*المدير المالي لهيئة المستشفى الجمهوري في حجة لـ “الثورة”:
لقاء/ وائل شرحة
تواصل هيئة المستشفى الجمهوري في محافظة حجة تقديم خدماتها الطبية في ظروف يصفها المدير المالي للهيئة أمين ناصر صلاح بـ “الصعبة جدا” جراء استمرار العدوان السعودي الأميركي على اليمن، و”مشكلات ومعوقات عدة تعترض أداء الهيئة وتهدد باحتمالية توقفها عن العمل في حال لم تعالج سريعا” كما قال في هذا اللقاء .. منوها بأن “المستشفى الجمهوري صار المرفق الطبي الوحيد في المحافظة الذي لا يزال يقدم الخدمات العلاجية للمواطنين وضحايا القصف سواء كانوا من مديريات المحافظة أو من المحافظات الأخرى بعد ان استهدف العدوان معظم الوحدات والمنشآت الصحية” .. إلى تفاصيل اللقاء:
بداية .. حدثنا عن سير عمل الهيئة في ظل العدوان والحصار؟
– الهيئة تواصل تقديم خدماتها الطبية في ظروف صعبة جدا جراء استمرار العدوان السعودي الأميركي على اليمن، وفي ظل صعوبات ومشكلات عدة .. فالهيئة هي المرفق الوحيد الموكل إليها تغطية الخدمات الطبية في المحافظة، خصوصاً في ظل قصف العدوان بعض المرافق الأخرى مثل مستشفى حرض وتوقف بعضها الأخر، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي للمحافظة والتي تعتبر محافظة حدودية.
ما مدى جهوزية إمكانات هيئة المستشفى الفنية .. هل تلبي الحاجة؟
– أغلب الأجهزة والمعدات والمباني التي تمتلكها الهيئة قديمة وتم الحصول عليها عن طريق الهيئات والمعونات وأصبحت هذه الأجهزة والمعدات قديمة ومتهالكة وبحاجة إلى صيانة مستمرة، تسبب ذلك في ارتفاع نفقات الصيانة لها، ناهيك عن عدم إمكانية الصيانة لبعضها لانعدام قطع الغيار في السوق
إجمالاً .. ما الأعباء التي أضافها العدوان على كاهل الهيئة..؟
– الظروف الأخيرة التي مر ويمر بها الوطن والدخول في حالة حرب وطوارئ، أضافت أعباء على الهيئة، أهمها : مغادرة كافة الكادر الأجنبي الذي كان يغطي العمل في الهيئة بداية شهر يونيو 2015م نتيجة القصف، وترتب عليه قيام وزارة المالية باحتجاز المعتمد المالي كمرتبات لهم، بينما اضطرت الهيئة إلى توفير كادر يمني لتغطية العجز والتعاقد معهم بالدولار وتحملت أعباء مواجهة هذه المرتبات التي تصل إلى ما يقارب (19,000) دولار في الشهر من دون وجود أي معتمد مالي، وكان التعاقد معهم ضروريا لكثرة الحالات المرقدة في أقسام الهيئة، كما أن توسع النشاط أدى إلى زيادة حجم الانفاق على بنود الموازنة المعتمدة وغير الكافية أصلا في الظروف الاعتيادية من جهة، وارتفاع الأسعار في السوق من جهة أخرى.
ذكرت أن الموازنة المعتمدة للهيئة غير كافية في الظروف الاعتيادية .. لماذا؟
– هناك أقسام وخدمات جديدة تم إفتتاحها وتوسعات في النشاط تمت بعد إعداد موازنة 2014م بمعنى أن كافة النفقات التشغيلية اللازمة لها يتم مواجهتها من دون وجود أي معتمد مالي. وعلى الرغم من عدم كفاية الموازنة المعتمدة للهيئة في الظروف الاعتادية، إلا أننا لازلنا نعمل وفقاً لهذه الموازنة وتم العمل خلال العام 2015م بموازنة العام 2014م.
بتفصيل أكثر .. ما طبيعة المشكلات المالية التي تحدثت عنها .. هل هي طارئة أم قديمة؟
– الهيئة تعاني من مشاكل مالية منذ إنشائها نتيجة لعديد من الأسباب أهمها اعتماد المستشفى كهيئة في العام 2010م على الرغم من أنه يفتقر إلى أغلب الاحتياجات الأساسية من البنية التحتية اللازمة لممارسة النشاط كهيئة، ولم يتم أيضا عمل دراسة دقيقة لكافة الاحتياجات اللازمة من الاعتمادات المالية والموازنة الكافية في حينه.
كما أن قرار إنشاء الهيئة تزامن مع دخول البلاد في الظروف والأوضاع الراهنة ابتداءً من العام 2011م وحتى الآن، والتي أثرت على الوضع الاقتصادي للبلاد بشكل عام وحالت دون معالجة الوضع المالي خلال السنوات السابقة وحتى الآن وتصحيح حجم الاعتمادات المالية وتوفير الاحتياجات الأساسية من مشاريع البنية التحتية .
