صنعاء/ سبأ/.. –
الدولة المدنية أهم أهداف الحوار الوطني
اعتبر أعضاء وعضوات مؤتمر الحوار الوطني.. اجتماعات الجلسة الأولى للمؤتمر بأنها رسمت ملامح العملية السياسية التي فرضتها الإرادة الشعبية وقررت التغيير في لحظة وصل فيها النظام السياسي والاجتماعي إلى مأزق لم يعد فيه قادراٍ على إنتاج الحل للمشاكل المتراكمة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنيةº الأمر الذي وضع البلاد بيد أبنائه لرسم ملامح المستقبل عبر حوار جاد ومسؤول لا يستثني أحداٍ.
جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن الجلسة العامة الأولى لمؤتمر الحوار والذي قرئ في الجلسة الختامية المنعقدة عصر أمس برئاسة نائب رئيس المؤتمر سلطان العتواني.
وأكد المشاركون والمشاركات في البيان الختامي الذي تلاه نائب رئيس المؤتمر الدكتور/ياسين سعيد نعمان أن جلسات المؤتمر سادها الكثير من روح التفاهم بين الفرقاء على الرغم من الاحتقانات الكبيرة التي اختزنتها سنوات الصراع على أكثر من صعيد وكانت اللقاءات عنواناٍ للترفع فوق الجراح في أحيان كثيرة وهو ما يعكس الوجه الآخر لأهمية الحوار.
وفي ما يلي نص البيان:
خلال الفترة من 18 مارس حتى 3 أبريل 2013م انعقدت الجلسة العامة الأولى لمؤتمر الحوار الوطني الشامل حيث شاركت جميع المكونات التي شملها القرار الرئاسي الخاص بالدعوة الى الحوار الوطني المستند على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في أجواء احتفائية اتسمت بالمسئولية والحرص على السير في طريق الحوار وإنجاحه من قبل كافة الأطراف.
جرت مراسيم الافتتاح يوم 18 مارس في الذكرى الثانية ليوم الكرامة باعتباره اليوم الذي دشنت فيه عملية التغيير في مشهد تاريخي مترابط الحلقات في سلسلة التضحيات الضخمة التي قدمها الشعب اليمني وفي طليعتهم الشباب والنساء بما في ذلك الحراك السلمي في الجنوب والذي مثل طليعة هذا المشهد التغييري الذي أعاد لثورة سبتمبر وثورة أكتوبر مضمونهما الذي صادرته الأنظمة المستبدة وذلك في عملية تصحيح تاريخية كان لابد أن يتحملها جيل جديد يتطلع إلى بناء يمن ديمقراطي موحد ومزدهر أخفق آباؤه في بلوغه بالرغم من كل التضحيات الضخمة التي قدموها على هذا الطريق.
وفي جلسة الافتتاح ألقى الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل كلمة أكد فيها على المسار التغييري للعملية السياسية والوصول إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة بالأسس التي يتوافق عليها اليمنيون في حوارهم التاريخي الذي يتطلع إليه جميع أبناء الشعب باعتباره الوسيلة السلمية لوضع عقد اجتماعي جديد لبناء الدولة وذلك في استجابة لإرادة شعبية شاملة عْمدت بالتضحيات الجسيمة وفي هذه الجلسة شارك ممثلون عن المجتمع الدولي والإقليمي بكلمات أكدوا فيها على دعم العملية السياسية والحوار الوطني وباركوا اتفاق اليمنيين على تفادي السير في طريق الحروب والدمار وذلك بالاتفاق على ان الانتقال الى العملية السياسية شكل نموذجاٍ يحسب لليمنيين دون سواهم من البلدان التي مرت بتجارب التغيير السياسي وهو ما يؤكد على توافر إرادة جماعية على أهمية الحوار وهو الشرط الأساسي لنجاحه.
“إرادة شعبية”
لقد أكدت اجتماعات الجلسة الأولى والتي بلغت (26 اجتماعاٍ) على الحقيقة التي رسمت ملامح العملية السياسية وهي أن هذه العملية لم تكن ذات طابع نخبوي فقد فرضتها الإرادة الشعبية التي قررت التغيير في اللحظة التي وصل فيها النظام السياسي والاجتماعي إلى مأزق لم يعد فيه قادراٍ على إنتاج الحل للمشاكل التي تراكمت على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية ووضعت البلاد بيد أبنائه لرسم ملامح المستقبل عبر حوار جاد ومسؤول لايستثني أحداٍ.
