أمريكا مطالبة برؤية لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي

حكومة نتانياهو ترفض المبادرة الفرنسية للسلام

أصدر مكتب رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بيانًا يعلن رفض إسرائيل المبادرة الفرنسية، وأن الحل الأمثل هو التفاوض المباشر بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وان اسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات في أي لحظة.
وأضاف البيان إن كل مبادرة من دولة أجنبية للسلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين من شأنها إبعاد الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات.
وكان الرئيس الفرنسي قد أطلق مبادرة فرنسية لحل القضية الفلسطينية خلال سنوات من المفاوضات وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967م، ودعت فرنسا مؤخرًا إلى مؤتمر دولي للسلام، حيث أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت: إن بلاده ستنظم في 30 مايو في باريس اجتماعًا وزاريًا دوليًا في محاولة لإحياء عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية.
وفي مقابلة مع أربع صحف دولية، أوضح ايرولت أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سوف يفتتح هذا الاجتماع الذي ستشارك فيه 20 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ولكن من دون الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضاف أن هذا الاجتماع قد يؤدي في حال نجاحه إلى الإعداد لقمة دولية تعقد في النصف الثاني من هذا العام، ولكن هذه المرة بحضور مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين.
واقرّ وزير الخارجية الفرنسي بأن “الأطراف متباعدة أكثر من أي وقت مضى”، ولكن “لا يوجد حل آخر للنزاع سوى بإقامة دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وامن، مع القدس عاصمة مقسمة”. وقال ايضًا “لا يمكن ان نبقى مكتوفي الأيدي. يجب أن نتحرك قبل فوات الأوان”، موضحًا أن المحادثات في اجتماع باريس ستنطلق “على أساس مبادرة السلام العربية للعام 2002م” التي رفضها الاسرائيليون.
وكان الكيان الاسرائيلي قد عبر  في الماضي عن قبول جزئي للمبادرة العربية، ولكنه يتبنها كي لا تصبح المبادرة الأساس للحل لأن إسرائيل لا تريد العودة لحدود 67 وتقسيم مدينة القدس ويسعى إلى تبادل أراضٍ والاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى تحت سيادتها، كما نصت على ذلك رسالة الرئيس الأمريكي جورج بوش لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي آنذاك اريئيل شارون عندما  طرح  بوش رؤيا حل الدولتين.
من جهة أخرى تحدثت أنباء عن توجه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إطلاق تحرك جديد يخرج عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين من غرفة الانعاش، وجه إليه 394 عضوًا في مجلس النواب الأمريكي رسالة يؤكدون فيها أن حلًا للنزاع لا يمكن أن يُفرض من الخارج، وأن الاسرائيليين والفلسطينيين وحدهم قادرون على إنهاء نزاعهم.
وقدم عضوا المجلس جون يارموث وديفيد برايس بعد الرسالة مشروع قرار يدعم أمن الكيان اسرائيلي، ويعارض التحرك الفلسطيني لإحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية ولوقف نشاط الكيان الاسرائيلي الاستيطاني وأعمال العنف في الأراضي الفلسطينية، ويدعم مساعدة الولايات المتحدة للطرفين بصوغ رؤية أمريكية غير ملزمة لتحقيق السلام.
وكان الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون قدم رؤية غير ملزمة كهذه في نهاية ولايته في عام 2000م، لكنه تراجع عنها بعد أن رفض الطرفان اعتماد المقترحات التي تضمنتها رؤيته أساسًا للمفاوضات. لكن الاسرائيليين والفلسطينيين استأنفوا محادثاتهم في طابا فور انتهاء ولاية كلنتون، مستخدمين مقترحاته ذاتها التي رفضوها منطلقًا للمفاوضات، بعد أن وجدوا أنها تقود الطريق إلى الأمام.
واشار السفير الامريكي السابق في الكيان اسرائيلي دانيال كرتزر، في صحيفة ذي هيل التي تتابع شؤون الكونجرس، إلى أن الفلسطينيين والاسرائيليين اجروا منذ عام 2000م محادثات جادة مرتين: في عام 2008م بعد مؤتمر انابوليس الذي عُقد بمبادرة من الرئيس السابق جورج بوش، وفي 2013 – 2014م في إطار تحرك وزير الخارجية الامريكي جون كيري لتفعيل عملية السلام، وأن الجانبين حققا تقدمًا كبيرًا في مفاوضاتهما، بحسب كرترز.
واقترح كرتزر أن يبني التحرك الجديد الذي تفكر فيه إدارة أوباما على ذلك التقدم، ويضع الطرفين على طريق مفاوضات تنطلق من بداية معقولة وعادلة. ولا يتعين على أي من الطرفين أن “يقبل” بورقة تقدمها الولايات المتحدة، ولا شك في أن الطرفين سيجدان عيوبًا في صوغ الادارة هذا البند أو ذاك من بنود جدول العمل. من حيث الأساس، يجب أن تحدد الرؤية الامريكية غير الملزمة طريق التقدم إلى الأمام، وتترك للطرفين حرية القرار في شأن المضي في هذا الطريق والقضايا التي سيبحثانها.
وبعد ثلاثة عقود من الدور الامريكي في جهود السلام، لن يكون من المستغرب أن تطرح الولايات المتحدة رؤية كهذه. من دونها، يتوقع كارتزر أن يجد الاسرائيليون والفلسطينيون صعوبة حتى في العودة إلى طاولة المفاوضات. قائلًا: إن كل طرف يفضل الانكفاء إلى مواقفه الأصلية ويفضل وضع شروط مسبقة تجعل من المتعذر عليهما التفكير في استئناف المفاوضات.
وفي هذا الشأن، يمكن أن تتيح الرؤية الاميركية للطرفين أن يقولا: “لا نتفق مع كل شيء كتبته الولايات المتحدة ونحتفظ بحق التقدم بأفكارنا الخاصة، لكننا نتفق على أن الورقة الامريكية نظمت القضايا بطريقة تتيح لنا استئناف المفاوضات بلا شروط مسبقة، ونأمل بأن الطرف الآخر يشعر شعورنا هذا”.
وبحسب كرترز، مثل هذه الورقة ربما تشكل عاملًا مساعدًا لا عقبة في طريق استئناف المفاوضات. وستبقى الولايات المتحدة على موقفها بأن المفاوضات المباشرة هي الطريق الوحيد إلى اتفاق نهائي، لكنها ستؤدي ما عليها بإعادة الطرفين إلى الجلوس وجهًا لوجه. لهذه الأسباب، من الحكمة أن تقدم الولايات المتحدة مقترحات عادلة متوازنة ومعقولة، وأن يدعم أعضاء الكونجرس مثل هذا المجهود، كما يدعو كرتزر.

قد يعجبك ايضا