الفرنسيون يحسمون اليوم انتخابات المناطق
متابعة/ قاسم الشاوش
يتوجه اليوم الفرنسيون في الجولة الثانية والحاسمة من انتخابات المناطق وذلك بعد أسبوع على الجولة الأولى التي أحدثت زلزالاً سياسياً كبيراً وعكست نتائجها قوة اليمين المتطرف بانتزاعه المركز الأول في مواجهة اليسار الحاكم الذي فقد الكثير من مصداقيته ومعارضة يمينية معتدلة لكنها ضعيفة ومشرذمة.
ويأمل حزب الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان تصدره التصويت والفوز في هذه الجولة في عدد من المناطق الـ 13 بفرنسا والتي ستجري فيها الانتخابات حيث يسعى الحزب الذي تصدر الجولة الأولى بنسبة 28% على المستوى الوطني إلى استغلال رفض الناخبين للأحزاب التقليدية العاجزة عن حل الأزمات المتواصلة في فرنسا وخاصة حل الأزمة الاقتصادية أو مواجهة الخوف الناجم عن العمليات الإرهابية التي كانت آخرها اعتداءات باريس التي حولت ساحتها إلى ساحة حرب مفتوحة مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي حال صحت توقعات الجبهة اليمينية المتطرفة فستكون هذه سابقة في تاريخها قبيل 18 شهراً من الانتخابات الرئاسية في عام 2017م.. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن سياسة الجبهة الجمهورية التي دعا إليها اليسار الحاكم قد تشكل حاجزاً أمام الجبهة الوطنية في انتخابات اليوم، فيما باتت مارين تعتبر الرئاسيات في متناولها.
وفي هذا السياق حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من انزلاق البلاد إلى “حرب أهلية” إذا فاز حزب الجبهة الوطنية المنتمي لليمين المتطرف في انتخابات محلية ستجرى جولتها الأخيرة في مطلع الأسبوع المقبل، وستحدد نتائجها الأوفر حظّا في انتخابات الرئاسة 20170م.
ويخوض فالس الذي يقود حكومة الاشتراكيين معركة ضارية لإبقاء مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة بعيدا عن السلطة حتى انه دعا المنتمين لليسار لدعم مرشحي التيار الرئيسي لليمين في مناطق يمكن لمعسكر لوبان تحقيق انتصارات بها.
وقال فالس: “وصلنا للحظة تاريخية الأساس فيها بالنسبة لبلدنا هو الاختيار بين خيارين. أحدهما اليمين المتطرف الذي يمثل الانقسامات بشكل أساسي.. انقسام قد يؤدي لحرب أهلية.”
وأضاف في مقابلة إذاعية بثت أمس الأول: الخيار الآخر هو التصويت لما يسميه الفرنسيون قيم الجمهورية أي بلد منفتح للناس من ثقافات متنوعة ما داموا يقبلون القواعد الأساسية والسلطة في هذا البلد العلماني.
ويرى الخبير السياسي جوبل غومبان أن حزب الجبهة الوطنية يصبح الحزب اليميني الأكبر أهلية للفوز بالرئاسة والأقرب إلى مواقف الناخبين اليمينيين، متوقعاً مستقبلاً صعباً جداً للجمهوريين.
أما اليسار الذي كان يحكم غالبية المناطق فيقاوم بشكل أقوى مما كان متوقعاً، إذا احتساب أصوات مختلف القوائم المنضمة إليه لتضاف إلى نسبة 23% التي حققها الحزب الاشتراكي، وفاز حلفاء الحزب، أنصار البيئة واليسار المتطرف، بـ 11% في الجولة الأولى.
لكن هذا التشتت الناجم عن خلافات عميقة حول السياسة الاشتراكية الليبرالية التي انتهجها هولاند ورنيس وزرانه، مانويل فالس، العاجزان عن خفض نسبة البطالة، سيكلف الحزب ثمناً باهظاً على صعيد عدد المقاعد، وبعد الهزائم التي مني بها في الانتخابات البلدية عام 2014م وانتخابات المقاطعات في ربيع 2015م يبدو الاشتراكي وحلفاؤه السابقون في طريق تقهقر يستبعد أن يخرجوا منها، ويبقى العامل المجهول الكبير سلوك نصف الناخبين الذين امتنعوا عن التصويت في الجولة الأولى، ما يكشف عن خيبة عدد كبير من المواطنين حيال اللعبة السياسية.
وتبقى نتائج انتخابات اليوم مرهونة بحجم التعبئة بين الذين قاطعوا الجولة الأولى، سواءً لقطع الطريق أمام (الجبهة الوطنية) أو لدعم هذا الحزب الذي يصف نفسه بأنه خارج النظام القائم.