عباس غالب.
منذ البداية كنت أتوقع أن تتوسع تداعيات التفجيرات الارهابية التي تعرضت لها باريس قبل نحو أسبوع إلى جغرافية أبعد من فرنسا وقد صارت إلى ذلك فعلاً وبالمقابل تداعى العالم إلى إدانة هذا الفعل والوقوف إلى جانب الحكومة الفرنسية بما في ذلك الدول التي كانت -ولاتزال-ملاذا آمناً وحضناً دافئاً للإرهاب الذي بات بامتداداته يمثل قوساً تتطاير سهامه في كـل إتجاه.
وبالطبع فإن اختيار العاصمة الفرنسية بهذه التفجيرات الإرهابية وغيرها كتلك التي استهدفت صحيفة (شارلي أبدو) مطلع العام الجاري يأتي لاعتبار أن باريس واحدة من العواصم الأوروبية الرئيسة التي تقود حرباً ضروس ضد الإرهاب في مناطق التوتر في الشرق الأوسط،فضلاً عن دورها التنويري حتى وإن تعارض هذا الدور مع سياسات بعض الحكومات الأوروبية تجاه الأسباب الجذرية للإرهاب الذي يمثله الكيان الإسرائيلي وتطبيق معايير مزدوجة في التعامل مع قضايا هذه المنطقة التي تتمتع بثروات وموقع جيو-ستراتيجيمهم بالنسبة للعالم.
وللتذكير فقط فـإن الخط البياني لتصاعد جرائم المنظمات الإرهابية لم يقتصر على حدود جغرافية محددة وإنما امتد خلال العقود المنصرمة من أفغانستان وباكستان وصولاً إلى روسيا ومناطق أخرى من العالم،منطلقاً من منطقة الشرق الأوسط وتحديداً المنطقة العـربيـة الأكثر خصوبة لنمو طحالب الإرهاب بالنظر لما توفره أنظمة التسلط والهيمنة جراء الطفرة المالية والتزمت الفكري والعقدي من ظروف ملائمة لاتساع قوس الإرهاب الذي بات مدججاً بالصراعات الإقليمية والحسابات القطرية بين الدول والتحالفات وعلى نحو ينذر–حقا- بكارثة وشيكة لن تستثني أحداً.
ومـع التنديد باتساع وخطورة قوس الإرهاب الذي يكاد يشكل التجسيد الحقيقي للعولمة التي طالما حدثونا عنها ينبغي أن لا نتناسى منظومة الإرهاب الدولي الجمعي الذي تعبر عنه خير تعبير الدول والكيانات التي تتفلت من القانون الدولي وقيم الأخلاق والمبادئ الإنسانية ممن تقوم بشن حروب ظالمة ضد الشعوب المستضعفة تحت سمع وبصر العالم المتحضر دون رقيب أو حسيب.
ويكفي هنا للتدليل على إرهاب الدولة ما يمارسه الكيان الصهيوني العنصري من إرهاب منظم ومتواصل ضد أبناء الشعب الفلسطيني من قتل وتشريد وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والتنكر لأبسط حقوق الفلسطينيين في القبول بحل الدولتين الذي اقترحته الشرعية الدولية ولم تلتزم به منذ إعلانه وحتى الآن.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن ما يرتكبه النظام السعودي من عدوان ظالم وحصار جائر امتد حتى الآن لأكثر من ثمانية أشهر ضد شعبنا وبلادنا وبمباركة إقليمية ودولية غير مسبوقة ارتهنت لفاتورة البترو-دولار إنما يمثل إحدى تلك الصور المخاتلة التي تنتصر للمنفعة والمصلحة ضد القيم والمبادئ الذي يعرض الشعبين الفلسطيني واليمني على حد سواء لمخاطر الإبادة الجماعية دون أن يتحرك ضمير هذا العالم المتمدن –كما يقال –قيد أنملة..!
وخلاصة الخلاصة فإن معرفة أسباب وبواعث هذه الظاهرة الإرهابية المدعومة (تفكيراً ومالاً واتجاهاً) من أنظمة باتت معروفة إنما تمثل أحد المفاتيح الأساسية لعلاج قوس الأزمات الذي بات راهناً يتمدد غرباً..!
Prev Post
Next Post