سباق التسلح يغير ميزان القوى بالعالم


عبدالملك السلال –
يشهد العالم تغيرات استراتيجية جذرية وتحولات كبرى في طريقها إلى تغيير ميزان القوى والخريطة الدولية والخارطة الجيوسياسية.
هذه التغيرات المتسارعة أشعلت صراعات مفتوحة في كل جوانب الكرة الأرضية بسبب حاجة الدول الملحة للطاقة والثروات الطبيعية ومصادر المياه وتنافسها على مكانة في نادي الأقوياء. هذا التنافس زاد من حدة سباق التسلح في العالم والذي زادت من خطورته رغبة بعض الدول على غرار كوريا الشمالية وإيران في امتلاك السلاح النــووي.
وبلغ حجم الانفاق العالمي على الميزانيات العسكريةوشراء الاسلحة 1.75 تريليون دولار في عام 2012م.
ووصل الإنفاق العسكري في السنوات القليلة الماضية إلى أرقام قياسية خاصة مع صعود القوى الآسيوية وخصوصا الصين وأيضا في أمريكا اللاتينية مع ظهور البرازيل كقوة صاعدة قادرة على منافسة القوى العالمية التقليدية التي بدأت صورتها تتأثر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا فيما أثرت الحرب في العراق وأفغانستان على الولايات المتحدة الأميركية.
وتجلى هذا التأثر في تراجع الإنفاق العسكري لأمريكا والدول الأوروبية مقارنة بارتفاعه في آسيا أما الدول العربية فبقيت على حالها على قائمة أكثر الدول شراء للأسلحة.
ومن بين دول الشرق الأوسط التي تكشف عن ميزانيتها العسكرية هناك عدة دول رفعت بشكل كبير من قدراتها العسكرية واستخدمت عائدات النفط لشراء طيارات مقاتلة غالية الثمن وأنظمة للصواريخ.
وتشير دراسة دولية إلى أن الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفع بنسبة 8 % ففي منطقة غيرتها الانتفاضات الشعبية وتترنح من جراء حرب أهلية دامية في سوريا سجلت دول التحديات الراهنة والتهديدات الارهابية.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه تم صرف دولار من كل عشرة دولارات أنفقت على القوات المسلحة في العالم في 2012م.
بلغ مجموع ما أنفقته دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام 2012 على الجيوش والقوات الجوية والبحرية 166 مليار دولار وهو أعلى بنسبة 10 % من الرقم المسجل في 2011م مما يجعلها المنطقة الثانية بعد روسيا من حيث زيادة الإنفاق العسكري أما في أمريكا اللاتينية فبلغت نسبة الارتفاع العام الماضي 4.2 وفي شرق أوروبا 15.3 .
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي يجري أبحاثا بشأن الأمن الدولي والتسلح ونزع السلاح فان الإنفاق العسكري ككل انخفض بنسبة 0.5 % ليبلغ 1.75 تريليون دولار العام الماضي وهذا أول تراجع بشكل حقيقي منذ عام 1998. ويْرجعْ إلى التخفيضات الكبيرة التي وقعت في الولايات المتحدة وأوروبا والتي عوضت الزيادات في دول مثل الصين وروسيا.
وتواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون تراجعا في الإنفاق العسكري. لكن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم زادت الإنفاق وسجلت نموا بلغت نسبته 7.8 % في 2012 م عن السنة السابقة بزيادة نسبتها 175 % عن عام 2003م.
وتكشف بعض الأرقام أن إنفاق الجيش الروسي زاد بنسبة 16 % في العام الماضي وحده في حين أن الصين أصبحت الآن ثاني أكبر مشترى عسكريا بعد الولايات المتحدة.
وهو ما يعد بداية تحول في ميزان الإنفاق العسكري العالمي من الدول الغربية الغنية إلى المناطق الناشئة .
وقد خفضت الولايات المتحدة ميزانيتها العسكرية وهي أكبر دولة تنفق على السلاح في العالم بحجم يزيد خمس مرات عن ميزانية الصين مسجلا تراجعا بنسبة 40 % من الإجمــــالي العـــالمي لأول مرة منذ انهيــار الاتحـــاد السوفيتـــي قبل أكثر من عقدين الزمن ويرجع السبب إلى تكبد الولايات المتحدة خلال عزوها للعراق وحربها في افغانستان خسائر كبيرة تكلفتها قدرت بحوالي 3 ترليونات دولار أمريكي.
وفيما تدور بالكونجرس الامريكي معارك حامية بشأن خفض البنتاجون لميزانيته المقترحة فإن الفجوة بين الإنفاق العسكرى لأمريكا وبقية العالم تضيق مع تباهي خصوم واشنطن السابقين الصين وروسيا بأنظمة تسلح جديدة وإنفاق عدة دول أخرى مليارات الدولارات لتطوير ترسانتهم العسكرية.
سباق تسلح اسيوي
وفي المقابل يواصل الإنفاق في المناطق الناشئة الارتفاع ومن ثم فإن الإجمالي العالمي قد يصل إلى أدنى مستوى له بعد ذلك.» وفي أوروبا أجبرت إجراءات التقشف الناجمة عن الأزمة المالية الدول الأعضاء في حلف الناتو على تقليص الإنفاق بنسبة 10 % على نحو جعل بلدان آسيا تتفوق للمرة الأولى في التاريخ في حجم إنفاقها الدفاعي على دول الاتحاد الأوروبي.
ومنذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008م هناك 18 دولة من أصل الدول الـ31 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو قد خفضت نفقاتها العسكرية بنسبة أكثر من 10%من حيث القيمة الحقيقية.
ولجأت قوى اقتصادية صاعدة كالهند إلى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة باكستان في حين زادت اليابان وكوريا الجنوبية من إنفاقهما العسكري لاحتواء تهديدات كوريا الشمالية وخطرها النووي. وحذر خبراء أمميون من تصاعد الإنفاق العسكري في كوريا الشمالية وذلك لامتلاكها مخزونا استراتيجيا من البلوتونيوم يكفي لصنع بين 4 إلى 12 قنبلة نووية بمعدل قنبلتين كل عامين إضافة إلى عدد من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.

قد يعجبك ايضا