الحصار والعدوان يعلم اليمنيين وجوب استمرار صناعات بلادهم

 

تحقيق/ أحمد الطيار

حين شنت دول العدوان بقيادة السعودية الحرب ضد اليمن وحاصرتها اقتصاديا براً وبحراً وجواً كانت تعتقد أن الطريق أمام منتجاتها الصناعية والتجارية سيكون سهلا لكن اليمنيين أدركوا أن اعتمادهم على صناعاتهم المحلية سيكون أفضل وأن الحصار في مجمله يمكن أن يكون فرصة للاستثمار المحلي ولو بحده الأدنى ، وهاهم الخبراء يشيرون على رؤوس الأموال أن يعدوا العدة ويعودوا لجادة الصواب إذ أن الاستثمار الأمثل هو في بلدك ولمصلحة شعبك.
رغم أن المصنوعات اليمنية تشهد تراجعاً في الإنتاج نظراً للظروف التي تمر بها فإن تجار الجملة يشيرون إلى عودة موفقة لبعض المصنوعات اليمنية خلال الشهر الماضي وهو ما يعطي تفاؤلاً بعودة الصناعات القائمة بل وإنشاء صناعات جديدة خصوصا في الألبان أو الحليب طويل الأجل أو الزبادي والحقين والسمون والزيوت كما يشير الخبير المهندس ماجد البكاري المتخصص بإدارة الجودة الصناعية بهيئة المواصفات والمقاييس إلى أن العديد من السلع التجارية والصناعية التي مصدرها دول تحالف العدوان واصلت الانسياب للسوق اليمني بشكل يفوق الخيال خلال الفترة الماضية حتى أن القاطرات القادمة من منفذ الوديعة تواصل السير ليلاً ونهاراً دون معيق وهي خطة تجارية غاية في السوء منهم يجب التركيز على مخاطرها على الصناعة الوطنية حتى تفشل أهدافهم الرامية للسيطرة على السوق اليمني ودحر صناعاته الوطنية كما يتم الآن.
الميدان
عندما قمنا بجولة ميدانية في مولات أمانة العاصمة وجدنا أن العصائر السعودية والإمارتية المنشأ هي السائدة حاليا بكافة أحجامها ونكهاتها فيما اختفت منتجات مصانع تعز والحديدة وصنعاء ولم يعد لها وجود سوى نكهات محددة وأحجام كبيرة كما هو الحاصل في عصير يماني فئة لتر واحد حيث تنعدم الأوزان الأخرى كفئة 250 جراماً و120 جراماً، ويشير صاحب صنعاء مول محمد الشرعبي إلى أن منتجات يمنية كثيرة توارت عن الأنظار كالعصائر والألبان والحليب والكيك والحلويات والبطاطس المقرمشة والشبسيات والبفكات قد تراجعت لصالح منتجات من بلدان العدوان على اليمن كالسعودية والإمارات.
ويضيف هناك شحة في الزيوت النباتية اليمنية والحليب الجاف مما حدى بالمنتجات المنافسة من بلدان العدوان للاستحواذ على مكانها، كما أن تدفقها يتم يومياً دون أي معوقات .
تدمير الصناعة اليمنية
أحدث العدوان وحصاره البحري والبري والجوي دماراً في الصناعة اليمنية فهناك منشآت دمرها القصف في الحديدة وتعز وعدن وغيرها وأخرى انقطعت عنها المشتقات النفطية فتوقفت عن الإنتاج وأخرى انعدمت عليها المواد الخام فلم تعد تستطع الإنتاج، ويؤمن أصحاب الصناعات اليمنية أن هناك خطة لتدمير الصناعة المحلية لتحل بدلا عنها صناعات دول العدوان فهي ترى في المنتجات الوطنية منافسا لها في الجودة والسمعة والمواد الخام فكانت خطط تدميرها جاهزة وهذا ما يراه صاحب مصنع الهلال للمنتجات الغذائية للأطفال عادل البركاني .
فرص الاستثمار
يمكن لمنتجات كالحليب والعصائر المتنوعة أن تكون فرصا مجدية ومربحة للاستثمار في اليمن بنسبة 100% كما يقول التاجر عبد الله الرويحي تاجر الجملة في صنعاء مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت شحة في الكميات اللازمة للسوق من صناعاتنا الوطنية فاستحوذت على مكانتها البارزة مصنوعات من دول العدوان وهذا يعني أن المواطن لو وجد صناعة بلاده لشجعها واشتراها بقوة مما يطرح فرصا للاستثمار فيها بقوة .
ويشير الرويحي إلى أن تجار الجملة يفضلون الصناعات الوطنية نظرا لجودتها وسرعة تداولها وانسياب حركة نقلها بدلا من الصناعات المستوردة التي تأخذ وقتا كبيرا في الوصول للمنافذ وتكون فترة انتهاء صلاحيتها قريبة فتسبب خسارة للتجار .
نقص في السوق
