صقر الصنيدي –
كانا يقفان معا في نقاش طويل حول الديمقراطية والأمن وحول المستقبل والأمل وكل الكلمات تصلح للتعميم إلى أن قطع احدهم الحديث العام وسأل زميله عن محمد فرد عليه أنه الآن صار كبيرا بما يكفي .
لم اعرف من هو محمد المقصود ولا ما ذا يعني بأنه صار كبيرا بما يكفي , وكان علي ان استمر في ممارسة الصبر والانتظار لبقية النقاش الدائر في حوش البرلمان بين اثنين من نواب حملوا يوما مشاعل الحرية وقناديل الثقافة , استمر احدهم يسأل عن محمد هذا وهل أكمل تعليمه الجامعي من خلال المنحة التي حصل عليه سابقا فرد عليه زميله انه حصل على امتياز ولديه تطلعات أن يكمل التعليم العالي إلا أنني قد لا أترشح في الانتخابات القادمة وسيكون محمد هو مرشح الدائرة وقد جاء لعندي كل الناس وطلبوا أن انزل أنا أو محمد .
الآن فقط اتضحت الشخصية التي يدور حولها الكلام انه الابن الذي يتم إعداده ليخلف والده في مجلس النواب خلفا لوالده الواقف بثبات , وكنت أتوقع أن يعارضه المستمع إلا أن كلماته كانت أكثر تكريسا للديمقراطية الغامضة ووجه سؤالا◌ٍ للنائب الأب ومن فين بيلقوا واحد أحسن بالدائرة كلها .
طبعا لم يشكره زميله على المجاملة اللطيفة لان ما قاله ما هو إلا حقيقة يفترض أن يقوله الجميع ويعترف بها الكل ويصوت عليها أبناء الدائرة .
لقد أدت عشر سنوات من عضوية البرلمان لذات النواب دون أن يتغيروا أو يخوضوا انتخابات جديدة ومددوا لأنفسهم بإجماع فترات متتالية إلى خلق إحساس أن هذا المجلس ملك لهم , كما أدى طول المدة إلى إعطاء فرصة للأبناء الصغار كي يكبروا ويصبحوا في سن محمد المناسب للترشح , واعتقد أن من الإنصاف أن يحصل المجلس على خمس سنوات إضافية وذلك حتى يحصل الأبناء الأصغر على فرصة أن يكبروا ويصبحوا منافسين لاخوانهم وان ينزل في الانتخابات ثلاثة أو أربعة من أبناء المرشح بحيث أن لم تعجبك شخصية احدهم فيمكنك التصويت للمنافس وهو الأخ الثاني ويا ليت إضافة إلى هذا أن يتنافسوا بأسماء أحزاب مختلفة بحيث يكون لكل واحد فيهم طرف سياسي وحزب يدعم وبالأخير يفوز من يفوز فهم إخوة لا فرق بين اسود أو ابيض إلا بالأصوات .
أنها واحدة من مخاطر طول المدة الزمنية التي يقضي فيها المسؤول أو النائب في منصبه لا يتزحزح فيخيل إليه أن الأمهات عاجزة عن ولادة غيره وانه المنقذ والأمل وبصيص النور أخر النفق الذي نعيش فيه ثم نضطر إلى إغلاق الشوارع والموت في سبيل إقناعه أن المستشفيات تستقبل يوميا الآلاف من اليمنيين الجدد بالإضافة إلى العدد الهائل للمواليد في المنازل وأنه ليس المولود الوحيد فهناك من لهم الحق أيضا وأن عليه أن يترك لابنه التفكير في بناء مستقبله بعيدا عن إجباره على السير في نفس الطريق .