وكانت النقاشات العلنية التي شارك فيها معظم اعضاء المؤتمر قد شكلت مقدمات ذات قيمة هامة للرؤى السياسية والاقتصادية التي سيقف أمامها مؤتمر الحوار الوطني وحظيت القضية الجنوبية بالاهتمام الأكبر كقضية محورية ومفتاح رئيسي لحل بقية القضايا وتقدم ممثلو الحراك السلمي بعدة مطالب لتهيئة الأجواء المناسبة للحوار اْستوعب الجزء الأكبر منها في هذا البيان والبعض الآخر سيكون ضمن موضوعات الحوار وبعضها للمتابعة كقضية الأيام ورفع المظاهر المسلحة من شوارع وأحياء محافظة عدن وكذا التأكيد على سرعة إنجاز اللجنتين المشكلتين لمعالجة قضايا العسكريين والمدنيين والأراضي لحلهما على وجه السرعة. وبعضها تضمنتها النقاط العشرون كالاعتذار عن الحروب. كما أن تنوع وتعدد المشكلات والهموم الأخرى التي عبر عنها المناقشون قد عكس الوضع المعقد والصعب الذي يمر به اليمن فمشكلة صعدة وهموم تهامة ومارب والجوف والمناطق الوسطى وخصوصية المهرة وسقطرى وأنين الفقراء والمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة ومطالب الفئات الاجتماعية المختلفة والمغتربين والمنتجين الزراعيين والعمال وهموم الكتاب وأصحاب الرأي…الخ وكانت مثار حديث ونقاش ومداخلات الاعضاء بصورة غلب عليها البحث عن الحل دون توقف من أي نوع كان أمام تسجيل الإدانات فالمجيء إلى الحوار كان قد شكل توافقاِ حول أهمية التغيير وغدا عرض المشكلات مقدمة للبحث عن الحل وسجلت المرأة في تعاطيها مع الشأن العام موقفاٍ متميزاٍ جرى ربطه بإتقان مع حقوقها ومكانتها ودورها في العملية السياسية والإنتاجية. لقد شكلت قوة متماسكة حتى عندما كانت تتباين في الرؤى السياسية وإن مصدر هذه القوة المتماسكة هو عمق الرابط الذي يمتد إلى الشعور بالحقوق المسلوبة والمكانة المنتهكة في أحيان كثيرة مما كان له أثر بارز في إعادة بناء الموقف السياسي بصورة متناغمة مع أولوية نضالها في بناء النظام السياسي والاجتماعي والقانوني الذي يكفل هذه الحقوق والمكانة قبل كل شيء آخر.
وعبر الشباب عن قيمهم الثورية الأصيلة في التمسك بالأهداف التي استشهد رفاقهم من أجلها ودافعوا عن هذه الأهداف والشهداء والجرحى والمعاقين والمعتقلين الذين ما زالوا في السجون أو مخفيين وكانوا في مداخلاتهم أكثر من غيرهم تطلعا إلى المستقبل.
وساد المؤتمر الكثير من روح التفاهم بين الفرقاء على الرغم من الاحتقانات الكبيرة التي اختزنتها سنوات الصراع على اكثر من صعيد وكانت اللقاءات عنواناٍ للترفع فوق الجراح في أحيان كثيرة وهوما يعكس الوجه الآخر لأهمية الحوار.
“كلمة سواء”
لقد كان مؤتمر الحوار في بدايته ملتقى جرى فيه الاعتراف بالآخر بعيداٍ عن هواجس الانعزال الذي يرتب ثقافته المعادلة في أسوأ صورها تجاه الآخر وكان كسر هذا الحاجز النفسي قد هيأ للحوار شروطا ملائمة بغض النظر عن المفردات واللغة المستخدمة في المراحل الأولى باعتبارها في أحيان كثيرة مجرد استجابة تلقائية لحالة الخصومة لكنها لاتلبث أن تصبح تعبيراٍ عن حاجة ماسة للخروج من هذه الخصومة. وكانت إرادة الاستجابة والحاجة عند الكثيرين في منتهى الشعور بالمسؤولية تجاه الحاجة الفعلية لوطن ينتظر من الجميع التنادي إلى كلمة سواء من أجله وتغليب مصلحته على كل ما عداها من مصالح صغرى مهما بدت كبيرة في نظر أصحابها.
