من سيتجرأ علی تصنيف أمريكا رسمياً راعية أولی للإرهاب؟!
د.عبدالرحمن أحمد ناجي
حملت إلينا وكالات الأنباء مطلع هذا الأسبوع نبأ إدراج الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة (الإخوان) في قوائمها السوداء ، تلك القوائم التي تضم الجماعات الإرهابية في العالم وكل من تراه مهدداً للأمن القومي الأمريكي ، ولست أجد ما يبرر الفرحة العارمة التي تجتاح البعض منا ، حينما تتناقل وكالات الأنباء العالمية خبراً بأن هذه الدولة قد أدرجت منظمةً ما أو دولةً ما أو شخصاً ما في قائمة الإرهاب ضمن اللائحة السوداء (Black List) لديها ، وكأننا بتحقق ذلك قد حققنا نصراً مبيناً ، مع أن قناعاتنا وما هو ثابت لدينا وما نحن متيقنون منه يقينا مطلقا لا يمكن أن يقل عن الـ100% أن هذه الدولة تحديداً ودوناً عن كل دول العالم ليس من حقها أن تصنف أو تطلق علی أحد كائناً من كان صفة (الإرهاب) .
ذلك لأن هذه الدولة التي تقدم نفسها للمجتمع الدولي علی أنها الراعية الأولى للسلام وحقوق الإنسان ، كونها الدولة الأعظم علی مستوی كوكب الأرض بلا منازع خصوصاً بعد اختلال موازين القوی الدولية بعد انهيار الإتحاد السوفيتي والنظرية الاشتراكية في العام 1990م ، هي الدولة التي يمكن وصفها بأنها أبعد ما تكون عن رعاية الأمن والسلام الدوليين ، أو رعاية حقوق الإنسان سواء علی المستوی الداخلي أو الخارجي إلا بالقدر الذي يتناغم مع مصالحها ، وهذا حق أصيل من حقوق أي دولة في العالم ولا يملك أحد لومها عليه بالطبع ، أو بالقدر الذي يعمل أحيانا علی تحسين صورتها أمام الكون حينما تتأثر تلك الصورة عند لجوء الرؤساء الجمهوريين تحديداً للعنف المفرط غير المبرر الذي يزيل قناع الفضيلة الذي تحاول أن تخدع به من لازال من المنبهرين بها في العالمين ولتبرز وتطفو علی السطح سؤتها حينما تتجرد من أوراق التوت التي تسترها ويظهر وجهها البالغ القُبْح والبشاعة ، وفي حالات كثيرة مشهودة لا تلقي بالا حتى لمسألة تحسين تلك الصورة حينما يتعاقب رئيسان جمهوريان علی الإمساك بمقاليد الحكم فيها .
تلك الدولة التي تری نفسها ويراها المجتمع الدولي المنافق عظمی متفردة في تلك العظمة دون منازع ، أحد أسرار عظمتها أنها وبكل وقاحة وصَلَف وغُرور ولأعوام خَلَت لا تسدد حصتها في الموازنة المالية السنوية لمنظمة الأمم المتحدة ، رغم أنها الدولة المستضيفة للمقر الرسمي الرئيس لتلك المنظمة التي تسير هي الأخرى وتدور في فلكها وتأتمر بأمرها مهما كانت جنسية أمينها العام ، كما أن سراً آخر من أسرار عظمتها وجبروتها أنها ليست عضواً في محكمة العدل الدولية لأنها تری نفسها فوق القانون الدولي ، وبالتالي لا يملك أحد حق مقاضاتها عن جرائمها ومجازرها في حق البشرية ، وليس أدل علی ذلك من عدم تمكن أحد من مجرد التفكير بإخضاعها للمساءلة القانونية عن كل الادعاءات التي تأكد زيفها والتي اتخذتها ذريعة للانقضاض علی نظام الحكم في دولة العراق الشقيقة واحتلالها ، فلا أسری كويتيين تم تحريرهم أو حتى إظهار مصيرهم ، ولا أسلحة نووية أو كيماوية تهدد الأمن والسلم الدوليين تم العثور عليها .
تلك الدولة يعلم مواطنوها قبل غيرهم أنها تُدار من داخل تل أبيب ، وأن القول بأن الكيان الصهيوني يمثل الولاية الواحدة والخمسين في قوام الولايات التي تشكل دولة الولايات المتحدة الأمريكية ليس سوی نكتة هَزلية ممجوجة ، فكل مواطني تلك الدولة قبل غيرهم يدركون تمام الإدراك أن اللوبي الصهيوني الحامل للجنسية الأمريكية المقيم علی أراضيها هو وحده من يحسم مسألة من يكون الرئيس القادم لدولتهم (العظمى) وفقاً للدرجة التي يضمن بها ذلك اللوبي بصورة يقينية مطلقة أن الرئيس القادم لا يمكن أن يشكل خطراً أو مصدراً لمجرد صداع للكيان الصهيوني ولو بما نسبته 0.1% ، وبالتالي فالجميع يعلم أن الولايات المتحدة بجلالة قدرها وكل هيلمانها ليست سوی أداة لا حول لها ولا قوة في يد دولة الكيان الصهيوني تحركها كيفما تشاء وتضرب بها من تشاء وتصوبها نحو من تشاء ، وفيما عدا ما تقدم – في رأيي – ليس أكثر من وَهْمْ يحاول البعض منا ومن هم في مراكز صنع القرار في العالمين العربي والإسلامي مخادعة أنفسهم به وتصديقه والبناء عليه فيما هم يعلمون بتطابق التوصيف السابق مع واقع حال هذه الدولة التي تدعي العظمة والزعامة وهي أحقر من أن تمتلكهما .
