كم أنا حزين …
ن …….والقلم
عبد الرحمن بجاش
قلت ضاحكا : يا عبدالسلام , وأتيت من مطار تعز !!! , بابتسامة معهودة : أتيت لنتذكر تلك الأيام , وأضاف سريعا : أتيت لأرى هل ما زلت الذي كان , قلت وكيف رأيت ؟ ضحك ففهمت ماذا يعني أن يضحك عبدالسلام الارياني زميل المدرسة والبدايات. تأكد لدينا في تلك اللحظة وفي قاعة السعيد وقد أنهيت محاضرتي الجزء الأول : (( حكاية شارع علي عبدالمغني …الثورة والثوار مروا من هنا )) , تأكدنا أننا لم نزل بتلك الروح التي تركناها في أعماقنا , وكل منا ذهب في اتجاه . توفي إلى رحمة الله الزميل والصديق عبدالسلام الارياني مدير مطار تعز , زميل الابتدائية ( الأحمدية ) أولا , ثم ناصر , ثم الكويت الإعدادية فمدرسة الشعب , أنا صعدت نحو الشمال إلى صنعاء لأستقر فيها , وعبد السلام بقي في تعز , سنين مرت حتى جاءت الفرصة من خلال ذاك الخبر الصغير 🙁 بجاش يلقي محاضرة في السعيد) فلم يتردد في أن يترك مكتبه ويأتي , قال ضاحكا : لن أتركك , فيكفي السنون التي مرت لم نر فيها بعضنا , كان الإيراني زميل الصف , وهناك عباس الارياني , وعبدالكريم ( حامل الكاميرا) , ثم لحق بنا أحمد عبدالرحمن الارياني في الكويت الإعدادية بصالة . يا الله ما أجملها لحظة , بل هي اللحظة الإنسانية الأكثر كثافة وحضورا حين تلتقي فجأة بطفولتك وصباك زميل يتحرك بشحمه ولحمه , بل وصديق ظل وفيا للذكرى التي يتناساها من لا أعماق لهم !!! . حين دلف عبد السلام إلى القاعة , تسمرت عيني عليه (يا الله هو بشحمه ولحمه) , لكزني فيصل برجله ينبهني إلى أنني توقفت والقاعة تنظر إلى : لماذا ؟ , لم يدرك أحدا تلك القشعريرة الخفيفة التي سرت في جسدي , هاهي الطفولة , والصبا , حافة إسحاق , مقهاية الابي , مخبازات الشيابنة , الوعيل , مستودع الشرقي , سوق الشنيني , سوق الطويل , نلعب الكرة في صباحات رمضان حين تنقطع الحركة طوال صباحات الشهر الكريم , ياسين مهيوب , عادل جاود , عبدالسلام , عباس , عبدالكريم , علي الزعيم , صادق مهيوب , أحمد حسن العديني , محمد مهيوب الحبشي , الشرعبي , مفيد , عبدالله حزام , الشجاع , عقيل , عبدالحليم الحريبي , يا الله , فالشريط يطول ويطول , انتبهت إلى اللكزة وواصلت , تلعثمت لثوان , لكنني استعدت لياقتي وواصلت . أكملت , تركت الأيدي التي امتدت تسلم علي , كانت روحي هناك على أيام خلت , مثًلها عبدالسلام تلك اللحظة بكثافة . زمن يعود ربما للحظات , فيغادر , مسكت بتلابيبه , وكتفه , وتعانقنا طويلا , نفس الطيبة , والحنو , وذكريات قال أنه جاء ليتأكد أنها ما تزال في ذهني , وجدها في روحي , أخذته من يده ونزلنا لا نلوي على شيء , لم نتوقف إلا على باب الأبي , مقهاية الأبي أين كنا نجلس نشرب الشاي معا , كانت أجمل لحظات ذلك اليوم . كلما نزلت إلى تعز أتى عبد السلام رحمه الله , يباركني بابتسامته ويذهب , حتى عرفت أنه غادر للعلاج , حتى فتحت الفيس بوك , أداري حزني على مصاب بيت شمسان , وإذا بخيال وجه مبتسم وشاحب , وإنا لله وإنا إليه راجعون , عرفت أنه تركني , كما تركتني مقهاية الابي , كما ترك شارع 26 مكانه !!! . رددت فقط: لله الأمر من قبل ومن بعد .