استطلاع/ خليل المعلمي – محمد أبو هيثم
تطل علينا الذكرى الـ26 للوحدة اليمنية، حيث حقق الشعب منجزه التاريخي والعظيم في الـ 22 من مايو من العام 0991م، بعد نضال دؤوب لعقود طويلة، ناجز خلال ذلك الاستعمار البريطاني في الجنوب والإمامة في الشمال واللذاين كانا حجر عثرة أمام توحيد البلاد، وظل الهدف الأسمى بعد نجاح ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين حتى تحقق هذا اليوم المشهود.
وتحل علينا هذه الذكرى وبلادنا تعيش ظروفاً حالكة وأياماً صعبة من تاريخها المعاصر.. تعصف بها المؤامرات الخارجية والمشاريع الداخلية الضيقة، فيما يبقى المثقفون والأدباء يعتصرهم الألم وتأخذهم الأفكار كل مذهب، أيديهم على قلوبهم، خوفاً على هذا المنجز، فهم أولى المنظمات الجماهيرية إلى توحيد كيانهم الأدبي المتمثل باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي جمع أدباء الشطر الشمالي وأدباء الشطر الجنوبي في سبعينيات القرن الماضي أي قبل تحقيق الوحدة بعقدين من الزمن.
في الاستطلاع التالي نوثق آراء مجموعة من الأدباء في الفقرات التالية:
تقديم النصائح والحلول
بداية يؤكد الأديب عبده الحودي مدير مكتبة البردوني بذمار أن دور المثقف مازال مقتصرا على تقديم النصائح والحلول وقول الحقيقة الداعية إلى وضع عطاءات السياسة التي تؤدي إلى إحداث التقدم والنهوض بالمجالات التنموية كافة، والوعي بأهمية دورها في الحفاظ على التماسك والعطاء والبناء وتحقيق الأمن والاستقرار والاستمرار في موجهة تحديات المستقبل.
ويضيف: المثقف ليس بعيداً عما يمر به الوطن الآن وهو قريب من فكرة مواجهة العدوان والدفاع عن سيادة الوطن وكرامة الإنسان، وتقديم كل ما من شأنه تعزيز وحدة الصف الوطني، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على منجز الوحدة.
ويشير إلى أن المرحلة الحالية تتطلب ضرورة الخروج بحل سياسي يؤسس لحجر أساس لشراكة سياسية قائمة على رؤية للشراكة، وتطبيقها بالقول والفعل القائمين على الفهم العميق للواقع ومتطلباته والمستقبل وتحدياته، وأن صيانة المنجز الوحدوي مرتبطة بعدم الخروج على أهدافه، فلا بد من التأكيد على الديمقراطية ومتطلباتها، وبطريقة تنفيذ مخرجات الحوارات السياسية الوطنية، في اتجاه إعادة النظر في طبيعة خريطة الجغرافيا السياسية وارتباطاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وبالتالي إنتاج خطاب سياسي قادر على بعث الطمأنينة في نفوس كافة أبناء الشعب، كبديل للبيانات والاحتجاجات والالتباسات بما أدى إلى خلق أجواء وأرضية للاحتقانات والمحددات والتمترسات والتربصات.
وبالرغم من هذا كله يظل الأمل كبيراً في قرارات النخب السياسية ونحن على ثقة بأنهم سوف يتجاوزن المصالح الشخصية، وسيتنازلون عن الكثير من أجل الوطن والحفاظ على وحدته الوطنية، وكل عام والوطن والشعب بألف خير.
إلى كلمة سواء
فيما يؤكد الدكتور يوسف المخرفي على أن المثقفين هم أكثر شرائح المجتمع وعيا بمفهوم الوحدة ومعانيها، فكما كان لهم الدور البارز في إبقاء الوحدة في ذاكرة أعمالهم العلمية والثقافية أيام التشطير حتى تم إحياؤها من جديد؛ فإن دورهم الآن يتمثل في الدفاع عن الوحدة بمختلف تخصصاتهم خصوصا في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن.
