مرض الكتابة

أقول قولي هذا

عبدالمجيد التركي

نكتب حتى ولو لم نكن مقتنعين بما كتبناه.. حتى ولو لم ننشر ما كتبناه،
كأننا نتعاطى الكتابة كمضاد حيوي تجاه الحياة نفسها!!
هناك كتَّاب هم بالضرورة مرضى.. يتحدثون عن مصائبهم لعلَّهم يجدون يداً حانية تطبطب عليهم، أو لساناً معسولاً يمنحهم قليلاً من الكلام الدافئ الذي يجدون عزاءهم فيه.. ولو قاموا بكتابة مذكراتهم لوجدوا ما يريدون.. ولقالوا لأنفسهم ما أرادوا سماعه من الآخرين.
هؤلاء الكتاب مرضى.. ويكتبون لغرض الاستشفاء فقط..
هناك من يرى في الكتابة جانباً لتغطية نقص معيَّن.. وهناك أيضاً من يعترف، باستمرار، في كتاباته أنه كذلك، ليكون قريباً من قارئه الذي لا يريده أن يرفع عنقه ليراه، لكنه يُبقي على حاجز اللغة بينهما، ولا يخاطبه بلغته، بقدر ما يريده أن يجد- في لغة لم يعتد عليها- نافذة تمنحه ضوءاً أكثر.
أن تكون كاتباً يعني أنك ستتناسى ما كنتَ عليه قبل ذلك، وكأن الكتابة حياة أخرى، وستنتظر المستقبل لترى أين ستكون، كمن يبحث عن وردة بداخل فرَّامة لحم!!
ستذهب إلى أيِّ مكان وأنت تتوقَّع أن تلتقي بأحد قُرَّائك، وسيخبرك أنه يقرأ كلَّ ما تكتبه، وأنه لم يكن يتوقع أن يحالفه الحظ ويلقاك وجهاً لوجه، ويصافحك، فتحسُّ حينها أنك فلتة من فلتات الزمن، وأنك متواجد في المكان الخطأ، وفي الزمان الخطأ، وفي الوطن الذي لا كرامة فيه لنبيّ.
أن تكون كاتباً في وطن كهذا لا يعني شيئاً، سوى احتفاظك بأرقام أمناء صناديق الصحف الذين تتصل بهم نهاية كلِّ شهر لتسأل عن صرف مستحقات الإنتاج الفكري، ولا يهمك إن نُشرت مقالاتك وهي مليئة بالأخطاء اللغوية.
ــــــــــــــــــــــ
magid711761445@gmail.com

قد يعجبك ايضا