القاتل الطليق ..

> وسط غياب للقاح..وانتشار الكلاب في الأحياء ..

> برنامج مكافحة داء الكلب :  اللقاح  نفد من مخازن وزارة الصحة بسبب الحصار .. والمصل وحده دون لقاح لا يكفي

> غراب : غسل موضع العضة بالماء والصابون لمدة 15 دقيقة يمثل 80% من معالجة المرض

> المحاقري : المعضلة الحقيقية  تكمن في غياب موازنة لبرنامج داء الكلب

> 1019 حالة منذ مطلع 2016 .. و30 إلى 40 حالة عض يومية

> المصابون يشتكون من ارتفاع  سعر المصل واللقاح في الصيدليات الخارجية

> الداء يفتك بعائلة كاملة.. والأطفال الأكثر تضررا

تحقيق / رجاء عاطف

داء الكلب.. خطر يتسلل إلى واجهة المشكلات الصحية بصمت.. في ظل العدوان الغاشم الذي فاقم من الواقع الصحي على نطاق واسع..وعلى المستوى المحلي تقول إحصاءات موثقة رسميا أن هناك أكثر من 11 ألف شخص تعرضوا لعضات من حيوانات قد تكون مصابة بالداء وتلقوا الإسعافات الأولية والعلاج الواقي خلال عام 2015م ..
كما بلغت الوفيات لعام 2015 ( 40) حالة وفاة، ولا تمثل هذه الأرقام حجم المشكلة الحقيقية في اليمن لأن أغلب الحالات لا تصل إلى مراكز المكافحة ولم تسجل خاصة في ظل الحرب والعدوان على اليمن مع أن  هناك وحدات مكافحة في بعض المحافظات لكنها  لا تتمكن من تقديم الخدمة..
ويعتبر “داء الكلب” من الأمراض المنتشرة في العالم ،حيث تشير الإحصائيات الحديثة  إلى أن ما يربو على 15 مليون شخص من ضحايا عضات الحيوانات يتلقون الإسعافات الأولية والعلاج الواقي من مرض داء الكلب سنويا..
كما يتوفى بهذا الداء سنويا  55 ألف شخص.. والمتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 330 ألف حالة سنوياً إذا لم يتوفر اللقاح والمصل الواقي..
وأغلب هذه الأرقام تتركز بصفة أساسية في آسيا وأفريقيا ..
وفي التحقيق التالي ..نناقش المشكلة ..ونتتبع تداعياتها على الناس والأطفال خصوصا..والإجراءات المطلوبة للحد من مخاطرها.