ويضيف: والمطلوب من المثقفين دعوة الأطراف السياسية إلى كلمة سواء وهي كلمة الوحدة، كون المثقفين هم بناة الحضارة وهم بناة الوحدة، وكذا دعوة الشباب وتذكيرهم بمعاناة اليمن وحجمها قبل الوحدة كونهم لم يعاصروا تلك الأيام، وتذكيرهم بأن مستقبلهم يكمن في يمن واحد يشارك فيه جميع أبنائه ولا تحاصص مقدراته ومسؤولياته مناطقيا، وكذا الدعوة إلى إقامة الندوات والملتقيات ومختلف الفعاليات التي من شأنها توعية مختلف شرائح المجتمع بما تتعرض له وحدة الوطن من مخاطر.
نضال العمالقة
كما يؤكد الأديب زيد الفقيه وكيل الهيئة العامة لحماية البيئة أن الوحدة اليمنية مثلت مطلباً لكل جماهير الشعب اليمني منذ عهد الاحتلال البريطاني، وحتى في وجود دولتي الشطرين، ويضيف: ويتمثل دور المثقف في وقتنا الحاضر بالوقوف ضد من يصوغون للانفصال، ويعملون عليه، من أجل خدمة الدوائر المخابراتية التي تريد شرذمة وتفتيت الأمة، كما علينا أن نستلهم نضال من سبقونا من المناضلين، منذ عهد عمالقة الوحدة ، والمناضلين من أجلها مثل: عمر الجاوي، ويحيى العرشي، وثابت، وغيرهم ممن كانوا يحملون مشاعل التوحد والائتلاف، وعلى المثقف أن يشكل بكتاباته وموقفه درعا حصينا للوحدة اليمنية، وان يسخر قلمه وفكرة من أجل دحر الأصوات النشاز التي تظهر اليوم.
إعادة المهابة للوطن
أما الشاعر عبدالرقيب الوصابي فيقول: اعتقد أن الوطن يستحق منا الكثير في ظروف تشظيه الصعبة.. وربما قليل من الوعي كاف لتحريك الركود وإعادة المهابة للوطن من خلال اجتراح الأفكار الإنسانية الكبرى كالتسامح والتعايش والمواطنة والعمل على تجفيف ينابيع الثأرات والحقد والاحتراب ونبذ كل ثقافة تعمل على تعميق الاختلاف والتنازع والكراهية والاهتمام بالأجيال الجديدة في المدارس والجامعات وتغذية عقولهم بالمعرفة الصادقة التي تعزز فكرة للتكامل والتعاضد باتجاهات البناء والتشييد والنأي بهم عن كل الوسائط والوسائل التي تعنى بتعميق الهوية وبث الأفكار العدمية واللامجدية..
ويؤكد ضرورة تعميم النشيد الوطني والعمل على مقاربته واستكشاف أسراره ومعانيه وإعادة قراءته بوعي يتجاوب ويتكيف مع الأزمات المرحلة الحرجة التي نعيش فيها.
ودعا الوصابي الجميع أن يعودوا إلى عقولهم ويبحثوا عن خلاص حقيقي لإنقاذ ما تبقى وترميم الشرخ المجتمعي عبر مراجعات حقيقية تستفيد من أخطاء الماضي وتنظر – بوعي – صوب آفاق المستقبل الذي ينبغي أن يشرفنا أمام نبض العالم …
تعميق الولاء الوطني
فيما يقول الأديب محمد العومري مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة ذمار: في خضم الصراعات والمتاجرة بالقيم والمبادئ وضياع الأهداف الوطنية أمام المصالح الشخصية الضيقة وفي ظل هيمنة المفاهيم المغلوطة، يجب أن يتركز دور المثقف في غرس القيم وتعميق الولاء الوطني وتعزيز الوحدة الوطنية وحمايتها، وهذا يبدأ من إيماننا ومعرفتنا لحقيقة أنَّ الثقافة ترسم الوعي المجتمعي.
ومن هنا فإن المثقف المنتمي للشخصية الثقافية الوطنية ينطلق في وعيه الفكري المستمد من الواقع حاملاً معه أسس الدفاع عن الثقافة الوطنية ليستخدمها كسلاح في وجه مختلف التحديات التي تواجهها، ومن هذا المنطلق أرى أنه لابد أن يتجه الأدباء والمثقفون في وطننا الحبيب إلى الدفاع عن الوطن ووحدته أرضاً وإنساناً.
