عن حوار اليمنيين وحرب الخارج
بإعلان المؤتمر الشعبي وأنصار الله رفضهما لمواصلة الحوار في ظل استمرار العدوان والحصار المفروض على اليمن ، أقفل الستار عن مسرحية الحوار العبثية المملة التي استمر عرضها طوال أشهر .
دخل المخرج المسرحي ، بان كي مون ، ومساعده ، ولد الشيخ ، في ورطة مهنية وأخلاقية ، إذ لا يمكن لهما الاستمرار في عرض المسرحية بعد انسحاب أنصار الله والمؤتمر من خشبة العرض .
حُشرت الأمم المتحدة في زاوية حرجة ، وباتت مصداقيتها على المحك . فإما أن تستعيد دورها كمنظمة أممية ، أو تستمر في أداء مهماتها المفضوحة كشركة متعددة الجنسيات لإنتاج وتنفيذ السيناريوهات التي تتلقاها من كواليس الأقوياء والأغنياء .
إذا كانت الأمم المتحدة جادة في حل المشكلة اليمنية ، فعليها أن تحرر نفسها أولا من سيطرة ” التحالف ” وهيمنة القوى الدولية والإقليمية نفسها التي استباحت دماء اليمنيين ، وتعمل حثيثا للسيطرة على أرضهم ومقدراتهم .
عليها أيضا أن تسمي الأشياء بأسمائها . فما يجري في اليمن منذ أكثر من عشرة أشهر ، ليس صراعا طائفيا أو مناطقيا، ولا نزاعا بين أطراف يمنية ـ كما يحلو لها ولمسؤوليها تسميته ـ . هذا توصيف وقح لحقيقة المشكلة وأطرافها .
فالنزاع المسلح بين الأطراف اليمنية ليس سوى حلقة من مؤامرات العدوان الخارجي ، وشظايا متطايرة من معاركه التي يخوضها ضد اليمنيين بطرق وأدوات مختلفة.
ما يجري في اليمن هو عدوان خارجي سافر تقوده السعودية وتشارك فيه دول إقليمية وأجنبية ومنظمات إرهابية عابرة للحدود ، في ظل حصار خانق وغير مسبوق في تاريخ الحروب بين الدول.
دور المنظمة الدولية لم يكن متقاعسا أو متخاذلا فحسب ، بل وصل حد التواطؤ والمشاركة ، ولولاها ، لما تجرأ التحالف وضرب حولنا سياجا محكما ، تحول على إثره اليمن إلى سجن كبير مساحته نصف مليون كيلومتر مربع ، ليجد 25مليون يمني أنفسهم محاصرين .. لا غذاء ، لا دواء ، لا وقود ، لا ماء ، لا كهرباء ،ولا.. ولا.. ولا ….
الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، هم من منحوا ” التحالف ” الضوء الأخضر لارتكاب كل تلك المجازر والجرائم . ، فالقرار 2216 ـ على سبيل المثال ـ أشبه بـ” شيك على بياض ” وخصوصا فيما يتعلق بمنح من أسماها القرار ” الدول المجاورة ” الحق في تفتيش ومراقبة كل المنافذ البحرية والبرية والجوية .
تحية لرئيس المؤتمر الشعبي ، الرئيس السابق على عبدالله صالح الذي أعلن بشجاعة عن رفض حزبه لاستمرار الحوار في ظل الحرب والحصار ، ومع من لا يمتلكون القرار . تحية لأنصار الله الذين أعلنوا نفس الموقف أيضا . التحية للسيد عبدالملك الحوثي ، رمز الصمود والكرامة اليمنية .
لقد كانت مشاركة المؤتمر وأنصار الله في الحوارات العبثية طوال الأشهر الماضية – ومن حيث لا يدرون – بمثابة مشاركة غير مباشرة في شرعنة العدوان واستمراره ، بل وفي تبرئته من جرائمه أمام الرأي العام المحلي والخارجي ، وأمام التاريخ أيضا .
لا يحتاج التحالف الإقليمي والدولي ضد اليمن من هذه الحوارات سوى صورة تجمع من يصفهم زورا بأنهم ” أطراف الأزمة ” وهم كما ظهروا في الصور التي التقطت في كل الحوارات السابقة ” يمنيون ” .
هذه هي الرسالة التي يريد التحالف ـ بمعاونة الأمم المتحدة – أن يكرسها من خلال جولات الحوار المسرحي أمام الداخل والخارج وأمام التاريخ : ” الحرب بين اليمنيين ، هم من يقتلون بعضهم ، ولا علاقة للسعودية والولايات المتحدة وبقية دول التحالف بما يجري. ” .
يريدون أن يقولوا أيضا: إنظروا ، هانحن نبذل جهودا متواصلة لجمعهم حول طاولة الحوار ، لكنهم للأسف يفشلون ولا يصلون إلى توافق فيما بينهم.. نحن مجرد وسطاء ، وحربنا تهدف لإرغامهم على السلام . ” وهذه مغالطة وافتراء وجريمة ” عنقودية ” أكثر دموية وبشاعة من مفعول القذائف المحرمة التي يلقونها على اليمنيين .
على أنصار الله والمؤتمر عدم التراجع عن موقفهما الرافض للحوار العبثي .. التمسك بهذا الموقف يفضحهم ويحاصرهم أكثر مما يحاصروننا.
دعوهم يقتلوننا . لكن لا تساعدونهم في تسجيل جرائمهم ضد بعضنا أو ضد مجهول . لا تساعدونهم في غسل ايديهم من دمائنا. دعوا ملف القضية مفتوحا كجراحنا الغائرة التي لن تندمل .
دعوا الأيتام والأحفاد والأجيال يعرفون الحقيقة . دعوا ذوي الضحايا وأولياء الدم يعرفون قتلة آبائهم وأجدادهم ، فهم المعنيون وحدهم بالقصاص أو العفو .