كارثة العمالة
عبدالرحمن غيلان
لماذا باعوا وطنهم للمعتدي عليه؟ ولماذا فجأة تحوّل أدعياء الثقافة إلى جوقة رخيصة للمحتلّ ؟ ولماذا سقطت منظومة الأخلاق في بئر النفط الصحراوي بعد أن كانت يافطات زهو وادعاء ؟
لماذا كل هذا الفتك بالإنسان لمجرد موقفه الصامد ضد العدوان ؟ ولماذا توحّشت النفوس وانتُهكت الأعراض وسُفكت الدماء داخل الوطن لإرضاء الخارج البغيض الذي زرع نبتة الشر ؟
إنّ ما حدث ويحدث من استهدافٍ مقصود للأرض والإنسان ، ومن تطهيرٍ عرقيّ عبر جرائمٍ يندى لها الجبين لهي كوارث إنسانية لن تسقط بالتقادم ، بل هي فاتحة شؤمٍ على بلدٍ بأكمله .
لم تعد الكرامة معياراً لسموّ البشر بقدر ماهي معيار غباء وسذاجة يتندّر بها المتهافتون على بيع أرواحهم وحرياتهم قبل بيع من حولهم وأوطانهم.
بالمال – للأسف – سقطت الشعارات البرّاقة.. واليافطات اللمّاعة.. والأدعية المأثورة في جوف الأدعياء.. وبهتت الألوان التي كنا وكان الجيل الذي سبقنا يعوّل على زهوها ومددها الأخّاذ.
سقطت قامات كنا نظنّ أنها كبيرة .. وسقطت كيانات كنا نعتقد بأهميتها المحلية والعربية والعالمية .. وسقطت حكومات وأنظمة ما كان لها أن تسقط ويسقط أولئك الأفراد لولا سوأة المال وبزنس العمالات والتصفيات القذرة من أصحاب البذَخ السلبيّ اللا محدود.
على إثر ذلك ضاعت شعوب وتاهت أفكار وتباعدت الألفة والمحبة.. وتعالت خنادق الفتنة وعويل أمهات الضحايا، وتكاثر الفرز بالاسم والمنطقة والانتماء المذهبيّ والفئوي.. وسادت فُرقة لن تزول ولن يعود أهلها للحق إلا بعودتهم الأصيلة لفطرتهم الإنسانية الخالية من عيوب المال وبيع الضمائر لأولئك البشر ممن يقتاتون على الفتن وزرع العداوات بين الشعوب وضرب عصافير الأمل بحجر البزنس اللعين.