
استطلاع / محمد راجح –
فشلت الحكومات السابقة في توفير كادر بشري قادر على تطوير الأداء ومخاوف من أن تسير الحكومة الحالية في نفس الاتجاه
,القصور في البناء المؤسسي يرجع بشكل رئيسي لضعف السياسات الخاصة بإدارة الموارد البشرية
لم تخطر في بال المسئولين والمشرفين على ملف المانحين والتمويلات الخارجية حتى الآن قضية انعدام الكوادر البشرية المؤهلة التي تسبب انعدامها في مراوحة التمويلات والتعهدات الخارجية لمكانها منذ مؤتمر لندن في العم 2006م.
ولم تستطع الحكومات السابقة توفير كادر بشري مؤهل ومدرب قادر على تطوير الأداء وإدارة الوحدات التنفيذية التي تم إنشاؤها في بعض الجهات لاستيعاب التمويلات بكفاءة وإعداد الدراسات الفنية والتصاميم ودراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بالمشاريع الممولة من تعهدات المانحين.
ويبدو أن الحكومة الحالية تسير في نفس الاتجاه من عدم الاهتمام بهذا الجانب الهام الخاص بالتنمية البشرية وإعداد وتأهيل كادر بشري يستطيع التعامل مع مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للفترة القادمة الأمر الذي ينذر بالعودة للمربع الأول الذي عانت منه البلاد كثيراٍ خلال الفترة الماضية وجعل التمويلات الخارجية للمشاريع التنموية منذ سنوات «محلك سر» .
طبقاٍ لأستاذ الإدارة الدكتور احمد سالم المنتصر فإن الوضعية الحالية للإدارة في اليمن تتطلب جهوداٍ شاقة ومضنية لتحسين الأداء وخلق اطر وهياكل مؤسسية وفقاٍ للأسس والمعايير الإدارية الحديثة في كافة المرافق العامة والخاصة.
ويقول أن جميع الإشكاليات الإدارية والمالية التي تحد من تطور الأداء معروف أن سببها الإنسان يعني هي من صنع الناس وليست قدراٍ محتوماٍ ولهذا يجب إعادة تأهيل كل من تعود العيش تحت مظلة الفساد .
ويضيف انه في حالة وضع أنظمة إدارية حديثة وتفعيل الأدوات الرقابية والمساءلة سيكون هناك قدرة لكف أيادي العابثين وترشيد طريقهم وسد المسالك التي تؤدي إلى هذه الاختلالات وبالتالي رسم طريق جديد وخط سليم نستطيع من خلاله أن نصل إلى الأهداف المرجوة.
ويرى أن تطوير الأداء والحد من الفساد يحتاج لكادر بشري مؤهل ومدرب تدريب عال يوازي التطورات الحاصلة في مجال الإدارة .
ويقول: إذا الاهتمام بالتنمية البشرية وإيجاد كادر بشري مؤهل نستطيع تلافي أي أخطاء حصلت في الماضي وممكن أن تحصل في الحاضر فيما يخص مشاريع التنمية الاقتصادية والتمويلات الاقتصادية التي لم تجد كادراٍ بشرياٍ يستطيع إدارة عملية استيعابها بكفاءة وفاعلية.
قطاعات عاجزة
يرى الباحث الاقتصادي ياسين السلامي أن قطاعي الزراعة والأسماك وكذا المعادن تعد من أكثر القطاعات قابلية الاستيعاب التمويلات الخارجية من ناحية وفائدتها التنموية من ناحية أخرى نظراٍ لما تتمتع به اليمن من ثروات وخيرات هائلة في هذه القطاعات.
ويشير إلى حاجة هذه القطاعات لضخ أموال استثمارية وتمويلية ضخمة للنهوض بأدائها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي المتدني للغاية وعدم جدوى الجهود والإجراءات المتخذة لرفع هذه النسبة من المساهمة خلال الفترة الماضية.
يضيف د.حميد أن عملية البطء الحاصلة الجزء الأكبر منها يعود إلى الفشل في إعداد الدراسات الفنية وكذا فشل وزارات الكهرباء والمياه والنقل والتعليم الفني في إنشاء وحدات تنفيذية كما هو مقرر تنفيذاٍ لتوصيات ومخرجات مؤتمر لندن للمانحين.
ويلفت إلى عجز هذه الجهات عن توفير الكادر البشري المؤهل القادر على إدارة هذه الوحدات وتشكيل فرق فنية متخصصة لإنشائها وتقييم مدى توافقها مع أسس ومعايير وقواعد الإنشاء والبرنامج الزمني المحدد للتنفيذ وكذا إعداد الآليات المناسبة التي تحدد الإجراءات التي يتم على ضوئها تخصيص المنح والقروض المقدمة لليمن كما تتحمل وزارة التخطيط الجزء الأكبر من الإشكالية في هذا الجانب باعتبارها الوزارة المخصصة والمعنية بإدارة القروض والتمويلات الخارجية.
بناء مؤسسي
يشير خبراء إلى أن العجز في إيجاد كوادر بشرية مؤهلة ومدربة في الجهاز الإداري للقطاعين العام والخاص يعود إلى مجموعة من العوامل التي ساهمت في توسع هوة هذه المعضلات من أهمها القصور في البناء المؤسسي والذي يرجع بشكل رئيسي إلى ضعف السياسات الخاصة بإدارة الموارد البشرية بما في ذلك أنظمة التوظيف والتدريب والحوافز وعدم تفعيل إجراءات الضبط والرقابة الداخلية بالإضافة إلى عدم قدرة الإدارة في معظم الوحدات على مواكبة التطوير ورفع كفاءة الأداء وعدم تطبيق سياسات وأنظمة إدارية تحقق القدر المطلوب من الكفاءة التشغيلية وما يصاحب هذا القصور من سوء تخطيط وعدم الدراسة والتقييم أولا بأول للانحرافات السلبية في الأداء ومعالجتها وقت حدوثها.
تراجع
تراجع تصنيف الأداء المؤسسي في اليمن بشكل كبير نتيجة الضعف الإداري والمؤسسي الحاصل وهو ما انعكس في النقاط المنخفضة التي أحرزتها اليمن 3 نقاط من 6 في التقييم المؤسسي للبلاد.
ويعود السبب الرئيسي إلى ضعف القدرات المؤسسية والفساد وتأثيرهما بشكل خطير على قدرة الحكومة في تشكيل رؤية تنموية قابلة للاستدامة وإدارة الموارد وأداء المهام الأساسية وتقديم الخدمات أو تصميم وتنفيذ الإصلاحات .
كما أن هناك أن هناك ثغرات كبيرة في القدرات وعدد الموظفين المؤهلين محدود بالإضافة إلى أن هيكل المؤسسات الحكومية وصلاحيتها تحتاج إلى توضيح.
أما الخدمة المدنية فهي لا تزال أما لديها فائض أو نقص في الموظفين وتفتقر للإدارة المناسبة وأنظمة الحوافز اللازمة.
وانخفض تصنيف اليمن في مؤشر الفساد السنوي بشكل مضطر منذ 2005م إلى 164 من أصل 182 بلداٍ في عام 2011م.
وعلى الرغم من التقدم المحرز مؤخراٍ في إرساء وتنفيذ القوانين واللوائح لتحسين البيئة العامة للحكم بما في ذلك تمرير قانون حرية الوصول إلى المعلومات إلا أنه لا تزال هناك تحديات كبيرة على الحكومة العمل على حلها وتجاوزها لتحقيق تقدم منشود في التنمية الشاملة.