يعرف داء الكلب بأنه التهاب فيروسي دماغي نخاعي حاد يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤدي للشلل ثم الوفاة وهو من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ويشكل خطورة كبيرة على الإنسان أولاً والثروة الحيوانية ثانياً لأن معدل الإماتة فيه 100 % إذا لم تتخذ الإجراءات الإسعافية الوقائية اللازمة في الوقت المناسب …
وينتقل للإنسان عن طريق العضات والخدشات من الحيوانات المصابة بالعدوى .
وتؤكد الإحصائيات أن الناقل الرئيسي لداء الكلب في اليمن هي الكلاب ، وأن المحافظات التي يكثر انتشار وباء داء الكلب فيها حسب الإحصائيات المرفوعة من وحدات المكافحة هي (أمانة العاصمة ، إب ، ذمار ،تعز ،عمران ،الحديدة)..
شراء اللقاح والمصل مكلف
عمران علي – 22 عاما يسكن في الحصبة عضه أحد الكلاب في ساقه ما أدى إلى نزف بمكان العضة مع حدوث أعراض كالقيء وتوجه حينها إلى المركز لأخذ الاسعافات اللازمة إلا أنه أكد  عدم وجود اللقاح والمصل مما اضطره لشرائه بمبلغ 9000 ريال  وقال: إنه تم ربط الكلب حتى يتم التحقق من إصابته بالمرض حيث إذا ثبت إصابته بالمرض فسيضطره لشراء بقية اللقاحات وهي مكلفة من صيدليات خارج المستشفى الجمهوري.
فيما تؤكد  أم محمد تعرض زوجها لعضة كلب ..وتقول :نحن في القرية إلا أن صاحب الكلب أكد أنه أليف ولكن للاحترازات الوقائية يجب عمل الإسعافات الأولية وأخذ لقاح الداء لأن لديهم وعياً بخطورة هذا المرض ..
ولكنها  تشتكي كــــ عمران من تكاليف جرعة اللقاح والمصل الأولي ولولا الخوف من المرض وانتشاره لما توجهوا إلى المستشفى حسب قولها..
وتناشد المعنيين بأن يلتفتوا لحال المواطنين الضعفاء الذين ليس لديهم حتى قوت يومهم لشراء لقاح الداء و ان يتخذوا إجراءات سريعة لحل مشكلة اللقاح .
وطبقا لمسئول وحدة داء الكلب في المستشفى الجمهوري الدكتور عبده غراب  فقد وصل إليهم في 2016/3/11م أثنتي عشرة حالة من أسرة واحدة وهم” بيت متاش “والذين تعرضوا جميعا لعضة كلب والآن يستخدمو اللقاحات حسب الجدول المعمول لهم حيث تم إسعافهم في اليوم الثاني ..
ويضيف: لقد تم قتل الكلب وقتها لأنه مصاب في الوقت الذي كان حينها المصل واللقاح متوفراً لكن حاليا سيضطرون  لشراء الجرع المتبقية على حسابهم بسبب انتهاء اللقاحات قبل عشرة أيام وهذا سيكلفهم الكثير من المال لأن عددهم كثير واللقاح يباع من خارج المستشفى بمبالغ كبيرة ..
30 إلى 40 حالة يومياً
ويؤكد  الدكتور  غراب أنه يتم استقبال من40-30 حالة في اليوم الواحد تعرضوا لعضة كلب يأتون من كل المحافظات نظرا لعدم وجود اللقاحات ، حيث وصل عددهم من بداية العام 2833م تقريباً نحو ( 1019 ) حالة الى الآن  توفي منهم 4 حالات وهم من ظهرت عليهم أعراض داء الكلب..
وتابع : وفي العام الماضي توفي 21شخصا من ( 2833) حالة، وقال : من  بين إجراءات إسعاف المصاب بالعضة يتم غسل الجرح بالماء والصابون لمدة 15 دقيقة بطريقة جيدة تضمن 50 % من المعالجة ثم إعطاء المصاب مصل داء الكلب مرة واحدة واللقاح .
لافتا إلى أنه  يجب مراقبة الكلب لمدة 10 أيام إذا كان يشرب ويأكل خلال عشرة أيام أو أكثر فذلك يعني أن الكلب سليم أما إذا كان مريضاً فسيموت خلال الـ? الأيام الأولى بعد العضة أو قبل ظهور الأعراض فنعطي جرعة مصل ولقاحات كاملة للمصاب وهي 5 جرع حسب جدول يعمل أول يوم وثالث يوم وسابع يوم ويوم 14 و28 ، أما إذا لم يأخذ المريض اللقاح والجرع مباشرة وظهرت الأعراض فستكون الوفاة محققة  100 % ولن تنفع معه علاجات أو غيره.
الأعراض
ويشير الدكتور غراب  إلى هناك جرعه تنشيطية تعطى بعد ثلاثة أشهر إذا كانت العضة في الوجه أو الرأس لأنها خطيرة ليتم تقوية المناعة في جسم الإنسان.
وحذر من خياطة الجرح مكان العضة إلا إذا كانت العضة كبيرة فالمفترض أن تخيط بمسافات متباعدة كي يتم خروج المسببات المرضية عبر النزيف .
مؤكداً أن أخطر العضات هي التي تكون في الأجزاء العلوية..