كانت القواسم المشتركة بين الجميع هي السمة الغالبة التي تميز بها المؤتمر في جلسته الاولى وإن كانت قد برزت في بعض الأحيان بعض التجنحات المحمولة بالرواسب التي صنعتها سنوات الفرقة والصراع والمواجهات وعدم الثقة وكان أبرزها على الإطلاق اشهار التهديد بالانسحاب من المؤتمر أو تعليق المشاركة فيه لأسباب لا ترقى إلى المستوى الذي يمكن فيه لأي طرف أو عضو إطلاق مثل هذا التهديد.
إن اللجوء إلى مثل هذا التهديد لاينسجم مع طبيعة هذا المؤتمر الذي يعد فيه جميع الشركاء مسؤولين مسؤلية مباشرة عنه ولايوجد فيه طرف يتميز عن الآخر أو أنه يتملكه حتى يهدد بتعليق العضوية أو الانسحاب.
إنه مؤتمر الإجماع الوطني الذي يعتبر الجميع مسئولين عن نجاحه لارتباطه بأهم هدف نسعى إليه جميعاٍ وهو بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة الحرية والكرامة لكل أبناء اليمن.
وفي تحد واضح للحوار الوطني شهدت الأيام الأولي محاولة آثمة لاغتيال أحد أعضائه وهو الاخ عبد الواحد ابو راس والتي نتج عنها استشهاد ثلاثة من مرافقيه كما شهدت عدة أحداث دامية كان لها اثرها السلبي على اجواء المؤتمر الى غير ذلك من الاعمال الإجرامية التي استهدفت الاخلال بالأمن والسكينة للتأثير على سير أعمال المؤتمر لكن وقوف الأعضاء بقوة أمام هذه الظواهر وادراكهم الغايات من ورائها قد فوت الفرصة على منفذي هذه الاعمال وطالب الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية تحمل مسئوليتها بمتابعة المتورطين في هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة, كما طالبها بعدم ممارسة العنف ضد الاحتجاجات السلمية وأن تكون مثالاٍ في اللحظة الراهنة للحفاظ على الامن وتجنب العنف وهو ما أكد عليه الرئيس في كلمته في جلسة يوم السبت الموافق 30/3/2013م.
“توصيات”
وفي المناقشات التي استهدفت تهيئة الأجواء لنجاح مؤتمر الحوار حيث أكد المؤتمر:
على أهمية ابقاء باب الحوار مفتوحاٍ للتواصل مع بقية مكونات الحراك السلمي في الجنوب وتكوين آلية للتواصل, تتولى هيئة الرئاسة تنفيذ ذلك وإطلاع المؤتمر أولا بأول.
تنفيذ النقاط العشرين المرفوعة للرئيس من قبل اللجنة الفنية ووضع الآلية المناسبة للتنفيذ السريع لذلك دون إبطاء.
استكمال الشروط الضرورية باستعادة الدولة وتصحيح أوضاع الأجهزة العسكرية والأمنية وتوحيدها آخذين في الحسبان المْقاعدين والمسرحين قسرا لأسباب سياسية لتعزيز المناخات المناسبة والمطمئنة لسير عمل الحوار الوطني وتنفيذ القرارات المتخذة على هذا الصعيد.
وفي ما يخص المطالب المتعلقة بتوفير أجواء الثقة أكد أعضاء المؤتمر على:
– الاهتمام بشهداء الثورة وشهداء الحراك السلمي الجنوبي وكافة الشهداء ووضع تصور واضح لكيفية التعاطي مع هذه المسألة وبهذا الصدد لابد من إشراك الشباب في وضع التصور.
– استكمال معالجة جرحى الثورة والحراك السلمي والاهتمام بتكوين مراكز التأهيل للمعاقين منهم.
– إطلاق المعتقلين فورا وكذلك المخفيين وإصدار قانون العدالة الانتقالية على النحو الذي يحقق مضامين التسوية السياسية التي تجري العملية السياسية في ضوئها في الوقت الحالي.
– سرعة إعادة إعمار أبين وصعدة وإعادة تأهيلهما وتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة لهما.
