صنعاء.. في وقت متأخر

أقول قولي هذا

عبدالمجيد التركي

* أتسكَّع ليلاً في شوارع صنعاء، كمن يجرب لذة المشي بعد جلوس طويل على كرسي متحرك..
الصيدليات ما تزال مفتوحة بانتظار زبائن الحبة الزرقاء..
سائقو التاكسي يخففون سرعتهم حين يمرون بجانبي، ويتلفتون كأنهم يبحثون عن شيء..
أعبر من باب اليمن فأرى أحلام الجمَل النائم في معصرة السمسم..
البيوت القديمة تتمايل من شدة النعاس، والمساجد تتأهب لصلاة الفجر..
أفكر أن أنتظر حتى الصباح، إلى أن يستيقظ صاحب البرعي والزلابيا..
“صنعاء المحروسة”.. هكذا كانوا يسمّونها..
لم تعد محروسة بعد أن ضاع مفتاح باب اليمن،
وبعد أن ضاع الحب، وأصبح الناس يرفعون أسوار بيوتهم.
عمَّاذا تحدث نفسها صنعاء القديمة الآن
وأنا أبحث في أزقتها عن ولد صغير
كنتُه ذات يوم؟
رائحة مُربَّى التفاح تتسرَّب الآن من شقوق باب الحانوت القديم..
هنا كان الأطفال يقفون بانتظار “برقوق”
الذي كان مخيفاً كعزرائيل،
أسرع في مشيتي كي لا يلمحني،
أصبح هذا الـ”برقوق” مُحبطاً بعد أن تم افتتاح مركز طبي بالقرب منه..
سأتوقف في حارة الطّبَري لألتقط أنفاسي..
توقفتُ قليلاً أمام لوحة مكتوب عليها “حارة الجلاء والخرائب”،
حاولت أن أتأمل قليلاً، كالفلاسفة، في معنى هذه التسمية..
إحداهن تكتب- ببخار فمها- شيئاً على زجاج نافذتها،
يا لهذا الزجاج الذي يصمد أمام كل هذا الدفء!!

Magid711761445@gmail.com

قد يعجبك ايضا