إشتبطان

لحطه يا زمن

محمد المساح
وكأنه إلى الآن لا يدري .. حين إنبثق السؤال  المفاجئ في ذهنه مَنْ يطارد مَنْ؟ وأجاب على نفسه وبتلك البلاغة التي تنقصها الفطنة وعدم الدقة إنها: الدنيا.. الحياة تطاردني.
جواب غير منطقي.! إنه أنت من يطاردها، أنت الراكض دوماً في دروبها ومسالكها.. أنت الذي يجري في مضمارها الواسع متلهفاً.. تقتات الأمل في أعماقك بأنك وبالتأكيد ستمسك ببنانك العشر على الفرصة.. ولن تفلتها من يديك.. الدنيا يا صاحبي هي أنت وجودك.. خيلائك وزهوك الفارغين.
أنت الشخص الأجوف الذي لا يدري ولا يعي .. إمكانياته وقدراته المحدودتين .
لقد مرت الحياة .. الدنيا ولم تثبط لك همة ولا إرادة عشتها وتعيشها .. كالآخرين لم تكن زائداً عنهم بأية مميزات وخصائص.. تمشي حيناً هادئاً وعلى مهل .. وببطء.. سادراً في مدح ذاتك.. لأن الجيب في حالة ممتلئة .. وتشملك حينها غيبوبة دائمة.. وتكون في أمس أحوالك وحينها لا تزعج النفس بالأسئلة والاستفسارات الغريبة، بل وبالعكس .. يزداد إنتفاخ صدرك.. ويجتاحك الإحساس بالطمأنينة والهدوء.. تطيب نفسك راحة ولا مبالاة.
وتقول لنفسك إنها الحياة هكذا.. الدنيا فُلْ ما أعظمها من حياة جميلة ولذيذة، الكون لديك فرح دائم.. لا تبصر أبداً غروب الشمس وشروقها لأنك غارقاً بكليتك.. بكينونتك الكاملة في الحياة، مستغرقاً كل حواسك في مباهجها المادية والروحية.
وتأتي في الأخير لتضع الأسئلة الفارغة.
وتقول: إن الدنيا تطاردك، وكأنك أرنب بري لا حول له ولا قوة من الفرار من صائده.
ألم تكن عاشق حياة ..ومجنون ومهووس.. بالتفاصيل والجزئيات.
والآن.. تقبل من بعيد.. وتقول إنك لا تدري! أم هو استبطان متأخر للذات وبعد فوات الأوان.

قد يعجبك ايضا