هل تعامل الهيئة مالياً كباقي هيئات المستشفيات العامة الأخرى؟
– هناك مشاكل نتيجة الآلية والنظام المتبع في التعزيز بالدعم المقدم من وزارة المالية أهمها عدم التعزيز بالدعم كاملاً وتجنيب واحتجاز مبالغ لدى وزارة المالية حيث بلغ حجم المجنبات والمحتجزات للعام 2015م مبلغ (173,000,000) ريال وذلك من موازنة الهيئة للنفقات التشغيلية البالغة خلال عام 2015م مبلغ (532,472,000) ريال، والتأخر في التعزيز بالدعم وتجزئته من البنك المركزي عند تنفيذ التعزيزات .
لماذا .. ما الأسباب الفعلية لهذه الإشكاليات؟
– الهيئة قطاع خدمي بمعنى أن كلفة خدماتها تزيد عن العائد من تلك الخدمات وفي حالة زيادة حجم الخدمات المقدمة يترتب عليه زيادة في حجم الموارد الذاتية نتيجة لذلك، إلا أن وزارة المالية عند مراجعة المراكز المالية تقوم بتخفيض أي زيادة في الموارد عند الربط من دون الأخذ بالاعتبار أن هذه الزيادة بحاجة إلى نفقات إضافيها لتخفيضها. أيضا عدم وجود الهيكل التنظيمي واللوائح الداخلية المعتمدة والمقرة.
إيرادات ضعيفة
* ماذا عن إيرادات رسوم خدمات الهيئة للمواطنين.. أين تذهب .. وهل هي كافية لتغطية العجز؟
– الهيئة تعتمد في تيسير نشاطها على مصادر إيرادية وتمويلية هي: إيرادات النشاط الجاري (رسوم الخدمات) التي هي في الأساس ضعيفة جداً بسبب اتساع حجم شريحة المعفيين من رسوم الخدمات جراء تدني المستوى المادي والمعيشي لأبناء المحافظة. ونتيجة للأوضاع الراهنة تراجع مستوى الإيرادات المحصلة من هذا المصدر كون الهيئة اصبحت تقدم جميع خدماتها مجاناً لكافة جرحى الحرب من مدنيين وعسكريين مجاناً وكذلك النازحين إلى المحافظة من المناطق والمحافظات الأخرى التي تعرضت للقصف.
ما نسبة تراجع هذه الإيرادات بالضبط؟
– وصلت نسبة التراجع إلى مايقارب 50% عما كانت عليه في العام 2014م.
ما هي المصادر التمويلية الأخرى لهيئة المستشفى؟
– هناك إعانة العجز الجاري (الدعم المقدم من وزارة المالية) والذي أصبح في الوضع الراهن لا يغطي مواجهة كافة الالتزامات الحتمية، ناهيك عن المشاكل سالفة الذكر المرتبطة بالحصول على هذا الدعم. ومن البديهي والمنطقي والمعروف بأنه في حالة دخول أي بلاد حالة طوارئ نتيجة لحروب أو كوارث، تتم زيادة مخصصات واعتمادات القطاع الصحي، لكن للأسف تم تطبيق قرار ترشيد إنفاق بغض النظر، التطبيق كان جزئيا ولم يشمل كافة البنود.
وإذا .. إلى مدى يمكن لهذا أن ينعكس سلباً على أداء هيئة المستشفى؟
– في حالة عدم وجود حلول جذرية لدعم الموقف المالي للهيئة سيؤدي هذا إلى زيادة التدهور في الوضع المالي والذي سينذر بتوقف الهيئة عن نشاطها كلياً أو توقف بعض الخدمات والاقسام بسبب عجزها عن توفير الاحتياجات وصرف مستحقات الموظفين.
ماذا عن الأدوية والمستلزمات الطبية في ظل استمرار العدوان والحصار على البلاد؟
– من الطبيعي جداً أن تكون هناك مشاكل عديدة تواجهنا في عملية توفير الاحتياج من الأدوية والمستلزمات والمحاليل الطبية نظراً لما تعرض له الوضع الاقتصادي للبلاد والحصار المفروض وتم مواجهة العديد من المشاكل من أهمها عدم كفاية المبالغ المعتمدة والمرصودة في الموازنة .
إضافة إلى عزوف الشركات الموردة عن الدخول في مناقصات جديدة مع القطاع الحكومي بالإضافة إلى وجود إلتزامات مستحقة لبعض الشركات عن المناقصات السابقة خلال العام 2014م لم يتم سدادها كون المعتمد لعام 2014م كان مجنباً لدى وزارة المالية على الرغم من رفع المطالبات اللازمة من لدينا للوزارة إلا أنه لم يتم التعزيز بتلك المستحقات .
وهناك أصناف عدة انعدمت من السوق بسبب زيادة الطلب عليها وتوقف استيرادها، اضافة إلى انعدام إمكانية الحصول على كافة الاصناف بالكميات المطلوبة لدى مورد واحد ليتم الشراء منه، وارتفاع أسعار معظم الاصناف، وبعد مقر الهيئة عن السوق كما أشرنا سابقاً .