و تبدأ الأعراض عند الإنسان من 25 إلى 40 يوماً لأنها كلما كانت قريبة من الدماغ كلما كانت خطيرة وقد تظهر الأعراض في الإنسان حسب المناعة وحسب الفيروسات الداخلة للجسم وكلما كانت العضة عميقة وقوية كلما كان أثرها أسرع .
وحول الفئات الأكثر تعرضا لعضات الكلاب فإن الأطفال من 8 سنوات إلى 15 سنة هم الأكثر تعرضاً.
وتبرز مشكلة غياب اللقاحات بسبب حصار العدوان كقضية رئيسية ..وهنا يقول مسئول وحدة داء الكلب بالمستشفى الجمهوري بصنعاء :  اللقاحات والمصل كانت متوفرة  لكن انعدمت مؤخرا لذلك يتم شراؤها من الصيدليات الخارجية مؤقتا على حساب المواطن الذي يلقي باللائمة  علينا لعدم قدرتنا  على توفير اللقاح . وأكد أنه يتم بيع المصل خارج المستشفى بخمسه آلاف ريال والمشكلة أنه أول يوم يستخدم المصاب جرعة المصل واللقاح مع بعض ويصل سعرهما 7000 ريال ومن ثم يتم شراء اللقاح  والذي سعر الجرعة منه 3000ريال.
وطالب الجهات المعنية بمكافحة داء الكلب عبر التخلص من الكلاب الضالة  شهرياً في جميع المحافظات وتوفير السموم لأن ذلك سيوفر الكثير من المال خاصة وشراء اللقاحات والأمصال يكلف 41 مليوناً.
نفاد اللقاح
من جهته يقول أحمد الورد – مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب بوزارة لصحة : أن الوزارة تبنت البرنامج للحد من خطورة هذا المرض وتقوم بتوفير اللقاح والمصل وتدريب العاملين في الوحدات الصحية والمرافق الصحية وتعريفهم بمرض مكافحة داء الكلب والإجراءات التي ينبغي اتخاذها عند وصول شخص معضوض إلى جانب توعية للمواطنين وعمل دورات تدريبية لطلاب المدارس عبر التثقيف وكيف يتجنبون هذا الخطر لانهم أكثر الفئات عرضة للعضات .
ويشير الورد إلى أنه  نتيجة للعدوان والحرب لم يتمكنوا من الحصول على المخصصات المالية لشراء اللقاح والمصل حيث نفد اللقاح المتبقي في المخازن  لفترة ..
مؤكدا توفر  المصل حاليا  من منظمة الصحة العالمية ولكنه لا يفيد  دون اللقاح لأنه عبارة عن أجسام مضادة جاهزة تعطى للحد من نشاط الفيروس لفترة محددة .
وأشار الورد إلى أن  عدد الذين تعرضوا للعض من كلاب أو حيوانات مشتبه بإصابتها بداء الكلب في العام 2015 بلغ  (11351) شخصاً والذين توفوا بالمرض 40 شخصاً وهذا رقم مخيف حسب قوله.
طرق وقائية
ولفت  مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب بوزارة لصحة أن المرض غير معد إلا عن طريق العض أو اللعاب اذا وصل لجرح مكشوف طري لأن الفيروس ينتقل عبر الرزم العصبية وليس الدم أو الجهاز الهضمي ولا يعدي عن طريق الجلوس مع المصاب أو الأكل معه وأن من طرق الوقاية قتل الكلاب الضالة وتطعيم الكلاب المملوكة والإسعافات الأولية للأشخاص الذين تعرضوا للعض وإعطائهم اللقاح الواقي ..
وناشد الورد وزارة المالية والمنظمات الداعمة لتوفير اللقاح الواقي للحد من مشكلة داء الكلب والتخفيف من معاناة المواطنين. معتبراً ان هذا المرض مرض الفقراء لأن الكلب لا يعض إلا الفلاحين أو أبناءهم أو المواطن العادي من الطبقة الكادحة فهم من يتعرضون للعض وأحياناً لا يملكون أجرة المواصلات التي تنقلهم إلى المركز لأخذ اللقاح..
وتساءل : كيف إذا تجرع  الشخص الفقير قيمة الجرع كاملة بمبالغ تصل من 25 إلى أكثر من 30 ألفاً وهذا مبلغ باهظ في ظل هذه الظروف .
منوهاً إلى أن الجرعة تكلف  وزارة الصحة تقريباً ما بين 2500 إلى 3000 ريال وهي تصرف مجاناً وفي المستشفى تباع بهذا السعر لكن يظل انعدام اللقاح مشكلة  وعند انعدامه من الوزارة يتلاعب أصحاب النفوس الضعيفة من التجار بأسعاره .
دور الصحة
وعن دور وزارة الصحة في توفير العلاج اللازم يقول الدكتور/ علي المحاقري – مستشار وزارة الصحة للرعاية الصحية الأولية ومسئول  غرفة عمليات مكافحة الأوبئة: تقوم وزارة الصحة برفع الاحتياج ومطالبة وزارة المالية بتوفير الاعتمادات اللازمة لشراء اللقاح والمصل وبالتالي من خلال المراكز المنتشرة على مستوى محافظات الجمهورية نبدأ نواجه الحالات.
