بلا معنى
لحظة يا زمن
يسائلني صاحبي .. ما لون هذا الزمن ؟
أقول له :
أنا مثلك , لا أدري , والذي أعرفه أن الزمن ليس له لون .. إلا إذا كنت تعني بالمجاز .. فذلك شيء آخر .
رماني بنظرة كسيرة وتركني في أول لفة في الطريق وغاب في زحام الناس .
منذ ذلك الحين والذي ليس بالبعيد ولا بالقريب .
سار الذي وجه السؤال في رحلة الغياب بعيداً عن المكان .
وفي البعيد هناك كيف حياته وقطع كل ما يتصل تماماً بما كان يربطه من معارف وأقرباء وأصدقاء , كما نسى المكان من ذاكرته ومحاه كلية .
ظل اسمه يتكرر عند معارفه وأصدقائه زمناً, وانغمر كل واحد في مشاغله وهمومه ولم يعد أحد يتذكر شيئاً عنه .
تلك أحوال الدنيا نعيش زمناً ونموت فرادى وحيدين .
نتحرك ووراء نا قليل من الحزن وسرعان ما يطوي النسيان كل ما كان .
وإن كان المكان ثابتاً والزمن متغيراً والإنسان عابراً , ولو عرف الغيب لأختار الواقع وكذب المثل الذي يقول “اغترب تتجدد, والغريب أعمى ولو كان بصيرا “.
وما الدنيا إلا لحظة عابرة .. بنيت على نسيان المحبة .
وإذا كان الإنسان في الطريق يبحث عن صديق, ورفقه قد تطول أو تقصر ,فإن الاسكندر المقدوني يوجز الحكمة في قوله :”غزوناكل شيء ولا نملك شيئاً “.
وإذا كان البشر مسكونين بالأحلام”فإن الصعب ذو القرنين جمع الثقلين وجمع الخافقين وعمر الفين ولم تكن الدنيا عنده إلا كلمحة عين ” كما يقول قس بن ساعده .
وصاحبي حين سألني عن لون الزمن كان يحسب الدنيا ضماره .. فكانت الضبا غنمه وأن يعبر ألمراء ويوقظ كل ما هو حي وهو الشيء الوحيد الذي يوحي بالعدالة حقاً فإن المشكلة الإنسانية تظل مصيراً وقدراً لا هروب منهما .
ومن لا يلمس شيئا لا يقترب منه الشيء , ومن لا يتحرك لا يضايق أحداً .
والحجر لا تتبع غير الفتران وكلنا فتارى ومتعبين في زمن متغير بلا لون ولا طعم ولا رائحة .
وكما قال حسن البصري :
“كن في هذا
العالم كما لو أنك لم تكن
فيه ,أو كما لو أنك لم تغادره مطلقاً “.