> الشعراء.. حمم ثائرة انتصرت للحقيقة في زمن العدوان
> الزامل .. صوت الشعب ورسالته الواسعة الانتشار..
عادل عبدالاله العصار
منذ بدء العدوان الغاشم على اليمن جسد الأدب الشعبي حضوره الفاعل وسرعان ما تحول إلى جبهة مواجهة ومقاومة لم يشهد لها التاريخ مثيلا في كل ما شهده العالم من حروب..
وفي اللحظة التي فتحت فيه قوى العدوان النار على الشعب اليمني انفتحت على العدوان ألف جبهة وتحولت حكومات دول العدوان وسياساتها إلى أهداف لا تخطئها أسلحة الكلمة الصادقة التي تحولت حروفها إلى شفرات أثخنت العدو جراحا وعرت سياساته وكشفت حقيقة أهدافه التي طالما سعى لإخفائها وتغطيتها وتزييف وعي الرأي العام العالمي بتقديم مبررات ووحجج لا تتفق مع واقع ما يسعى للوصول إليه من وراء العدوان..
الشعب يتفجر شعراً
اجتهدت قوى العدوان التي تقودها مملكة آل سعود كثيرا لدرجة توسيع دائرة حربها القذرة على الشعب اليمني وهي الحرب التي رافقتها حرب إعلامية واسعة النطاق سعت من خلالها لتزييف وعي المواطن اليمني وتبرير العدوان وتجميله وتصويره وكأنه انتصار للإرادة اليمنية..
اجتهدت قوى العدوان كثيرا لدرجة استهداف وسائل الإعلام اليمنية وإسكات كل الأصوات الرفضة للعدوان، لكن وفي الوقت الذي توهمت أنها حققت ما أرادته باستهداف وإيقاف القنوات الإعلامية اليمنية -المسموعة والمرئية- تفجر الشعب اليمني شعرا وانطلقت قنوات لم يكن العدوان يتوقعها على الإطلاق..
تفجرت قريحة اليمنيين وتعددت المواهب والأسماء، ودخلت المرأة بقوة شعرية وعاد صوت الشاعرة غزال المقدشية يصدح مجددا من خلال العديد من الأصوات الشعرية مثل الشاعرة سبأ الجهراني والشاعرة مليون العنسي والشاعرة ليلى النويرة وسبأ العواضي والكثير من الأصوات النسائية التي تجسد من خلالهن صمود المرأة اليمنية في وجه العدوان وثباتها في خندق المواجهة..
الزامل..صوت الشعب..
تفجر الأدب الشعبي أنهارا شكلت بحرا شعريا هادرا يتدفق حماسة وقوة ولا يمكننا إلا أن نصفه بشلالات حمم البراكين الثائرة والتي سرعان ما تحولت إلى مغناة ولسان حال أبناء الشعب اليمني المسكون بالشعر منذ طفولة الحياة وحتى اليوم وسيظل كذلك وستظل الكلمة رسالته والقصيدة سفيره في الحرب والسلام..
يقول الأستاذ الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح في تقديمه لكتاب الزامل لصالح بن أحمد الحارثي:
” هو ضرب من شعر العامية يتزامل الناس في إنشاده وترديده في مناسبات عديدة، أهمها مناسبات الحرب، وربما كانت أشعار الزامل من أقدم أشكال الشعر العربي وقد اشتقت تسميته – التي ترجع إلى ما قبل الإسلام – من التزامل في إنشاده، سواء في معارك القتال أو في ميادين العمل.. إلخ..“
ومع تطور الحياة وتزايد الوعي تطور شعر الزامل ارتقت لغته وأصبح فناً قائماً بذاته يطرق كل الأبواب وجميع جوانب الحياة ويعكس الأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وفيه الحكم والإجازة، الحل والعقد، الرفض أو القبول، وهو تعبير عن رأي الجماعة وموقفهم من القضية التي يتناولها..
