اعرف ذاتك..!! ( 2)
عصام حسين المطري
إحسان المرء إلى ذاته من أرقى الإبداعات البشرية، ذلكم أن ذلك الإحسان يعد مفتاحاً للعديد من أوجه الانجاز والتألق في سماء المعرفة والثقافة، وسلاسة القيادة، فحسن مداراة الذات من اللطائف الجوهرية الباعثة على السمو والارتقاء، فضلاً عن كونها تفرد مساحة شاسعة للتوافق الذاتي الذي يأخذ الإنسان الفرد إلى فضاء واسع من الكمال البشري صوب التحلل من معظم النواقص التي ترافق المرء، وتكون سبباً رئيساً للإخفاق والفشل في العديد من جوانب الحياة المتعددة والمتنوعة، ليحيا المرء عنصراً مشعاً في جماعته ومجتمعه نحو بعث المجتمع المثالي الخالي من العقد النفسية، والمعافى من أسقام النفس والعلل الاجتماعية، والمصاحب للصحة النفسية والاجتماعية في سمفونية رائعة للتحليق عالياً في فضاءات إثبات الذات بحثاً عن ملتحد وملجأ يكون محطة ترتيب للابتعاد من بؤر الشخصنة للأعمال والنتاجات الجماعية.
وثمة مواطن –بفتح الميم- تجبل الإنسان العاقل على التكيف الدائم مع بعض الأوساط الشعبية المتنافرة مع وسطه الاجتماعي كمواطن التجمعات الإنسانية التي تمجد الفرد وتختزل الجماعة في شخصه كاتجاه جديد لبعث ثقافة تأليه الأصنام والتي ما عاد العقل يتقبلها راهناً إلاَّ بصورتها الحديثة على سبيل الخدعة، وتقديم ثقافة العصر المضمحلة والرتيبة بصورة جذابة تضاهي فنون سحرة فرعون بما تفوقوا فيه من خداع العين.
وأجدني اللحظة واليراع بين أناملي عازم على إماطة اللثام عن بعض عوامل التواقف الذاتي والرضا عن الذات على النحو التالي:-
أولاً: القناعة التي لا حدود لها في تقبل الذات، والرضا عن النفس، وعن الموجود تحت سيطرة الفرد من مال وعقارات، أو وقوع الفرد في خانة العوز والفاقة والفقر، أي يجب أن يقنع المرء بما قسم الله عز وجل، فإن كان غنياً فعليه تقديم الحمد والشكر لله عز وجل، وهو على صور وألوان عديدة، قد نتطرق للحديث عنه في وقت لاحق، كما يدرج في باب القناعة، أن يقنع المرء بشكله وبهيئته وبما لديه من إمكانات فكرية وثقافية، هذا فضلاً عن أن يقنع الإنسان بما لديه من مواهب وقدرات، ويقوم بالحفاظ عليها وتطويرها.
ثانياً: التوكل على الله عز وجل، وعدم الانشغال بالغد والمستقبل، إنما يكون ذلك في محيط التفكير ولا نغالي أبداً في الخوف من القادم في الغد أو في المستقبل.
ثالثاً: المحافظة على الصفاء النفسي، والحرص على تطهير القلب من أدران الحقد والحسد، والابتعاد ما أمكن عن المشاحنات القلبية والنفسية.
وأخيراً تعد هذه الثلاثية منطلقاً لإحداث التوافق الذاتي، والرضا عن النفس، وهي مقدمة حتمية لحيازة السعادة النفسية.
والله من وراء القصد..