تحت النَّار

حسن عبدالله الشرفي

وحدي وأَلْسِنَةُ اللهيب إزائي
وأمامَ عيني في الرصيف دِمَائي
أعني دِمَاءُ الأبرياءِ تناثرتْ
أشْلَاؤهُمْ فكأنَّهَا أشْلَائيْ
وتقول لي صنعاء ما ذنبي؟ وفيْ
كلُّ العيون مدامعُ الخنساءِ
صنعاء .. هذا جارنا الوافي غَدَا
بِجِوَارِه الحاني من الأَعداءِ
في مشهدٍ تجدُ الطفولة نَزْفَهَا
فيه بكفِّ المِحْنَةِ الخرساءِ
في نصف عامٍ كالجحيم مُدَجّجٌ
بالموت .. مَوْتِ الحقد والبغضاءِ
مَوْتِ الجوارِ الفسل مَخْدُوْعِ بما
في جيبه المعتوه من إِثْراءِ
وعلى فم الأيَّامِ أسْئلَة بلاَ
أُفُقٍ سوى أفق الدَّمِ المعطاءِ
أفُقُ الشهادة ما اسْتَبَانَ سبيلها
إلاَّ بجمر العزة القعساءِ
أعنيه في خلف الحدود يشنها
شَعْوَاءَ بَلْ أَعْتَى مِنَ الشعواءِ
لِيَرَى الغزاةُ المعتدون بِأَنَّهُمْ
ليسوا لِسرَّاءٍ وَلاَ ضَرَّاءِ
وبأنَّهُمْ وقعوا بِمَصْيَدةٍ وَمَا
ظفروا سوى بالخيبة  النَّكراءِ
وَغداً وبعد غدٍ سَيَجْتَرِحُوْنَهَا
عاراً على الأمْوَاتٍ والأحْيَاءِ
وَغداً وبعد غدٍ يرون شَنَارَها
فيهم وفي الأحفادِ والأبْنَاءِ
وَغداً وبعد غدٍ يكونُ حديثُها
مُرَّ الصدى في سَيِّئ الأنْبَاءِ
***
وَحْدِي وهذا الليلُ من عدوانهم
يَمْتَدُّ بين الصمت والإصغاءِ
بين ارتعاش البيتِ قال أسَاسُهُ
أنَّ الحياة مخيفةُ الأرْجاءِ
وَالمعتدون الغادرون أتَى بهم
هَدَفٌ بلا شَرفٍ وَلاَ استحياءِ
عَشْرٌ من الرايات .. بل عشرون مَا
خَفَقتْ بغير الإخوةِ الأعداءِ
وَيقال مَا غَايَاتهُمْ مِنْ شَنِّهَا
حرباً بلا سَبَبٍ وَلاَ اسْتِدْعاءِ؟
قلنا هو المال السَّيَابُ وَصِبْيَةٌ
مشؤومة الألْقاب والاسماءِ
ومتاجرون بأرضهم وبعرضهم
وَوُجُوْهُهُم في سَوْقهِا الشَّوْهاءِ
من كل مشبوه الوجودِ مُسَافحٍ
بكرامة الحريَّةِ الحمراءِ
هَانَتْ عليه لأنَّهُ في عُمْرِهِ
مَا عَزَّ في ألِفٍ وَلاَ فيْ يَاءِ
فتراه في حبل النخاسة سَائباً
وَمُسَيَّراً كالدُّمْيَة البلهاءِ
أو هَارِبُوْنَ إلى هَوَانِ هَوَانِهِمْ
وقُلوبُهُم كالْحَبَّة السوداءِ
تلك التي عَزفُوْا بها جِيْنَاتِهِمْ
من آدَمِ الثاني ومن حَوَّاءِ
***
وَحْدِي .. وهذا القصف يُشعِلُنِي دَماً
فَأضيعُ بين مخاوفي ورجائي
وأقول يا رَبّ السَّمَاوَاتِ العُلا
مَا ذَنبُنا؟ ويضيع في نِدَائيِ
مَا ذَنبُنا ؟ وأعودُ أدراجي إلى
قلقي على الأحْبَابِ من أبْنَائي
مَا حَالُهم في هذه البلوى أتَتْ
وَكأنَّهَا مجنونةُ الأهواءِ
كالزاحفين بها رأوا في حلفهم
أنَّ النهاية حلوةُ السِّيْمَاءِ
وَأنَا أقول لهم بِأنَّ مَصِيَرهُمْ
فيها مَصِيْرُ الموُمِسِ العَمْيَاءِ
إنيْ أراهنهم وعند مَطَامِحِيْ
شعبٌ يَطيرُ بِها إلى العلياءِ

صنعاء – سبتمبر 2015م

قد يعجبك ايضا