وكيف توفرونها في ظل انعدام أغلبيتها من السوق المحلية؟
– تمت تغطية الاحتياج عبر شراء وتوفير الأصناف والكميات بحسب المتوفر في السوق والإمكانات المتاحة، واستغلال واستنزاف الرصيد المخزني والمخزون الاحتياطي الذي تم شراؤه وتوفيره في العام 2014م، والأدوية والمستلزمات والمحاليل التي تم الحصول عليها من الجهات الأخرى سالفة الذكر.
ماذا عن دور المنظمات المدنية المحلية والدولية ؟
– بالنسبة لدور المنظمات على الرغم من محدودية دورها في الهيئة إلا أن ما قدمته بعض المنظمات للهيئة وعلى رأسهم منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي من جهود ودعم يشكرون عليه .. ولا شك بأن تواجد منظمة أطباء بلا حدود في الهيئة منذ أغسطس 2015م ساهم بدور كبير في سد العجز وتغطية عجوزات بأقسام عدة وانتشال ما وصلت إليه وتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئة.
ماذا عن توفير الوقود للهيئة .. في ظل غياب الكهرباء ؟
– نتيجة لتوقف المؤسسة العامة للكهرباء في توفير الطاقة كانت الحاجة إلى تشغيل المولدات الكهربائية ملحة، وكون الهيئة لا تملك سوى مولد واحد بقوة 50 ك/وات، تم توفير مولد ثان جديد بقوة 275 ك/وات في العام 2013م لكن تشغيل المولدات يتطلب توفير مادة الديزل وقد تم فتح حساب للهيئة صرف شركة النفط فرع الحديدة بالاضافة إلى التوفير عن طريق الشراء من المحطات والسوق السوداء في حال عدم توفرها لدى شركة النفط، بالاضافة إلى أن مساهمة منظمة الصحة العالمية في توفير قيمة 20000 لتر شهرياً ساهم في معالجة التوفير .
نفهم إذا، أن هيئة المستشفى لا تواجه مشكلة في جانب توفير الطاقة الكهربائية؟
– على الرغم من ذلك، إلا أننا واجهنا بعض المشاكل من أهمها : عدم كفاية المعتمد من الموازنة لهذا الغرض والبالغ (14000000) ريال في السنة في حين أن الاحتياج الفعلي والضروري يبلغ بالمتوسط مبلغ (4000000) ريال شهرياً لمواجهة كمية إلى الاستهلاك للمولدات وسيارة والاسعاف والذي يصل إلى ما يقارب (21000) لتر ديزل (5000) لتر بترول.
كما أن دعم منظمة الصحة العالمية الهيئة بقيمة عشرين ألف لتر شهرياً بدءا من شهر مايو الماضي، توقف بعد مرور شهرين فقط وتمت متابعة وزارة الصحة والمنظمة بجهود من قيادة الهيئة في مقدمهم رئيس الهيئة د/ محمد الصوملي لإعادة الدعم وهو ما تم اعتباراً من نوفمبر 2015م.
يضاف إلى ذلك، ضرورة توفير مخزون احتياطي من الوقود للهيئة لمواجهة أي طارئ مستقبلاً، وانعدام الوقود من السوق يتطلب توفير سيولة مالية للهيئة، وهذا ما لا يسمح به الوضع المالي للهيئة بسبب نفاذ المعتمد وتدهور الوضع المالي.
لكن ما دور المجلس المحلي للمحافظة؟
– بالنسبة لدور المجلس المحلي فإن ما قام به من دعم للهيئة سواءً بطريقة مباشرة عن طريق الدعم النقدي والفني أو بطريقة غير مباشرة عن طريق الوقوف وراء إدارة الهيئة والتعاون الجاد معها في التنسيق مع الجهات والمنظمات المانحة، جهد ودور يشكر عليه المجلس المحلي وفي مقدمهم محافظ المحافظة والأمين العام للمجلس المحلي ولولا الظروف والوضع الحالي للبلاد والدولة لقدموا ما هو أكثر من هذا .
ختاما.. فيما توجزون المشكلات المالية للهيئة .. وهل ثمة حلول متاحة برأيكم؟
– المشكلات المالية تتلخص في عدم كفاية المعتمد وقلة المبالغ المرصودة مقارنة مع الهيئات المماثلة، ويمكن معالجة ذلك عن طريق التعديل عند إعداد مشاريع الموازنات القادمة، بالإضافة إلى البحث عن مصادر تمويل أخرى بخلاف الموازنة.
كذلك انعدام سلاسة وسهولة النظام المتبع من وزارة المالية في عملية التعزيز بالدعم الربعي والمشاكل المرتبطة به التي أشرت إليها سابقل، ويمكن معالجة ذلك عن طريق التنسيق مع وزارة المالية لإيجاد آلية مناسبة تكفل معالجة مشاكل الآلية الراهنة وبما لا يخل بالدور الرقابي للوزارة.
Prev Post
قد يعجبك ايضا