ما لا تعيه ذاكرة العدوان السعودي
عبدالرحمن غيلان
لا يستهدف العدوان السعودي الأماكن التاريخية والمعالم الأثرية في اليمن لمجرد كسر جرّة الفخّار في بيت الزجاج ، أو لأنه بلا تاريخ أو عمقٍ مادي ومعنوي ينطلق منه صوب مستقبله ذا الدفع المسبق وحسب .. وإنما لما تمثّله تلك الأماكن والمعالم من أزمنة حضارة انحنى لها الإنسان تبجيلاً وتقديرا ، وأمكنة ذهول ودهشة تسمّرت لها شواهد العصور .
والأهم من ذلك ما تمثّله بعض الأماكن والمعالم من وجهةٍ دينية ضاربة في جذور الإسلام الحقيقيّ الآتي من النبع الصافي بعيداً عن انحرافات وانجرافات الدين الوهابي الذي اتخذه آل سعود مطيّة يصلون بها حيث أرادوا من بطشٍ وتكفيرٍ وتنكيلٍ بمن يخالف عقائدهم البترودينية .
إنّ العدوّ الذي يدرك القيمة التاريخية والحضارية والمعرفيّة والإنسانية للمساجد الأثريّة , وأضرحة الصالحين , وقلاع المجد .. يعرف جيداً أنه سيشفي غليله الجاهليّ المتجذّر في بُنية وجوده الطارئ , وأحلامه الأصغر مما اقترفته يداه وما ستفعله أحقاده كلما خدش معلَماً , وأطاح بمنارةٍ , وأيقظ وليّاً من مرقدهِ الهانئ , وأثار وحشة صخرةٍ هي أطهر من سلالته في أقصى قلعةٍ من قلاع اليمن التعيس بأسوأ جارٍ في العصر الحديث .
نعم , كبيرةٌ هي فواجعنا في إنساننا اليمنيّ فُقداناً وجراحاً , وعظيمة أحزاننا في معالمنا وتراثنا ذاكرةً يحاول العدوّ السعوديّ محوها بكلّ ما أوتي من قوّةٍ يعتقدها خلاصه بينما هي تلك القوة الهلامية الأوهى من بيت العنكبوت .
لكننا سنشمخ بما تبقّى فوق الأرض ونعتزّ بما توارى تحتها .. وسنبقى ذاكرة متّقدة رغم كل محاولات الإطفاء , وستظلّ أمنياتنا رهن إرادتنا التي لن تُحقّق للعدوّ الصحراويّ ما يسعى إليه .
ما لا تعيه ذاكرة العدوان/إبراهيم الفقيه/ج7