ومن الضروري أن يضع المثقف على رأس جدول اهتمامه ونضاله الربط بين تحقيق الأمن والاستقرار والوحدة في سياق ثقافة وطنية تستند إلى النضال بالكلمة وبكل الطرق والأساليب في اتجاه بلوغ الغايات والأهداف العظيمة للوطن.
الوحدة خيارنا
أما الشاعر منير الرفاعي فيقول: في بداية الحديث عن الذكرى الـ26 للوحدة المجيدة في ظرف عصيب يمر به الوطن وفي ظل صراع دامي وفي ظل دعوات لفك رباط هذا التوحد لمصلحة أطراف أو أشخاص أو دول من خلال مشاريع الإرهاب والتقسيم وأخيراً التهجير وهذا الأخير لا يمثل المواطن في الجنوب، لذا فعلى المثقف أن لا يسوق مثل هذا المشروع من خلال دعوات إيغار الصدور وبث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.
واختتم بالقول: لكل هذا فإنني أدعو الجميع للوقوف بحب تجاه بعضهم البعض في هذه الذكرى لإيصال رسالة مفادها أن الوحدة خيارنا دائما وابداً.
المواطنة المتساوية
وتشير الشاعرة إيمان حميد إلى أن المثقف اليمنى هو من بدأ بالتأسيس للوحدة حين اتجه الأدباء في الشمال والجنوب لتأسيس كيان واحد يجمعهم، قبل أن تتحقق الوحدة السياسية والآن تمر البلاد بمنحنى خطير من التشظي والانقسام والتدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.. ويبقى الدور المنوط بالمثقف.
وتضيف: يظل المثقف جزءاً من المشهد اليمنى سواء كان باقيا أو راحلا ، أما عن الوحدة التي نادى بها المثقفون فهي حلم نبيل غايتها المواطنة المتساوية وتساوي الجميع أمام القانون.
اسهامات الأدباء
ويقول الكاتب عبدالفتاح البنوس: كان الأدباء والمثقفون اليمنيون في الشمال والجنوب قبل الوحدة في صدارة النخب التي سعت نحو تحقيق الوحدة اليمني كهاجس ظل يراودهم ويسعون نحو تحقيقه وفعلا كان لهم السبق في تحقيق ذلك من خلال إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي تجاوز حدود التشطير وكان كياناً واحداً وكانت برامجه وفعالياته معززة لخيار الوحدة وغداة إعلان الوحدة كان المثقفون والأدباء في مقدمة الحراك السياسي الذي أسهم بفاعلية في تحقيق هذا المنجز التاريخي الهام.
واليوم وفي الذكرى الـ26 للوحدة المباركة حري بالمثقفين والأدباء توظيف نتاجاتهم وإمكاناتهم في أوساط المجتمع للدفاع عن الوحدة باعتبارها منجزاً لكل اليمنيين ولا يحق لفصيل أو جماعة الاستئثار بها أو التخلي عنها خدمة لأهداف ومصالح سياسية أو حزبية، فهي مكسب وطني والمكاسب الوطنية ليست سلعة للبيع والشراء ومثلما كان الأدباء في صدارة المشهد الوحدوي قبل وبعد الوحدة فعليهم اليوم لعب نفس الدور وتقديم نفس الرسالة المعمقة للوحدة والمرسخة لها .
ويضيف البنوس: على المثقفين أن يعملوا على تذويب الخلافات بين فرقاء السياسة ويمارسوا دور المقرب لوجهات النظر بينهم من خلال رسائلهم الإبداعية المختلفة التي تحظى باحترام وقبول في أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية.
ويرى أن على إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بوصفه أول كيان وحدوي أن يسهم في تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن الوحدة وتحصينها والحفاظ عليها وتنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية والأدبية التي تصب في هذا الجانب باعتبار ذلك هو الدور المنوط بهذه الشريحة المجتمعية المستنيرة التي تسهم في رفع مستوى وعي وإدراك المجتمع والرقي به نحو الأفضل وخصوصا ذات الصلة بالولاء والانتماء للوطن وثوابته ومكتسباته وفي مقدمتها الوحدة الوطنية وحدة الأرض والإنسان.