وأضاف: هناك سوء فهم لمعنى كلمة حالات داء الكلب والبعض يظن ان كل من تعرض لعضات الكلاب يعتبر معرضاً للإصابة لكن إذا تعالج في الوقت المناسب لا تعتبر حالة أما إذا ظهرت الأعراض في الإنسان حينها لا تنفع معه علاجات وبهذا تعتبر حالة مرضية والمرض مميت بنسبة 100 %ويجب أن لا نستهين به.
وبيّن أن الأمر ليس مسئولية  وزارة الصحة وحدها  لأنها جزء من منظومة معنيين بمكافحة داء الكلب وهناك خطة مشتركة مع البلدية ووزارة الزراعة وأمانة العاصمة ولكن تقف أمامنا عقبة الموازنة وعدم وجود الإمكانات مما يجعلنا في مأزق بالنسبة للقاح وإذا لم تتوفر الميزانية المطلوبة خلال هذه الفترة لن تكون لدينا أي جرعة السنة القادمة لمدة عام كامل وسيجري المواطن المسكين وراء اللقاح في الصيدليات من مكان إلى آخر، ولكن إذا توفرت ميزانية ستكون المعالجة سهلة .
صعوبة توفر اللقاح
وأكد المحاقري أنه تم عمل نداء استغاثة نهاية العام الماضي ومنتصفه وعمل مذكرة لمنظمة الصحة العالمية بأننا سندخل في مأساة إذا لم يتوفر المصل واللقاح والاستجابة تمثلت بوصول كمية بسيطة من المصل  مع أن المنظمات  في ظل الأوضاع الطارئة التي نحن فيها توجه كل إمكانياتها لمواجهة الطوارئ .
وتمنى بأن تكون هناك توعية صحية تشمل كل القطاعات إلى جانب الاهتمام ببرنامج مكافحة داء الكلب لأنه من البرامج المهملة ولا تتوفر له ميزانية لجعله يقف على رجليه كبقية البرامج التي لديها برامج توعية في وسائل الإعلام بشكل واسع، وأن يعي المواطنين معنى المرض والقيام بإجراءات الاسعاف في الوقت المناسب .
وسائل المواجهة
ومن جانبه يقول عبدالملك الحسيني – مدير مكافحة الرش والصحة الوقائية بوزارة الصحة  :قمنا بحمله مكثفه مكونة من 20 فرقه في العام 2013م  ولمدة 42 يوماً تم خلالها القضاء على ما يقارب من 20 ألف كلب وخلال العام 2013 بالكامل وصلنا إلى التخلص من نحو 29 ألف كلب وبدأت الأحوال تتغير من عام 2014م حتى الان وقد تم خلال العام 2014م  القضاء على ( 4889 ) كلباً..
وفي عام 2015م  تم القضاء على ( 3466 ) كلباً ..أما العام الجاري 2016 لم يتجاوز العدد حتى ( 1500 ) كلب بالرغم من انتشار الكلاب نظرا  لغياب برامج المكافحة بسبب الظروف التي تمر بها البلاد.
وأضاف : تتوفر لدينا فرقتين لمكافحة الكلاب الضالة والمسعورة تعمل في نطاق أمانة العاصمة والمناطق المجاورة من الأطراف وهذه العملية تكون بشكل يومي على مدار السنة إن توفرت الإمكانيات مثل السموم وإبر التخدير وكذا مادة الديزل للقلابات العاملة مع الفريق .
وأوضح أن هناك عمليتين للإبادة، الأولى عن طريق الطعوم والثانية عن طريق عصا التخدير .
وتابع: بالنسبة للقرى لم يتم العمل بها حالياً نظراً لكثرة تواجد الكلاب داخل العاصمة ولعدم توفر مادة استركنينسو لفيتو وهذه المادة الوحيدة التي تقضي على الكلاب لفترة م5-2دقائق وتعتبر من أخطر السموم ولا يتم استيرادها عبر أي وكيل باليمن إلا بطلب رسمي من قِبل أمانة العاصمة وتحت إشراف وزارة الزراعة.
معوقات
وذكر الحسني  أن من أكبر المعوقات التي يواجهونها هي عدم توفر السموم حيث يبلغ قيمة الكيلو الواحد 950 دولاراً، إلى جانب عدم توفر إبر التخدير التي قيمة الواحدة 35 دولاراً.
مؤكدا وجود مناقصه للسموم والإبر لها من العام 2013 وحتى الآن لم يبت فيها، كما يتعرض الفريق العامل للاعتداء بالشتم وأحيانا بالضرب وتكسير القلاب من قبل بعض ملاك الكلاب الذين يقومون بتربية أكثر من كلب بالرغم من أن جميع الكلاب في الشارع وكذا الكلاب القريبة من مزارع القات والورش وغيرها حتى في بعض الحارات يقومون بالاتصال بعمليات المشروع بأن هناك كلاباً كثيرة ومزعجة وعند نزول الفريق حسب البلاغ يقومون بمنعه بحجة أنه حرام وأن هذه الكلاب للحراسة، في الوقت الذي نتمنى التعاون من الجميع.

قد يعجبك ايضا