من قال .. لها؟

محمد فحص
الصمت ، لغة جديدة قديمة يتداولها معظم العرب ، لغة سهلة ومرنة لا تحتاج لمفاهيم وقواعد، لغة سلسة مبنية على حذف الصوت وإخفاء الكلمة ، وهي تعتمد على النظرات وبضع الدولارات فقط لا غير باستثناء بعض الحالات التي يستخدم فيها أفعال “الضرب” و”الأمر”، لغة نجح الحكام بتطويرها بالاعتماد على التكنولوجيا المتناثرة بين أيدي الجميع، وعلى وسائل الإعلام التي تلعب الدور الأكبر في نقل هذه اللغة بدقة عالية ووضوح ، تحت عناوين شتى أبرزها “الحقيقة” ، “الديموقراطية” ، “الاعتدال”، و”الثورة” وغيرها من المصطلحات ، مصطلحات كثيرة تصب في معنى واحد هو “الديكتاتورية المقنعة” التي فتكت بالأمة العربية.
أسس هذه اللغة نشأت في غرف عمليات مشتركة بين “اللوبي الصهيوني” و”دول الغرب”، فيما الراعي لها “دول الخليج” وعلى رأسها السعودية ، هذه المملكة التي تولت تعليم هذه اللغة ونشرaczها في الدول العربية، حيث يسود الصمت في أكثر من بلد عربي ، فيما المضحك في الأمر أن هذا الصمت يرتدي ثوب التحرر والثورة والتغيير.
على مر العصور ساد الصمت معظم الدول العربية باستثناء بعض الدول التي قاومت وجاهدت وعملت على تحرير أرضها وشعبها، ونجحت إلى حد كبير في إقتلاع هذا الفكر من النفوس فيما باقي الدول لا تزال مستمرة في صمتها ، على الرغم من وعيها لما يجري من حولها. إلا أن المملكة تريد ذلك ، وما يقوله “الملك” يطاع على قاعدة “أمرك مولاي”..
جرائم السعودية
ملك في مملكة الصمت
مثال صغير على “لغة الصمت” في أمتنا العربية ، فهذه “المملكة ” مستمرة في بطشها وهيمنتها منذ عشرات السنين دون حسيب أو رقيب، والجرائم كثيرة وموزعة بين الدول العربية بالتساوي في أكثر الأحيان ، فمملكة “الخير” تعطف على الشعوب العربية وهمها الأكبر كيف تزرع الخنوع والخضوع في النفوس والأقلام والأوراق والحناجر ، وتفرض بساطها الملكي على كافة الأراضي العربية والإسلامية ..
من قال للمملكة في يوم من الأيام كلمة عندما تاجرت بأرض فلسطين وباعتها للصهاينة، وحاصرت المقاومة فيها وساهمت في اغتيال قيادتها وكوادرها، ودفعت مليارات الدولارات لمحو القضية من القلوب والعقول وتشتيت الفلسطينيين والعمل على شطب اسم فلسطين من الأمة العربية؟
من قال للمملكة كلمة واحدة عندما شنت حربها على اليمن وقتلت وشردت الآلاف من المدنيين وهدمت وحرقت مئات الآلاف من البيوت والأراضي والمحلات، بل محت مناطق من الوجود ؟
من قال للمملكة كلمة لما حاصرت البحرين، واعتقلت أهلها وبطشت بشعبها، ومنعت عنهم الكلمة وصادرت حقوقهم وفرضت عليهم من يحكمهم؟
من قال لها كلمة لما احتكرت “بيت الله” ، وصادرت الهوية الإسلامية، وهدمت دور العبادة وحولتها إلى أماكن سياحية ومحال تجارية وفنادق خمس نجوم، وتسببت بمقتل الآلاف من حجاج بيت الله، ونكلت بجثامينهم الطاهرة دون أن يحرك العالم ساكنا.
من سأل اللمملكة لماذا تريدين تغيير النظام في سوريا والعراق، وقتل الملايين من الناس الأبرياء وتدمير القرى ونهب الثروات ونشر الظلم والموت في هذين البلدين؟ من ساءلها حول تعاملها مع العدو الصهيوني، ومد يد العون له، ومساعدة الكيان على تنفيذ مبتغاه في العديد من دول المنطقة، من حاسبها على ما اقترفته من نشر للفكر الإرهابي في هذه الأمة ، وتكفيرها كل من رفض “لغة الصمت ” هذه؟
من أخبرها أنها في هذا العام قتلت ما يزيد عن عشرات الآلاف من البشر في كل من اليمن وسوريا والعراق والبحرين والسعودية؟ ما من أحد قال لها، سوى “البعض” الذين آمنوا بقضيتهم ورفعوا شعار “هيهات منا الذلة” في وجه هذه الطبقة الظالمة، ولم يبالوا بغضبها أو حقدها أو سمها، بل قالوا كلمة الحق التي هزت لغة الصمت، وسطروا البطولات في الكثير من الميادين حيث كانت معادلتهم “إما النصر وإما الشهادة”…

* نقلاً عن العهد الاخباري

قد يعجبك ايضا