وباستعراض وضع اليمنيين المغتربين وما يعانونه في الوقت الحاضر من صعوبات بسبب تعديل بعض القوانين في بعض الدول الشقيقة:
1 – عبر الأعضاء عن قلقهم مما قد يؤدي إليه ذلك من تعقيدات بالغة على المغتربين وما سيخلفه من آثار اقتصادية واجتماعية خطيرة على الوضع اليمني في هذا الظرف الصعب.
2 – طالبوا الحكومة ورئاسة الجمهورية التحرك السريع لدى الأشقاء في دول الاغتراب والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص لبحث الموضوع وشرح آثاره الخطيرة مع إيمانهم بأن الروابط الاخوية بين البلدين ستؤدي إلى نتائج إيجابية على هذا الصعيد.
وعلى صعيد تنظيم أعمال المؤتمر بموجب النظام الداخلي ناقش الأعضاء كيفية تشكيل فرق العمل وتوزيع أعضاء المؤتمر على الفرق وفقاٍ لأحجام ونسب التوزيع الخاصة بكل فرقة وبكل مكون مراعين البعد الوطني وقد اتخذ المؤتمر قرارا بضرورة مشاركة كافة المكونات في ترؤس الفرق بحيث لا يجوز لأي قائمة أن تترأس أكثر من فرقة.
“تشكيل فرق العمل”
لقد كان تشكيل فرق العمل وتوزيع أعضاء المؤتمر على هذه الفرق أهم ما أنجز في هذه الجلسة الأولى حيث تم إنجاز هذه العملية بصورة جيدة وإن كان قد تخللها بعض الصعوبات المتعلقة بتحقيق رغبات الأعضاء حيث اتجهت هذه الرغبات نحو بعض الفرق والعزوف عن الفرق الأخرى الأمر الذي دعا إلى التدخل أحياناٍ بموجب النظام الداخلي لتحقيق التوازن في التوزيع بما في ذلك مراعاة الحد الأعلى لكل قائمة ومكون.
وبإنجاز مهمة تشكيل الفرق تكون الجلسة الأولى للمؤتمر قد حققت برنامجها بشكل كامل حيث ستبدأ اللجان عملها وفقاٍ للجدول الذي سيوزع في وقت لاحق.
إن توافق اليمنيين على مبدأ نبذ العنف والسير في طريق السلام للوصول إلى هدف بناء الدولة مكسب كبير سيسجل كأهم منعطف في تاريخ اليمن الحديث وسيضع الاجيال القادمة أمام مسئوليتها في التمسك بهذا المكسب والحفاظ عليه متجاوزاٍ آلام الماضي وصراعاته.
وكانت فرق العمل المختلفة قد قدمت مسودات أولية لخطط عملها للشهرين القادمين التي تضمنت الأهداف والبرامج التي تصبو للوصول اليها وتناولت الخطط مصفوفة المهام التي قدمتها الفرق لأعضائها وربط المهام بخطط زمنية وتحديد الاحتياجات الاولية من عقد لقاءات مع الاستشاريين والخبراء ومع المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة والجهات ذات العلاقة.
وكانت الهيئات الرئاسية لفرق العمل المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل قد عرضت في الجلسة الختامية خطط عملها للشهرين القادمين.. وشملت الخطط تحديد المستهدفين بنشاط وتحركات ولقاءات فرق العمل الميدانية والمكتبية والنطاق الجغرافي لكل قضية تْعنى بها فرق العمل.. وحددت فرق العمل في خططها أهدافا عامة وخاصة وقائمة بأهم المخرجات والمقرر أن تأتي في شكل صيغ دستورية أو تشريعية أو سياسات عامة فضلاٍ عن تحديد المدخلات المفترضة لنشاط الفرق والتي تشمل دراسات سابقة واستشارات قصيرة وطويلة المدى ومشاركات مجتمعية وجلسات استماع ومسوحات ميدانية ولقاءات بالمستهدفين من ذوي الاختصاص بكل قضية.
وتضمنت خطط فرق العمل التفاصيل المتصلة بتحركات الفرق وتوفير المدخلات وتوزيع المهام وتحديد آلية التواصل مع الفرق الأخرى فضلا عن تصورات بشأن آلية للتغطية الإعلامية وآليات أخرى لعرض المخرجات في إطار كل فريق عمل وكذا خطة التحركات الميدانية والمتابعة والتقييم والإطار الزمني للإنجاز.
هذا وستستأنف فرق العمل أعمالها في الثالث عشر من أبريل الجاري.