ويشير التاجر ابراهيم مارش إلى أن الحليب السعودي والألبان وعصائر الفواكه والزيوت النباتية لم تتوقف عن دخول السوق اليمني أبدا حتى في أحلك الظروف والعدوان على اليمن فهي متوفرة يوميا في البقالات والسوبر ماركت ولم تنقطع الواردات من السعودية أبدا ،ويشير إلى أن التجار السعوديين والمصنعين يحرصون على أن تبقى سوق اليمن مرتعا لمنتجاتهم ولهذا فهم يصدرون لليمن المنتجات عبر الموانئ اليمنية أو عبر المنافذ البرية التي سلمت من العدوان كمنفذ الوديعة بحضرموت .
الألبان الطازجة
للألبان الطازجة والحليب قصير الأجل السعودي والعصائر الطازجة حكاية فهو يصل لمحلات السوبر ماركت بشكل يومي ولم ينقطع رغم الحرب والقصف والتقطعات في طرق مارب والجوف وغيرها ،ويشير التجار إلى أن تجارا لهم طرق مختلفة وباتفاق كافة الأطراف يقومون بتوصيل تلك البضائع للسوق اليمني بشكل يومي إذ تعتبر السوق اليمنية سوقا مهمة لهذه المنتجات لا تحبذ السعودية فقدانها رغم العدوان منها.
النقل
وجدنا الحاويات الكبيرة التي تنقل المواد الصناعية الغذائية تجوب العاصمة صنعاء قادمة من منفذ الوديعة وعبر محافظة مارب وعندما سألنا الناقلين لتلك البضائع أفادوا بأن عملية التوريد لليمن مستمرة ولم تقفل الأبواب عليها من المنتجين السعودي والإماراتي فقط فهم ينقلون بضائع مصنعة بالسعودية والإمارات فقط ويمنع دخول البضائع للدول الأخرى ،وعندما سألنا أحد التجار عن الحصار للمواد الخام ومنعها من دخول اليمن للمصانع المحلية أجاب: إن السعوديين يقصفوننا بالقنابل ويدمرون مصانعنا ويمنعون دخول المواد الخام الصناعية حتى تكون اليمن سوقا لمنتجاتهم على الدوام.
مخاوف
رغم العدوان منهم على اليمن فهناك اعتقاد أن صادرات السعودية لليمن زادت في 2015م بنسبة 20% أو أكثر وتتركز في المنتجات الصناعية الغذائية ومنتجاتها وتخشى السعودية على ما يبدو من حدوث أي اختناقات في المواد الغذائية نتيجة عدوانها ولكي لاتلام عالميا وتفوح رائحة جرمها ،ويقول المحلل الاقتصادي بالاتحاد العام للغرف التجارية علي الصالحي إن تدفق الصادرات السعودية لليمن يمضي قدما وهذا أمر محير فهي لم تستخدمه كأداة حربية رغم عدوانها على اليمن منذ ثمانية أشهر .
تركيا
فقدت المنتجات التركية مكانتها التسويقية في اليمن فبحكم الحصار الاقتصادي لم تعد تلك المنتجات تصل السوق اليمنية وأبرزها منتجات الحلويات والكيك والعصائر ومستلزمات الأطفال فقد فقدت سوقها لصالح المنتجات السعودية والاماراتية ويرى خبراء أن السعودية لم تسمح بدخول أي بضائع لتركيا إلى اليمن خلال الفترة الماضية وهو ما يفسر عدم تواجدها في السوق اليمنية كما كانت سابقا
الوكالات التجارية
لم تسجل الوكالات التجارية اليمنية للمنتجات السعودية أي نقص لديها في المنتجات الغذائية فقط فمن فترة قبل العدوان في 27 مارس 2015م كانت معظم المنتجات السعودية للعام 2015م قد وصلت لمخازن التجار اليمنيين كالأرز والزيوت والعصائر طويلة الأجل والحليب أيضا عدى الأدوية والمشروبات الغازية والمعدنية والمصنوعات غير الغذائية فيما تم تعزيز السوق اليمني بمنتجات للنصف الثاني خلال الشهر الماضي ،يقول تاجر ووكيل منتجات غذائية سعودية في اليمن إنه لم يحس بأي نقص في المواد السعودية المصدرة لليمن عبر وكالته لكن المشكلة تكمن في ضعف الطلب عليها من اليمنيين نتيجة للأوضاع النفسية التي خلفها العدوان من جهة وتراجع مستوى الدخل لدى اليمنيين من جهة أخرى مما جعل المواطنين غير قادرين على شراء السلع السعودية بأسعارها الجديدة.
عمان تنافس
دخلت المنتجات الصناعية العمانية بقوة للسوق اليمني وتحظى بتفضيل من قبل المستهلكين نظرا لجودتها وسعرها المناسب للمستهلك اليمني ويحظى المنتج العماني كالزيت والدقيق بنصيب كاف من الاهتمام كذلك الأدوية والمنتجات الصناعية البلاستيكية والحلويات ويخشى التجار أن تواجه المنتجات العمانية منافسة كبيرة من منتجات دول العدوان ويرون أن طرق نقل البضائع عبر طريق الصحراء الدولي من المهرة وحتى حضرموت فمارب وصولاً بصنعاء فيه مخاطر، فتنظيم القاعدة الإرهابي يقوم بشن هجمات على البضائع العمانية مما يعرقل تدفقها للسوق اليمنية وهي لعبة سياسية تحركها دول العدوان عبر تنظيماتها الإرهابية المنتشرة في تلك الأماكن للقيام بمخططاتها على الأرض .

قد يعجبك ايضا