تلك الدولة التي لا تتجرأ بالرغم من كل ما تملكه من القدرات العسكرية والتكنولوجية ، أن تقول لا للكيان الصهيوني مهما تمادی في ارتكاب المجازر والتجاوزات في حق أبناء الشعب الفلسطيني ، تلك المجازر والتجاوزات التي لا تتفق مع أبسط حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية ، تلك المجازر والتجاوزات التي إن أفلتت من التعتيم والطوق الإعلامي المفروض علی انتهاكاتها ، وتم بإرادة إلهية بثها علی رؤوس الأشهاد للعالمين في ظل السماوات المفتوحة ، وبدا أنها هزت ما يطلقون عليه الضمير العالمي الميت ودفعته نحو التحرك الجاد من خلال مجلس الأمن (الصهيوني) ، فإن ذلك المجلس ينجح فقط في تسجيل عجز جديد يضاف لما قبله بفعل وجود تلك الدولة المتقزمة أمام الكيان الصهيوني والتي لا تسمح بمجرد صدور بيان إدانة أو شجب أو استنكار في حق ذلك الكيان .
يا كل هؤلاء لقد بات الكيان الصهيوني الآن هو العدو الحقيقي للـ (اليمن) العظيم مع استمرار هزيمة التحالف الدولي في تحقيق أي أهداف سرية أو معلنة ، واستمرار أبطالنا الميامين بأسطورية مذهلة مرعبة في آن واحد في سحق ذلك العدوان في كل جبهات الصمود والتصدي ، ذلك العدوان الذي يلج منكسراً شهره الثاني عشر ويقترب من إسدال الستار علی أواخر أيام عامه الأول ، ويقف ذلك الكيان ومعه كل شعوب الأرض مذهولين مشدوهين لا يصدقون ما تزفه إليهم وكالات الأنباء من أنباء عن استمرار عجز كل دول العالم عن تركيع (اليمن) العظيم والوصول لقلب العاصمة صنعاء ، مهما حاولت حجب تلك الحقيقة أو الالتفاف عليها والادعاء بغيرها ، رغم ما تمتلكه الدول المتحالفة من ترسانة خرافية من الطائرات المتخمة بالأسلحة والصواريخ الموجهة عبر الأقمار الصناعية بتكنولوجيا بالغة التطور ، لم تستطع رغم ضخامتها ودقتها من تحقيق هدف واحد بأمان مطلق وسيطرة تامة ، في مقابل مقاتل يمني غير مستعين بأحد من البشر في العالمين ، مستميت بكل ما أُوتي من قوة في الذود عن حياض وطنه في مواجهة الغطرسة والاستكبار العالميين ، ذلك المقاتل اليمني الذي لا يمتلك هو والمدنيين الشرفاء من أبناء وطنه شيئاً يُذْكر من تلك الترسانة سوی إيمانهم المطلق بالله ، وثقتهم المطلقة بأن خالق السماوات والأرض ناصرهم ومؤيدهم لأنهم ببساطة شديدة يعجز المعتدون عن فهمها واستيعابها ليسوا معتدين أو متطاولين علی أحد .
فما مبرر فرحة البعض منا طالما والحال كذلك بإدراج الشيطان الأكبر المُسَيَّر بأمر وصولجان الصهاينة لبعض صنائعهم وعبيدهم في قوائم الإرهاب؟! ، طالما أدركنا أنهم بذلك لا يفعلون أكثر من ذر الرماد علی العيون ، وأنهم الرعاة والداعمين الرئيسيين حصرياً لتلك الكيانات من خلال قياداتها التي تمارس أبشع أنواع التغرير بحق المنتمين لتلك الكيانات ، أولئك الذين نسأل الله أن يهدينا ويهديهم وأن يزيل الغشاوة عن أعيننا – إن وجدت – وأعينهم ، وهم الذين نفذت إليهم تلك القيادات من خلال ارتدائها لثياب العفة والطهارة والورع والتقوى والتمسح والتلبس بالدين الإسلامي الحنيف .
ما مبرر فرحة البعض منا طالما والحال كذلك بإدراج الشيطان الأكبر المُسَيَّر بأمر وصولجان الصهاينة لبعض صنائعهم وعبيدهم في قوائم الإرهاب؟! ، ونحن نعلم أنهم يرفضون وضع تعريف واضح لمصطلح (الإرهاب) ليظل ملتصقا بكل المسلمين ، وأن أحبارهم ورهبانهم إنما اشتقوا مصطلح (الإرهاب) من الآية الكريمة التي تحض علی وجوب الإعداد الجيد لمواجهتم والتصدي لهم في قوله تعالی (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) والتي اتخذت تلك الجماعات المصنفة بزعمهم (إرهابية) للكلمة الأولی في تلك الآية الكريمة شعارا لها (وَأَعِدُّوا) وكأنهم يؤكدون لسادتهم وأرباب نعمتهم صدق ما ذهبوا إليه من تسمية ووصف لهم مشتق من الكلمة (تُرْهِبُونَ) ، أما آن لهم وللبعض منا أن نعي ونفهم ونستوعب الدروس والعظات المستفادة؟