*ضمنها تسليح داعش..
بقلم: فلوريان شتومفال
على الرغم من الأوضاع المالية المتردية، تشتري السعودية أسلحةً أكثر من احتياجها المطلوب للدفاع الوطني.
تعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر مستوردي السلاح على مستوى العالم. ولكن لا يمت ذلك الإنفاق العسكري بأي صلة لتدابير الدفاع عن البلد.
خلال الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، أبرمت كل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية عقودا ضخمة للاتجار بالأسلحة فيما بينهما. ركزت أساساً على القنابل من مختلف الأنواع، بما في ذلك الأنظمة الموجهة بالليزر، التي سيتم استخدامها في الحرب على اليمن والتي اتفق السعوديون وأميركا على إدارتها.
بلغت قيمة الصفقات، التي عقدها الرئيس الأميركي، باراك أوباما والملك السعودي، سلمان، في قمة مجموعة العشرين في تركيا 1.3 مليار دولار.
بالنسبة للسعوديين، يعتبر هذا المبلغ في إطار المألوف. هُنا، يدفعنا إلقاء نظرة على حجم الإنفاق العسكري الذي تبذله المملكة الوهابية من أجل جيشها إلى طرح عدد من التساؤلات. تملك السعودية 230000 جندي مسلح. وهذا العدد يتوافق تقريبا مع عدد القوات التي تمتلكها فرنسا.
وبالطبع، أنفق السعوديون لأجلها، وفقا لـ “ستاتيستا”، الموقع الإحصائي الأكثر نجاحا على مستوى العالم، في العام 2014 بالتحديد 80 مليار دولار. في حين تكتفي فرنسا بإنفاق نصف المبلغ، 40 مليار دولار بالضبط، على نفس العدد من جنود منظومات الأسلحة الأغلى أجراً.
البرازيل تقريبا دولة من ضمن البلدان الناشئة ويمكن وضعها في مقارنة مع المملكة العربية السعودية، تنفق على 260 ألف جندي 25 مليار دولار فقط. أو إندونيسيا، هي أيضا دولة ناشئة: هناك ينفق على 250 ألف جندي مبلغاً متواضعاً قدره 2.4 مليار دولار. هنا تجدر الملاحظة بأن المملكة العربية السعودية عدد سكانها 30 مليون نسمة، على العكس منها إندونيسيا، عدد سكانها 350 مليون نسمة.
تكشف كل هذه المقارنات عن أمر واحد وهو: لا علاقة للإنفاق العسكري السعودي بالدفاع عن البلد.
أيضا إذا ما تغاضى المرء عن بضع مئات الملايين التي تنفق من أجل العِناد الوهّابي، تظل هناك فجوة كبيرة بين الضرورة العسكرية والإنفاق العسكري الفعلي. ولا توضح الحرب على اليمن عدم التطابق الهيكلي بين الجيش السعودي، الذي بناءً على حساب عدد المنتمين إليه يعتبر حجمه مقارنة بالجيوش في كل أنحاء العالم في وضع وسطي ما بين الكبير والصغير ويحتل المرتبة الخامسة من حيث الإنفاق العسكري عليه.
وعلى الرغم من الصعوبات الحالية، التي على السعوديين مواجهتها من حيث مواردها المالية، تشارك المملكة في قضايا التسلح في حين أنه على العكس من ذلك ينبغي عليها أن تتحلى بالتواضع بأي حال من الأحوال نتيجة وضعها الحالي. بينت دراسة، أُعدت من قبل الكونجرس في واشنطن، أن عقود التسلح بين شركات الأسلحة الأميركية والمملكة العربية السعودية بلغت قيمتها 96.27 مليار دولار في الوقت الحالي وتزيد نسبتها عن نسبة الميزانية السنوية للجيش بنسبة 20%. كما ذكرت الدائرة المختصة في الكونجرس أنه يوجد حاليا نحو 30 عقدا بين شركات الدفاع الامريكية والقوات المسلحة السعودية. وحازت شركة بوينج على النصيب الأكبر من خلال عقد شراء مقاتلات F15قيمته 29.4مليار دولار. وتم شراء مروحيات مختلفة الأنواع مثل “أباتشي” و”بلاك هوك” من شركة ميكدونيل دوجلاس وسيركوزي. وبالنسبة لنظام الصواريخ “باتريوت” والعديد من الصواريخ، أنفق السعوديين مقابلها 15.1 مليار دولار. أما الدبابات والأسلحة اليدوية، فتفضل السعودية شراءها من ألمانيا الاتحادية. ولهذا بات يحتل السعوديون مرتبة أكبر مستوردي الأسلحة على مستوى العالم.
أضف إلى ذلك أن ممالك الخليج المتحالفة مع السعوديين أنفقت أيضا مبلغ 40 مليار دولار للأسلحة.
وتغطية منها على الحقيقة كمن يغطي على عين الشمس بالغربال، تصرح الرياض أنها مجبرة على التزود بكثير من الأسلحة لدرء الخطر المحدق من إيران. في حين أنه على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، بلغ الإنفاق العسكري الإيراني بصورة منتظمة أقل من 20 مليار دولار سنوياً. ولو نظرنا إلى ميزان القوى في الخليج ، فليس هناك ما يقال أيضا. ويتوضح لنا قليلا، عند النظر إلى مسألة ما يحدث مع السعودية من تسلح مبالغ فيه، من أين تحصل مختلف الميليشيات الإرهابية في سورية، مثل جيش النصرة أو تنظيم الدولة الإسلامية على الأسلحة. لقد تمت الإجابة على هاذين السؤالين اليوم. فقد باتت اليوم تتعالي أصوات الجنرالات في العراق بصورة متكررة باتهام السعودية تحديدا بأنها تدعم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالسلاح. ففي العام 2012، بعد استيلاء (داعش) على الموصل ثار رجل الكنيسة المحلية الكاثوليكية السورية البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث، يونان وقال: “إنه لأمر مخز! من أين يحصل هؤلاء الإرهابيين على أسلحتهم؟. من الدول الأصولية في الخليج، وأقر ضمنيا أنها تحصل عليها من الدولة الغربية، لأنها تحتاج لنفطهم.
بالإمكان ملاحظة أنه قد تم تطبيق قاعدة الإبهام هنا: ما لم توفره تركيا لتنظيم الدولة (داعش) وفره عرب الخليج.
ومع ذلك، تبين الحرب على اليمن أن خوض المعارك يلزمه المال حقاً ولكن المال ليس ضماناً للظفر. فخلال الأسابيع الأربعة الماضية، قتلت قوات الجيش واللجان الشعبية في اليمن 200 جنديا من مرتزقة شركة بلاك ووتر بالإضافة إلى قائدهم الأميركي نيكولا بيتراس. ودُمر في هذا الهجوم العديد من مروحيات القوات الأميركية “الأباتشي و “التيفون” والعديد من ناقلات النفط. وبالهجمات الصاروخية للجيش اليمني على واحدة من تجمعات مركز إدارة العملية السعودية، قتل نحو 120 من المرتزقة من جنسيات مختلفة. من بينهم 46 جندياً سعودياً و11 ضابطاً إماراتياً و11 من مرتزقة بلاك ووتر الأجانب. وقبل ذلك ببضعة أيام، أنهت الصواريخ اليمنية مقر التحالف العسكري السعودية بالقرب من باب المندب وقتل 150 جندياً من قوات التحالف، من بينهم 23 سعودياً وتسعة ضباط من الإمارات.
* صحيفة برويسيشه الجماينه الألمانية