إعادة النظر في آلية توزيع الإغاثة الإنسانية في اليمن
عبدالرحمن علي علي الزبيب*
بالرغم من تعطش اليمن للإغاثة الإنسانية والتزام العالم بتنفيذ إغاثة إنسانية عاجلة لليمن ولكن؟
مازال هناك قصور كبير في آلية توزيع تلك الإغاثة الإنسانية لنضمن وصولها إلى مستحقيها بعدالة ونزاهة وشفافية وخالية من الفساد وبحسب الاحتياج.
حيث مازالت آلية توزيع الإغاثة في اليمن عشوائية ودون أي إحصاء أو رصد أو دراسات أو بحث ميداني يحدد مدى الاحتياج وأماكن الاحتياج للإغاثة وقاعدة بيانات واضحة وشفافة وهذا ما يؤدي إلى تشتيت الجهود الإنسانية وعدم تحقيقها لهدفها المرجو.
ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها :
1- غياب التنسيق بين منظمات وجهات الإغاثة الإنسانية :
لا يوجد حالياً أي تنسيق أو آلية تنسيقية لجميع المنظمات والجهات الإغاثية في اليمن مما يؤدي إلى الوقوع في عدد من الأخطاء الجسيمة في مقدمتها فقدان الإغاثة الإنسانية طريقها الحقيقية وقد يعود ذلك إلى عدم وجود قاعدة بيانات موحدة للحالات الإنسانية المطلوب تنفيذ الإغاثة الإنسانية لها فكل منظمة إنسانية تقوم بتنفيذ الإغاثة بشكل منفرد ودون أي تنسيق بينها وهذا يؤدي إلى تشتيت الجهود والمفترض أن يتم التوافق على آلية تنسيق مشتركة بين جميع المنظمات الإنسانية المعنية بالإغاثة الإنسانية ليعرف الجميع أين تم تنفيذ الإغاثة وأين الاحتياج الحقيقي للإغاثة.
2- تكرار توزيع الاغاثة لبعض المناطق وحرمان مناطق أخرى منها دون مبرر نتيجة عدم وجود آلية تنسيق للإغاثة الإنسانية يتم في الواقع تكرار الإغاثة لبعض الحارات والقرى والمناطق لنفس الحالات لأكثر من خمس مرات في وقت وجيز وفي نفس الوقت يتم حرمان المناطق الأخرى دونما معايير أو مبرر.
3- عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية تحدد مدى الاحتياج الفعلي ودرجات الأهمية لكل منطقة :
عدم وجود تلك البيانات الهامة يؤدي إلى تشتيت الجهود وتشبيع الإغاثة الإنسانية باحتياجات محددة ومكررة وعدم إشباع الاحتياجات الأخرى والمفترض أن يتم دراسة الاحتياج والمواد المطلوبة ليتم تنفيذ الإغاثة بشكل شامل ومقبول.
4- عقال الحارات ومشايخ القرى والمجالس المحلية :
بالرغم من حقيقة معرفة عاقل الحارة وشيخ القرية والمجالس المحلية بالأسر والحالات التي بحاجة إلى إغاثة إنسانية لكن ما هو في الواقع هو عدم فاعلية وجدوى الاتكال فقط عليهم لتحديد الأسر والحالات وكذلك توزيع الإغاثة فالجميع يشكو من عدم شفافية تعامل تلك الشريحة ووجود فساد لدى البعض منهم يستوجب أن تكون هناك جهة أخرى مشرفة ومتابعة لهم للتحقق من صحة البيانات والمعلومات المرفوعة منهم وفحصها ميدانياً وأن يتم نشر تلك المعلومات لجميع أفراد الحارة أو القرية وبشكل دائم وفتح باب التظلمات لمن تم استبعادهم أو البلاغ بفساد أو خطأ في حالات محددة وإذا تم كشف معلومات مغلوطة يتم إيقاف عاقل الحارة أو شيخ القرية أو المجلس المحلي باعتبار ما قام به من مغالطة جريمة تزوير في محررات رسمية يتحمل بسببها المسؤولية الجنائية لأنه يهز من ثقة المجتمع فيهم.
5- الشفافية والمصداقية :
من أهم معيقات تنفيذ إغاثة إنسانية إيجابية في اليمن عدم وجود شفافية تحقق المصداقية في عمل فرق الإغاثة وهذا ما يستوجب تحقيق الشفافية الكاملة عن طريق النشر اليومي للكميات التي دخلت اليمن من الإغاثة الإنسانية ونوعها وآلية وحصص المناطق المستهدفة بالإغاثة وكم حصة كل حالة بالتحديد بالكمية والنوع حيث ما يتم في الواقع تعتيم كبير على ذلك فيتم توزيع كميات لبعض الحالات في بعض المناطق ويستلم آخرون كميات مضاعفة وأصناف جديدة كما ويتم حرمان مناطق أخرى دون أي معايير واضحة وشفافة دونما مبرر.
6- الفساد في الإغاثة الإنسانية:
قد يستغرب البعض من مدى وجود ذلك الفساد في الإغاثة الإنسانية لكن هذا ما هو حاصل يوجد فساد في تنفيذ الإغاثة الإنسانية في اليمن يتحملها الجميع ويستوجب أن تقوم أجهزة الدولة وبالأخص الأجهزة الرقابية بفحص وتدقيق وكشف ذلك الفساد ومكافحته كما أن هناك مسؤولية مجتمعية يستوجب على المكونات المجتمعية من منظمات مجتمع مدني ونقابات ومكونات مدنية أن تعزز من دور الرقابة على آليات توزيع الإغاثة الإنسانية، كم كنت أتمنى أن تقوم منظمات المجتمع المدني والنقابات بتشكيل فرق عمل ميداني للرقابة على فرق عمل الإغاثة الإنسانية والتحقق من سلامة وصحة عملها الإنساني وعدم وجود شبهات فساد لأن هذا هو من أهم واجباتها لأن أي فساد في الإغاثة الإنسانية سيؤدي إلى حرمان شريحة واسعة من المجتمع من الإغاثة الإنسانية وستذهب تلك الإغاثة إلى جيوب بعض الفاسدين وهذا خطأ كبير إن تم .
وفي الأخير:
أتمنى من الجميع في وطني الحبيب اليمن السعيد التكاتف والعمل بروح الفريق الواحد في الإغاثة الإنسانية وتنفيذها دون أي تمييز أو محاباة أو إقصاء أو تهميش فالجميع يستحق الإغاثة وفقاً لمعايير واضحة للجميع وبحسب الإمكانيات المتاحة لكي تتحقق العدالة في الإغاثة الإنسانية وبذلك تتحقق ثقة المانحين للإغاثة وتشجعهم على بذل المزيد لأنهم يعرفون سلفاً أن آليات توزيع تلك الإغاثة آلية جيدة وواضحة وشفافة وخالية من شبهات الفساد خاصة وأن اليمن حسب بعض المعلومات الخاصة مقبل على قوافل إغاثة إنسانية عملاقة في طريقها لليمن يستوجب مقابل ذلك أن يتم تفعيل وتنفيذ آلية عمل واضحة وتنسيق شفاف للإغاثة الإنسانية بما يؤدي إلى تحقيق هدفها بشكل واضح وشفاف ودقيق ولن يتحقق ذلك ما لم يتم إعادة النظر في آلية عمل توزيع الإغاثة الإنسانية في اليمن .
عضو الهيئة الاستشارية لـوزارة حقوق الإنسان النيابة العامة*