رسائل الحشد والنكف
أمام روائع شعر الصمود سنتوقف قليلا لنرسم بالحروف صورا شتى لأروع ما جادت به قرائح الشعراء من قصائد وزوامل كان لها الأثر الكبير في توحيد الصف الوطني والمجتمع ورفع معنويات المقاتل اليمني في مختلف جبهات التصدي، بل وكانت الرصاصة التي سكنت صدر العدو وزلزلت الأرض تحت أقدامه..
وفي الوقت الذي يعتبر فيه الأدب الشعبي أهم وسائل التعبير عند الشاعر سواء للتعبير عن نفسه أو للتعبير عن جماعته وقبيلته إلا أنه هنا تجاوز كل ذلك واستعاد ماضي اليمنيين العريق واستخدم الشعر في استنهاض الحمية أو ما يطلق عليه قبليا (النكف) من خلال توجيه رسالة لكل القبائل اليمنية وهذا النوع من الشعر الشعبي لا يستخدم إلا عندما تتعرض القبيلة لخطر كبير يهدد وجودها ووجود جميع القبائل ويتوجب اتحاد الجميع لمواجهته وهو ما يمكن لنا قراءته من خلال هذه القصيدة الموجهة لكل القبائل اليمنية:
حان وقت الرد والبادي اظلم
ياملوك العهر والعنجهية
النقا مشروع والدم بالدم
يارجال العز وأهل الحمية
ياجبل مران ياقرن لعجم
ياشوامخ ياقمم معتلية
بلغي كل القبايل تزلم
البكيلية مع الحاشدية
بلغي مذحج وهمدان الاعظم
والحشيشية مع الحارثية
واندهي سفيان وأولاد معصم
والصريمية مع الخارفية
بلغي شاكر وذيبان واحكم
واندهي هران واهل امركية
بلغي خولان والسبع تسلم
اليمانية مع المشرقية
والمرادي يوم عيان يدهم
مرحبا بالفزعة الماربية
ياحدا ياعنس يا أولاد مرغم
يارداع الجود يالصالحية
يارجال الجوف في كل مقدم
يادهم يانهم ياالاحمدية.
بلغي حيدان ياالقرن الاعصم
والجماعية مع الرازحية
والسحارية على العز تدعم
من عنم وافرع وتعشر ولية
من بلاد الروس سنحان تزهم
من بني بهلول هذا وذية
والحيام العز مكسب ومغنم
داخليتها مع الخارجية
ياضلاعي ياغذيفي ويااخرم
يابني الخياط والشاحذية
وأنت ياالفاشق بقومك تقدم
والزرانيق الرجال العصية
ياصرابي ياعريفي وعلكم
والمعالي كلها محبشية
بلغي دمون دوعن ومعلم
والكثيرية مع الصيعرية
بلغي شرعب ورسيان واقدم
بلغي اب الرجال الوفية
يوم شب الصوت كلا تحزم
بالقشط والنصلة الحضرمية
كل ثاير حر أخر وقدم
ما يهاب الموت يوم المنية
بلغي سلمان مردم جهنم
باتجيه الهبة الحميرية.
اليماني لا تقدم تقدم
يبشروا بالضربة الحيدرية
بانشل أبها ووادي يلملم
والمسا ياقوم وسط الحوية.
لم يتوقف الشعر الشعبي عند حدود الحشد الشعبي ودعم جبهات القتال وتقوية أواصر وحدة الصف الوطني بل تجاوزه إلى التواجد في عمق جبهة القتال والمواجهة سواء من خلال وصف المعارك ووصف قوة وشدة بأس اليمنيين أو من خلال ارسال رسائل التحدي للعدو وهو ما يمكن لنا قراءته من خلال قصائد الشاعر عباد ابوحاتم (شاعر نهم) وقصائد الشاعر محمد الجرف والشاعر عبدالسلام المتميز والشاعر عبدالمجيد الحاكم والشاعر ابوريدان الجبري والشاعر ضيف الله الدريب وغيرهم من الشعراء الذين تخندقوا في خندق الوطن وكان لهم دور كبير في صنع الصمود الأسطوري للشعب اليمني طيلة عام كامل من العدوان.