السياحة شراكة وطنية

عبد الوهاب شمهان

إن السياحة التي نريد أن يعم خيرها  في بلادنا  ليست هي السياحة التي تشكل تجارة بدون قيود أو معايير فيمكن لها الاتجار بالإنسان وبكل مادة تضر بها وتضر بالمجتمع وتخالف عقيدته،  وتعد في بلدان أخرى من الحريات الشخصية التي لا يعترض عليها فتلك ثقافتها وعقيدتها.
– تجارة يسعى الباحثون عن الثراء الفاحش والباحثون عن  مساوئ الأخلاق والسلوك والفحشاء إلي نشرها في بلدنا  كأحد مطالب الحرية الشخصية   والتي تجذب الكثير من هواة اللهو الحرام من العرب فهي مصدر للكسب الحرام على حساب المجتمع وقيمه ومبادئه وتماسك أسرته  .
– إن المجتمع اليماني   يتطلع إلى تحقيق  ما يسعده ويجذب السياحة العائلية  التي تجذب الأسر العربية  المحافظة الساعية للنقاهة في ربوع أرض سماها ربها بالأرض الطيبة ، وسميت بالأرض الخضراء ، فالسياحة التي نريدها سياحة منظمة  مسؤولة عن الإنسان وكرامته وقيمه وعقيدته ، سياحة تحافظ علي إنسانية وكرامة السائح وتحافظ علي كيان المجتمع وروابطه وتحمي أفراده من الابتزاز والسمسرة والمتاجرة ، سياحة تركز على سمعة اليمن وتعتمد على تقديم الخدمات السياحية الراقية  المرتبطة بأصول الضيافة العربية ، وتقديم الصورة الرائعة لتعامل الإنسان اليماني العامل في تقديم الخدمات السياحية . السياحة المسؤولة عن سلامة البيئة وحمايتها والحفاظ عليها من يد العابثين من يصبون حقدهم علي تدمير البيئة التي تعد أهم ما تمتلكه اليمن من أشجار ومحميات حافظ عليها الآباء والأجداد عقودا وزمنا طويلا ليأتي جاهل  فيصب جهله وحقده عليها دون اكتراث ولا خشية ولكي يتمكن اليمن من المحافظة على أحد أجمل المناظر السياحية الطبيعية الباقية  والتي لها من الفوائد والمنافع  للسكان مالا يحصى عددها ، لابد من المحافظة عليها ومساعدة أصحابها على حمايتها، والدعوة هنا لإحياء المسؤولية المناهظة لهذا النوع من البشر العدواني من قبل الجهات المعنية في كل الوطن .
– إن السياحة التي نسعى إليها مسؤولية وطنية  مشتركة بين جميع الجهات الرسمية والشعبية  وبين المواطنين ، بل هي سلوك عام وإرشادات تفرض على السياح أنفسهم  لحماية البيئة والمناطق الخضراء ، وعلى منظمي الرحلات  ، وهي أول المسؤوليات الرسمية للحفاظ علي البيئة التي لا تؤخذ بجدية وحسم وتأديب لكل مخالف ومتسبب  بالضرر على البيئة من خلال الاعتداء على الأشجار المحمية من أصحابها وممن جاورهم وهي مناطق متعارف عليها وتسمى الشعاب  ، وأخرى محميات معلنة وجميعها تشكل غطاء أخضر يحفظ النوع ويحمي البيئة المحيطة ، لكن الجهل والأنا والعنتريات تغلب على الكثير من الذين لا يجدون من يقبض على أيديهم ويمنعهم من التمادي في الباطل فيعبثون ويتلفون ثروة طبيعية لا تقدر بثمن وبدون وجه حق، إضافة إلى استخدام كافة المبيدات والسموم القاتلة في القات والمزروعات.
