آلية الوحدة ومخطط التمزيق
الحسن بن علي
انطلاقاً من المواطنة المتساوية، ورفض استئثار بعض القوى بالسلطة والمال، وحرمان سواها من ذلك، وبناءً على التراث المعتزلي الوطني الثوري العقلاني، فإن القوى الوطنية والثورية في اليمن ترفض خلال الحرب العدوانية ضد اليمن وبعد الانتصار الحتمي المحاصصة السياسية على أسس حزبية أو مذهبية ومناطقية، وتنادي بالمبادئ الإسلامية والوطنية وأهمها: الحياد والعدالة في صنع السياسات العامة، وإيجاد مؤسسات عابرة للمصالح المناطقية والمذهبية والعنصرية، والعمل على إقامة الدولة المدنية الحديثة العادلة، وإعلاء شأن المساواة أمام القانون، والالتزام بنصوص الشرعية الثورية والدستورية، ونبذ خطة الأقاليم التفتيتية لليمن الموحد، واعتماد المركزية الديمقراطية، كآلية متاحة للتعامل مع التنوع المجتمعي، باعتبار هذه الآلية أكثر حفاظاً على تماسك سلطة الحكم (الدولة)، وأكثر تلاؤماً مع الواقع الجغرافي لدولة كاليمن شديدة التنوع وصعبة التضاريس ومحدودة المساحة، وهدفاً للأطماع السعودية التوسعية، والهيمنة الاستعمارية الأمريكية على وجه الخصوص، والتحريض المذهبي الإجرامي، وهلم جرا.
ومن هنا كان ولا زال رفض الثوار الوطنيين اليمنيين المطلق، تضمين مشروع الدستور نصوصاً تؤدي إلى تقسيم الوطن اليمني إلى عدد من الأقاليم المتنافرة على أساس جغرافي ومذهبي، وهو رفض له أسبابه الصحيحة والتي يقف على رأسها الحرص على وحدة وسيادة الوطن اليمني، خاصة بعد أن أظهرت الحرب العدوانية السعودية / الخليجية على اليمن أطماع المعتدين في غزو واحتلال الأرض اليمنية، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه في عدد من المناطق اليمنية لظروف تاريخية وسياسية، لم يتم تبلور المؤسسات والأطر التي تؤدي إلى منع استغلال الفرصة وإعلان بعض تلك المناطق دويلات ومشيخات وسلطنات وإمارات إرهابية مستقلة، بعد أن جاهر منذ زمن طويل عدد من البغاة السياسيين التابعين للمملكة السعودية بدعواتهم لتمزيق اليمن واستعادة سلطناتهم ودولهم ومشائخم وإماراتهم القديمة وتوطين الثروات في مناطقها لصالح سلطاتها المحلية، والرغبة في فك ما يسمونه الارتباط عن الحكم المركزي، واستئثار أبناء منطقة جغرافية معينة بثروات أرضها دون غيرها.
وهنا تظهر بجلاء مرامي الغزاة أعداء اليمن في السعي لاحتلال الأراضي اليمنية ومنها (باب المندب) بحجة حماية الملاحة الدولية والترويج بأنه منطقة تابعة تاريخياً لـ (الجنوب العربي) وليس جزءاً من اليمن، وذلك تمهيداً لضمه إلى الأراضي التي تحتلها السعودية والإمارات في جنوب اليمن.
وعلى سبيل المثال ما تروجه في هذا الصدد: قناة (صوت الجنوب)، التابعة لبعض عملاء السعودية وأذناب الخليج من قادة (الحزب الاشتراكي اليمني) السابقين و (رابطة أبناء الجنوب العربي).
وليس أدل على ذلك أيضاً من تمكين المعتدين السعوديين وأعوانهم وأذنابهم لتنظيم (القاعدة) الإرهابي و (داعش) من الاستيلاء على عدد من المحافظات اليمنية كان أولها (المكلا) عاصمة (حضرموت) وبعض مناطق (عدن) ومناطق أخرى من جنوب اليمن، وآخرها (غزان) في (زنجبار) في جنوب اليمن، وتبرير الخونة لذلك، حيث قال، على سبيل المثال، الخائن (خالد بحاح) في مؤتمر صحفي له بتاريخ 17/9/2015م إن وجود عصابات (القاعدة) الإرهابية في محافظة (حضرموت) اليمنية وغيرها من المحافظات اليمنية (مؤقت) وكأنها كائن خرافي لا تتوالد وتتمدد وتمزق الوطن وتهيمن وتقتل وتدمر؟!.
إن كافة الأحداث منذ بداية الحرب العدوانية السعودية الأمريكية على اليمن تؤكد ما حذر منه السيد القائد (عبدالملك الحوثي)، بأن النتائج ستكون أخطر إذا لم يقف الآن الشعب اليمني ضد الغزو والاحتلال السعودي الإماراتي لليمن، وأهم النتائج هي إعدام اليمن ومحوها من الخارطة السياسية العالمية بدمجها في السعودية، ومحو ما يسمى (اليمن) من الخارطة السياسية والتاريخ، وهو ما أكده بعض المقربين من الدوائر الأمريكية والخليجية حيث نادى بدمج اليمن في السعودية، وسوريا في الأردن للقضاء على أهم بؤرتين للتوتر في العالم العربي.