لماذا احتفظ الغرب بالجماعات الدينية ؟!
عبد الله الأحمدي
يعتبر الغرب الاستعمار مناطق الشرق الأوسط مجاله الحيوى ، ومنذ الحروب الصليبية وهو يحاول بسط هيمنته على هذا الشرق وبشتى الوسائل. في فترة التوسع الاستعماري البرجوازي كان التاجر يحمل بضاعته على السفينة وبجانب المدفع لفتح مناطق المستعمرات لجعلها سوقا لتصريف البضائع وجلب الخامات . الغرب الإمبريالي رام خبرات عن شعوب الشرق . هل نسيتم حركة الاستشراق تلك الحركة التي درست حياة شعوب الشرق بكل تفاصيلها؟ فقط تذكروا الحملة الفرنسية التي جلبت معها مئات العلماء. طور الغرب خبراته حول الشرق إلى مراكز بحث ذات مناهج متطورة . أصبح لديه ملفات عن كل صغيرة وكبيرة . أصبح لديه ملفات جاهزة في الأدراج يخرجها متى شاء . لديه ملفات مملؤة بالدراسات الدقيقة عن الطائفية والجهوية والمذهبية والأحزاب والحركات والأفراد والشخصيات والأمم والجيوش والحكومات . ومن هذه الدراسات والخبرات يصنع ما يريد من زعامات وانظمة وحركات. الأمور بيده يحرك الأشياء كالبيادق في رقعة الشطرنج. كانت حركات التحرر الوطني قد رحلت المستعمر لفترة من الزمن، لكنه ترك أذياله ومخلفاته صنع أنظمة كان الاعتقاد أنها وطنية، لكنها تحولت إلى أجهزة قمعية استمرت القمع ونسيت التنمية، وتنكرت للشعارات التي كانت ترفعها. كانت الغرب مشجعا وحاميا لكثير من أنظمة الشرق المستبدة، وتحت شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان احتضن المعارضين لها من شتى المشارب، وشجع ومول الحركات المتطرفة مستخدما إياها في حروبه وصراعاته مع الأنظمة المعادية له. كان يعلم أنه لابد أن يعود إلى الشرق ولكن بمشروع جديد. وكان لابد له من قوى تمهد لهذه العودة. القوى والجماعات المتطرفة التي ستكون مفرزته المتقدمة للعودة. منذ السبعينيات وهذه الجماعات التي زرعها الغرب تخرب الوعي والقيم والدين والوطنية وتمر الاقتصاد تمهيداً للوضع الاستعماري الجديد . أكثر من مرة قال المستعمرون إنهم لا يحتاجون إلى جنود فالعرب سيقتلون أنفسهم بأنفسهم. تنظر كثيراً من الأنظمة الغربية إلى أن هناك شعوبا فائضة لا تستحق الحياة ولذلك لابد من إبادتها. وربما كانت شعوب الشرق ضمن هذه القائمة. الآن الجيوش الغربية في كثير من شعوب الشرق في البحار والأجواء وعلى الأرض ، أتوا تحت شعارات كثيرة من بينها محاربة الإرهاب الذي صنعوه بأيديهم . يقال إن الغرب الإمبريالي لا يستطيع العيش دون أعداء ، ومن هذا المنطلق يجيد صناعة الأعداء ثم يقتلهم. بوصول الجيوش الغربية إلى منطقة الشرق تكون كل المشاريع الوطنية والقومية والإسلامية قد انتهت ، ويبقى الانبعاث إلى حين ثورة جديدة.