محمد الجبري
يبدو أن السجال بين الروس والأتراك لا زال في اوله وما إسقاط الطائرة الروسية بالقرب من الحدود السورية التركية إلا صفارة لبدء انطلاق معركة طويلة تحدث عنها الأمريكيون والاوروبيون خصوصاً في حل الأزمة السورية، فإعلان وقف إطلاق النار من الجميع وتنحية بشار الأسد تعتبره بعض دول مجلس الأمن الدائمة العضوية فيه وبعض الأكاديميين والسياسيين أنه خطوة لحل الأزمة هناك ….وهو ما يؤكد بالطبع حقيقة أن الأزمة السورية كانت مفتعلة من الخارج وليست من الداخل السوري فلو كانت من الداخل لاكتفت بتنفيذ البندين لحل الأزمة ولكن الأزمة جاءت من أعداء سوريا في الخارج ساعد على اشعالها عملاؤهم في الداخل لهم ارتباطات بأجندة دولية لها مصالح من تدهور الوضع في سوريا .
فالتوتر الحاصل اليوم بين روسيا وتركيا أصبح يقلق الكثير من الدول فكلاهما له نفوذ وتحالفات كبيرة في الشرق والغرب وهذا التوتر أصبح يزداد يوما بعد يوم ويزيدهما عنفاً وغباءً فكلاهما يخسر الكثير جراء ذلك لأنهما لم يستطيعا الجلوس على طاولة واحدة لتسوية حادث السوخوي والبحث عن مخرج حقيقي للازمة وعلى اثر ذلك تصر روسيا على أن تضحي بأكبر استثماراتها داخل تركيا والتي منها تصدير الغاز لتركيا ومعظم دول أوروبا بعد تنفيذ مجموعة من العقوبات على تركيا في حين أنقرة جعلت موسكو عدواً من خلال إسقاط الطائرة بعد أن اخترق مجالها الجوي لبضع ثوان فقط كشفت تلك العملية نقل داعش للنفط السوري والعراقي إلى الأراضي التركية ، وعندما تم فضحها دعت تركيا إسرائيل لأن تكون وسيطاً بينها وبين الروس لحل مشكلة إسقاط المقاتلة ورفع العقوبات وبالفعل كانت هناك وساطة إسرائيلية وهو ما يؤكد أن كلاً من تركيا وإسرائيل والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة الموجودة على الأراضي السورية تلعب دوراً واحدا ً وفي صف واحد ولهم هم واحد وهو العروبة والقومية الرافضة لوجود مثل هذا التكتل البغيض والناشز .
إن مونتاج الأزمة السورية المتكرر يوميا بأحداث مأساوية مختلفة الشكل يؤكد باستمرار على أن ثورة الربيع العربي في سوريا – الأزمة السورية – لم تكن إلا كذبة وأنها لم تقم من اجل أن النظام السوري حسبما يقولون أنه فاسد أو أنه لا بد من إزاحة بشار الأسد من كرسي العرش أو أن الجيش العربي السوري والعلويين كانوا عنصريين مع الآخرين …ولكن هناك أهدافاً وأجندة هي في الحقيقة تخدم العدو الصهيوني فقط بدأت تتكشف الآن بعد انقضاء خمس سنوات من انطلاقها نحو القتل والتشريد والنزوح للسكّان والمواطنين فهو الرابح من اقتتال العرب فيما بينهم فقد خاض حرباً بالوكالة ساعده من عملاء الداخل ومرتزقة الخارج من دول غربية وعربية وإسلامية سعت إلى تمزيق سوريا وانهيارها وتدميرها بقدر ما استطاعت في ظل أن رأس الهرم الأسد أبى إلا أن يظل صامداً حامياً لموطنه بعتاده العسكري رافضاً أي املاءات عليه تؤدي إلى اضطهاد لكرامة الإنسان السوري وأصبح الجيش العربي السوري هو الوحيد الذي يذود عن رقعته بنفسه تاركاً الوهم يحيل على أعدائه بأنهم انتصروا في السيطرة على الهوى بحنكته وتفوقه بصورة كبيرة على قادة دول أغبياء لم يستوعبوا ما يجري هناك ,حقاً إنهم شركاء كفار مع الشياطين يتخبطونهم إلى حيث ما أرادوا .
يؤكد التقارب الروسي الأمريكي الأخير في بعض القضايا التي تخص حل الأزمة السورية بشأن تسليم السلطة لحكومة انتقالية خالية من المتشددين أو من تكون لهم أي ارتباطات بجماعة دينية متطرفة كانت من إحدى الدواعي لإنشاء كل من تركيا والسعودية تحالفاً دينياً متشدداً تحت اسم الإسلام بعد أن خذل الغرب حلفاءه في مآربه التي أصبحت تعتدي على حقوق حرية الحياة والتعبير وتضطهد الأشخاص الأبرياء والضعفاء إلا أن هذا المشروع فشل فشلاً ذريعاً قبل تنفيذه، فاعتراض بعض الدول التي تنتمي إلى الدول الإسلامية ورفضها المشاركة في هذا التحالف كان صدمة قوية إلى منشئيه فالإسلام والمسلمون في العالم يؤكدون رفضهم أن يكونوا أداة قتل وذبح وأنهم حاملون رسالة سمحاء دون غيرها .