– السياحة التي نسعى إليها هي سلوك مجتمعي متكامل عبر عنه في اليوم العالمي لعيد العمال الدعوة الموجهة من  أنصار الله لشباب العاصمة والمدن اليمنية المشاركة. في حماية بيئة العاصمة صنعاء وعلى الخصوص صنعاء القديمة المدينة التاريخية الحية احد مدن التراث العالمي ، صنعاء تحفة الزمان وزينة المدن وعبق التاريخ وأصالة الامتداد الحضاري ، الدعوة لحملة نظافة ، وحملة وضع الزهور في الأماكن الخطأ لوضع القمامة ، إنها دعوة إنذار  وتنبيه تنم عن أحساس بأهمية الجمال والنظافة  ولفتة تستحق الثناء وتستحق الاستمرار ، لأن هذا التصرف هو منبع جاذبية المدن لزوارها وتعكس الصورة الرائعة لسلوك السكان وتحضرهم واهتمامهم بتحسين مدنهم  وإشارة إلى عظمة الشراكة في  المسؤولية ، لنترك المناكفات ونثبت حب اليمن في تحسين بيئة المدن ونظافتها ومنع كل يد تعودت العبث  بالمنظر العام وتشويه صورة   المناطق والإحياء والشوارع وحتى الريف بأكوام المخلفات من كل نوع .
– هذه إحدى المسؤوليات الوطنية المشتركة التي يتحملها الجميع وليس عمال النظافة، وعمال وموظفي البيئة فقط ، إلى جانب ما يفرضه الواجب  على جهات الضبط من الأجهزة الأمنية والقضائية أن لزم الأمر وطال العبث ما ينفع الناس ويحافظ على سلامتهم الصحية فالسياحة اليوم هي حالة فريدة من التعاون بين جميع الجهات الرسمية والشعبية وأي تفريط يعود عليها جميعا بالضرر ويعكس سلوكها الإنساني غير الحضاري وغير المقبول.
ولا ننسى أن نشير إلى أهم واجب وطني ينشأ من خلال ما تتضمنه السياسة العامة للدولة والحكومة وما يتبعها من إجراءات معينة ومساعدة لتنفيذ تلك السياسة المتعلقة بالتنمية السياحية وتطوير خدماتها والحفاظ على كيانها وحماية البيئة ، والتأكيد المستمر على اهتمام الحكومة بالاستثمارات السياحية وبالنشاط السياحي والذي لن يتحقق ويعود إلى مستواه في يوم وليلة ولكنه يتطلب من الجهات المعنية وأولها وزارة السياحة القيام بالتهيئة ودراسة الوضع الحالي الناجم عن العدوان والتأكيد على أهمية كسب ثقة مجتمع السياحة الدولية من خلال إبراز حقائق الوضع الذي وصل إليه بشفافية بالغة مع تحديد النظرة المستقبلية الحكومية لهذا القطاع الواعد .
-إن السياحة في وطننا اليمن يمكن أن تستعيد عافيتها بسرعة إذا توحدت الرؤية لتنفيذ السياسة العامة لقطاع السياحة بعيدا عن العشوائية التي ظلت تلاحق هذا القطاع حتى كان العدوان والحصار الجائر وتعدد الأضرار التي لحقت بالقطاع الخاص السياحي ولحقت بوزارة السياحة ذاتها وجعلها عاجزة عن النهوض المبكر وفي رصد الأضرار المستمرة التي تمكنها من إبرازها من خلال عمل إحصائي يبعث الثقة في ما تصدره من بيانات لدى الجهاز المركزي للإحصاء والمجتمع الدولي والمجتمع السياحي.
لا يمكن لأي منظمة أو بلد يتعامل مع اليمن  في إطار النشاط السياحي بدون تكوين الصورة المتكاملة والتي تشكل المعلومان والبيانات الصادرة عن وزارة السياحة والجهاز المركزي للإحصاء النسبة الأكبر من تكوينها ومن ألوانها والتي تدفع الآخر لدراسة تلك البيانات والتحقق من مصداقيتها لمنح الثقة ومن ثم التعاون التدريجي الذي يعتمد تطوره على الكادر الوظيفي الذي تمتلكه الوزارة وما تشرف عليه .
– إن العمل السياحي لم يعد مجرد زيارة وخدمة،  أصبح يشكل مقياسا لمدى ثقة المجتمع الدولي ومجتمع السياحة المتنافس على جذب السياح وتحقيق أكبر نسبة من السياحة الدولية سنويا، فالسياحة سياسة واقتصاد وتجارة وخدمات وأنشطة وثقافة وأمن ونظام وإدارة واتصال وتواصل ومؤتمرات ورياضة  وتدريب وتأهيل واستفادة من تجارب الآخرين في هذا العالم بما يحقق المصالح الوطنية ونصل إلى السياحة شراكة وطنية.

قد يعجبك ايضا