الزهايمر
عبدالمجيد التركي
نسوا أنها اليمن، فقاموا بمغامرتهم الحمقاء، ونسوا أنهم يقاتلون اليمنيين ولم يتذكروا إلا حين رأوا العلم اليمني يرفرف فوق جبال الربوعة..
نسوا أنفسهم وحجمهم، ونسوا أن لديهم جيشاً ناعماً يمتاز بالفرار، يترك مواقعه ويذهب لملاحقة الفُقع، الذي يتكاثر في مواسم الأمطار تحت التراب، مثل البطاطا.. ونسوا أيضاً أنهم يواجهون جيشاً يحتل المراتب الأولى بين جيوش العالم، ونسوا أنه الشعب اليمني العظيم الذي يتسامح ولا ينسى ثأره.
نسوا أنهم يمتلكون جيشاً لا يمكنهم الاعتماد عليه، ونسوا أن الدول التي يقاتل عنها سواها هي مجرد دول طارئة، فاستأجروا المرتزقة والقتلة، وجيَّشوا الهنود والبنغال والباكستان والسودان ومصر والأردن والمغرب، وغيرها، واستأجروا أكبر الشركات المتخصصة في صناعة الجيوش، مثل بلاك ووتر، لكن.. تم سحقهم فوق تراب اليمن، حينها تذكروا أنهم يقاتلون اليمن.
نسوا أنهم على مرمى قذيفة منَّا، ونسوا أن ضروع البقرة الحلوب ستجف، ونسوا أن الميزانية ستهتز رغم صلابتها، ونسوا أن أمريكا هي التي أوصلت صدام حسين إلى حبل المشنقة، وهم ليسوا أعتى من صدام، ونسوا أنهم يقيمون على فوهة بركان.. ونسوا أن الحضارات لا تزول إلا بزوال الدنيا كلها.
نسوا أنهم رغم ما صلوا إليه ما زالوا يشربون بول البعير، ويمنعون المرأة من قيادة السيارة، وأن الخيمة ما زالت تسكن بأعماقهم، وأن حقد الصحراء ما زال يقودهم بعينين مغمضتين، ونسوا أن العصر يمشي باتجاه وهم باتجاه آخر، وأن التاريخ لا يرحم أحداً.
نسوا الله فأنساهم أنفسهم.. نسوا الإنسانية فسقطوا في مستنقع الجريمة، وسيتذكرون قريبا ًحين يغادرهم الزهايمر أنهم كانوا مخدَّرين، وسيقولون: إنما سُكِّرَت أبصارنا، بل نحن قومٌ مسحورون.