لهذه الأسباب وقفت عُمان مع اليمن في محنتها
أحمد الأكوع
ليس من الغريب أو من باب الصدف أو المجاملة أن تقف سلطنة عُمان الشقيقة إلى جانب الشعب اليمني المسالم في محنته, وإنما يأتي موقفها من باب عمق العلاقات اليمنية العمانية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ولما لسلطنة عمان من مكانة وفضائل في صدر الإسلام وما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مدح لأهل عُمان والإشادة بمواقفهم, ويتضح ذلك أول ما يتضح من خلال أن بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً إلى قوم فسبوه وضربوه فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لو أنك أتيت أهل عُمان ما سبوك ولا ضربوك وفي حديث مازن بن غضوبة قال (قلت يا رسول الله :أدع الله تعالى لأهل عمان فقال: اللهم أهدهم وأثبهم ـ فقلت زدني يا رسول الله فقال: اللهم أرزقهم العفاف والكفاف والرضى بما قدرت لهم) قلت يا رسول الله (البحر ينضح بجانبنا أدع الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا قال: اللهم وسع عليهم في ميرتهم وأكثرهم خيرهم من بحرهم ـ قلت زدني يا رسول الله قال: اللهم لا تسلط عليهم عدواً من غيرهم قل يا مازن آمين فإن آمين يستجاب عنده الدعاء) قال قلت آمين قال فلما كان في العام القابل وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا المبارك ابن المباركين الطيب ابن الطيبين قد هدى الله قوماً من أهل عمان ومن عليهم بدينك وقد أخصبت عمان خصباً هنيئاً وكثرت الأسياح والصيديها فقال عليه السلام (ديني دين الإسلام سيزيد الله أهل عمان خصباً وصيداً فطوبى لمن آمن بي ورآني وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني ولم ير من رآني وإن الله سيزيد أهل عمان إسلاماً.. ويقول مؤلف كتاب تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان العلامة الشيخ نورالدين عبدالله بن حميد السالمي في تعريفه لأهل عمان مستشهداً بقول ابن خلدون إن عمان هي من مماليك جزيرة العرب المشتملة على اليمن والحجاز والشحر وحضرموت وعمان.. يعني أن عمان بعض جزيرة العرب المشتملة على هذه البلدان قال وهي خامس اقليم سلطاني منفرد على بحر فارس من غربيه مسافة شهر شرقها بحر فارس وجنوبيها بحر الهند وغربيها بلاد حضرموت وشمالها البحرين كثيرة النخل والفواكه, ويضيف المؤلف السالمي قائلاً: وبها مغاص اللؤلؤ سميت بعمان بن قحطان أول من نزله بولاية أخيه يعرب وصارت بعد سيل العرم للازد وجاء الإسلام وملوكها بنو الجلندي, قال وكانت لهم حروب مع عمال بني بوية وقاعدتهم نزوى.
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان قد استعمل على عمان عمرو بن العاص وأراد عمرو أن يرجع إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملك عمان عبد بن الجلندي وجعفر بن ختم العتكي وأبو صفرة سارف بن ظالم وفي جماعة من الأزد فقاموا بعمرو بن العاص على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فلما دخلوا عليه قام سارف بن ظالم فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويا معشر قريش هذه الأمانة كانت في أيدينا في ذمتنا وديعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد برئنا منها إليكم فقال أبو بكر: جزاك الله خيراً وأثنى عليهم المسلمون خيراً وقام الخطباء بالثناء عليهم والمدح فقالوا كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وثناؤه عليكم, فقام عمرو بن العاص فلم يدع شيئاً من المدح والثناء إلا قاله في الأزد ثم قام أبو بكر خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال يا معشر أهل عمان إنكم اسلمتم طوعاً لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ولا جئتموه ما جثمه غيركم من العرب ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل فجمع الله على الخير شملكم, والكلام حول أهل عمان كثير ولا يتسع المقام لسرده ولهذه الأسباب وغيرها وقفت عمان مع اليمن فهم من عهد رسول الله أهل خير وحق وسلام وإسلام, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الأزد والأشعريون وكندة مني وأنا منهم).
شعر
من قصيدة طويلة بعث بها الشاعر العماني عبدالله بن علي الخليلي إلى أخيه العبقري سليمان بن خلف بن محمد الخروسي وهو يشيد بالأزد الذين سكنوا عمان قال فيها:
سلام عليها دوحة يمنية
تزين بها الدنيا بشرق ومغرب
سلام عليها وهي تحتضن الهدى
وتسعى به في الموقف المتأدب
من الأزد أسد الردع في فرع يحمد
سراة الشرى من خروص ليشجب
سليمان قربى في النفوس وشيجة
تحس بها نفس الأديب المهذب
يميل إليها الطبع غير مغفل
ويسعى إليها وهو خير مجرب