دفع عجلة الأداء وأيضا جعله عاملاٍ مؤثراٍ في منظومة الأداء التي يعمل بها.
ويقول إن الضرورة تقتضي وضع حد لعملية الهدر الحاصلة في ساعات العمل الرسمية وهذا يقتضي تطبيق أنظمة حديثة وفاعلة لتطوير الأجهزة الإدارية واقتراب القيادات المسئولة أكثر من موظفيها ومنظومة الأداء التي تديرها وإيجاد رؤى مشتركة تساهم في إزاحة غمة الملل والتقاعس ووقف ساعات الهدر الكارثية والمعطلة للعملية الإنتاجية .
عجز تام
يقول الباحثون وعلماء النفس إن معظم الناس يحبون أن يكونوا منتجين لكن شيئاٍ ما قد يقعدهم عن ذلك مثل الاكتئاب وعادات النوم السيئة والمرض والعجز وقد يكون الأمر مقلقٍا بثقافة المنظمة أو بيئة العمل.
ويرى خبراء أن الأسباب المؤدية إلى إصابة أي فرد بالملل كثيرة ومتنوعة, وتختلف من فرد إلى آخر باختلاف ميوله, وبيئته, وظروفه الشخصية والاجتماعية, ودرجة ثقافته, واتجاهاته ونظرته للحياة بصفة عامة.
واضعين العديد من المقترحات والوسائل المفيدة لمواجهة الملل والسيطرة عليه وعلاجه.
تأتي في مقدمة الوسائل التي يقدمها الخبراء إدارة وقتك بكفاءة حيث أن التخطيط لإدارة الوقت أمر مهم وضروري لكسر أسباب الملل والتغلب عليها, فالفرد المنظم في وقتهº المقدر لهº العالم بأنه رأس ماله الحقيقيº تجده محافظاٍ على كل لحظة من لحظات حياته.
أيضا تنظيم الأعمال لأن في كثير من الأحيان كثرة المهام والأعمال تصيب الإنسان بالخوف من عدم القدرة على إنجازها, فيضجر ويمل, ويترك هذه الأعمال, وتكون العاقبة إما تأخره في عمله أياٍ كان, أو في دراسته.
ويرى خبراء التنمية البشرية أن تنظيم الأعمال وتجزئتها وتصنيفها من حيث المهم فالأهم, يبعد عنك شبح الملل, ويجنبك إهمال إنجازها, ويجنبك أيضاٍ تبعات هذا الإهمال.
وينصح الخبراء بالعديد من الأشياء أهمها الابتعاد عن تشتيت الذهن في أكثر من عمل في الوظيفة نفسها وترك كل القضايا الاجتماعية أول ما يصل الموظف إلى عمله وكذا وهو الأهم الاهتمام بالصحة والابتعاد عن السهر وقلة النوم والابتعاد عن تعاطي القات أو تخفيفه وممارسة الرياضة والاهتمام بالتنزه بعد انتهاء العمل وإنجاز المهام كلُ على حدة وعدم الانشغال بأكثر من مهمة في نفس الوقت بالإضافة إلى عملية التحفيز المالي والإداري وهي الأهم التي تخلق الدافع لدى العامل أو الموظف.

قد يعجبك ايضا