آل سعود والقضية الفلسطينية
أحمد مدفع
“أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً”
هذا المثل العربي هو ما يمكن أن نصف به موقف مملكة طمس الهوية المنسوبة إلى آل سعود من القضية الفلسطينية؛ فموقف آل سعود من تلك القضية يعد موقفاً تمثيلياً بحتاً، ويهدف إلى احتواء حركة المقاومة الفلسطينية وإفسادها بالمال لإبعادها عن العمل الثوري الصادق، وشق الصف الفلسطيني والعربي، وامتصاص غضبهم لتفادي أي تصرف أو قرار قد يضر ببني صهيون ودولتهم السرطانية المزروعة في جسد الأمة الإسلامية.
ولكي لا أكون بذلك متحاملاً على بني سعود، فسأسرد للقارئ الكريم دلالات تكشف حجم التآمر من قبلهم على فلسطين.
فعلى الرغم من أن الخلافة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد كانت تعاني من عجز مالي حاد إلا أن السلطان رفض بيع فلسطين لليهود مقابل المال الذي يسد ذلك العجز، بل ويفيض؛ ونظراً لأن فلسطين عربية فقد سعى اليهود وعن طريق بريطانيا للبحث عن أي موافقة اعتراف من قبل بعض العرب اللاهثين وراء الزعامة والطامعين بالسلطة؛ ولكي يكون لذلك صفة الشرعية عملت بريطانيا على إيجاد كيانات عربية ذات بعد سياسي في جسد الرجل المريض، وهو ما تم بالفعل مع عبد العزيز بن سعود الذي تواصلت معه أثناء زيارته للكويت ومن ثم دعمته بالسلاح ضد أعدائه آل الرشيد وغيرهم؛ الأمر الذي نتج عنه معاهدة القطيف أو دارين عام ???? م والتي وقعت من قبل ابن سعود والسير برسي كوكس المقيم البريطاني في الخليج، حيث اعترفت فيها بريطانيا باستقلال عبد العزيز بنجد والأحساء وما يتبعهما من موانئ ليعلن من نفسه سلطان نجد، كما نصت تلك المعاهدة على أحقية أسرة ابن سعود في توارث سلطنة نجد، وأيضاً تعهد بريطانيا بحمايته من أي اعتداء؛ وهذا هو ما ظهر من بنود المعاهدة في حينه، أما الجانب الخفي منها والذي أظهرته الأيام فهو موافقة عبد العزيز بن سعود خطياً بأن تكون فلسطين لليهود، وهذا هو نص الموافقة: “أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أقر واعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من أن أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة “.
وهذه الوثيقة قد ظهرت في الآونة الأخيرة، ومقابلها حصل ابن سعود على راتب شهري يقدر بخمسة آلاف جنيه وقيل أكثر تدفعه بريطانيا لإدارة شؤون سلطنته، وكذلك وعدته بإعادة صياغة تاريخ آل سعود المشبوه نسباً وأخلاقاً وأهداف وجود وذلك بشراء المخطوطات والكتب التي تحدثت عنهم وجرائمهم وأفعالهم الشنيعة منذ ظهورهم وإتلافها واستبدالها بكتب جديدة تتحدث عنهم وكأنهم ملائكة ومنقذون، وهو ما تم بالفعل عن طريق بعض الكتَّاب المأجورين كحافظ وهبة، وأمين الريحاني، والرافعي، والزركلي وغيرهم.
وبالتزامن مع اتفاق بريطانيا مع ابن سعود كانت بريطانيا تعقد اتفاقية أخرى مع كل من فرنسا وروسيا وذلك لتقسيم الشرق العربي إلى مناطق نفوذ وعرفت بسيكس بيكو تلاها وعد بلفور عام ???? م الذي نص على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وعندما رفض الشريف حسين والذي كان من أهم حلفاء بريطانيا وعد بلفور تخلت عنه بريطانيا تدريجيا أمام أطماع ابن سعود لتنتهي بسيطرة الأخير على الحجاز ليعلن نفسه سلطانا لنجد والحجاز.
وعلى إثر وعد بلفور بدأ اليهود بالهجرة إلى فلسطين من كل أطراف العالم الأمر الذي بسببه دعا مفتي فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى للقدس أمين الحسيني عام ????م دعا لعقد مؤتمر إسلامي في مكة لشرح القضية الفلسطينية وتوضيح المطامع الاستعمارية والصهيونية في فلسطين لكن ابن سعود رفض انعقاده في مكة وعندما تقرر عقده في القدس اعتذر ابن سعود عن إرسال مندوبين عنه وكان ذلك إذعاناً منه لطلب بريطانيا وجه إليه بعدم المشاركة.
وتمهيداً لإعلان دولة إسرائيل أوعزت بريطانيا إلى ابن سعود وفاروق مصر فكرة إنشاء جامعة الدول العربية لتظهر تلك الجامعة في مارس ????م وبها اكتمل مخطط تمزيق البلاد العربية إلى عدد من الدويلات لتعلن بريطانيا عام ????م قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
وهناك وثائق أمريكية وبريطانية تحدثت عن الزيارة التي قام بها الأمير سعود بن عبد العزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي كان هدفها المعلن عنه هو عرض وجهة نظر عبد العزيز بن سعود تجاه القضية الفلسطينية والاحتجاج على الموقف الأمريكي المؤيد للصهيونية وبالفعل طرح الأمير سعود المسألة على الرئاسة الأمريكية ولكن بالصيغة التالية: “إن والدي يقول: إنه لن يسمح لأي قضية مهما كانت أن تؤثر على علاقات الصداقة المتينة بينه وبين صديقته الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى حتى ولو كانت تلك القضية هي قضية فلسطين”!!، وفي نهاية المقابلة طلب سعود قرضاً من أمريكا بقيمة 40 مليون دولار.
و قد أورد صاحب كتاب عقود من الخيبات رسالة من الملك فيصل بن سعود إلى ملك الأردن حسين بن طلال موثقة بتاريخ ? يناير ????م وفيها يحذر فيصل ملك الأردن من المقاومة الفلسطينية المتواجدة في الأردن وبأنها ستستغل ضد الأردن والسعودية.
وعن معاهدة كمب ديفيد فإن كثيراً من السياسيين يؤكدون أنها ما كانت لتتم أو تظهر إلى حيز الوجود لولا دعم آل سعود وتأييدهم.
وما دعم آل سعود لثورات الربيع العربي والتي خطط لها الصهيوني برنار ليفي إلا لخلق فوضى عارمة في البلدان العربية لتجعل من أمر التطبيع مع بني صهيون أمراً واقعياً وضرورة حتمية.
وخلاصة القول هو رسالة نوجهها لكل أذناب العمالة والخيانة والارتزاق وهي: أن الذيل مهما زاد طوله وكساه الشعر الملون فلا يمكن أن نطلق عليه غير مصطلح ذيل.