صديقي اللواء السفير الإنسان …

ن …………والقلم

عبدالرحمن بجاش
يبدو أن هذا الظرف الذي نعيشه ونحياه سيضغط على أعصاب كثير من الأنقياء, ومن حلموا ذات يوم بالأفضل, وسنراهم يودعونا واحدا بعد الآخر في وجه من وجوه الأمر فإن يتوفى الله الإنسان في ظرف عبثي كهذا فهو رحمة منه بعبده, هكذا انظر إلى الموت في ظل لحظة فاصلة, أو قل فهي اللا لحظة, حيث لا لون ولا طعم ورائحة لأي شيء, حتى الألوان تفقد ألوانها, وتصير الأشياء بلا ألوان, ويتحول الإنسان إلى لوحة ممسوخة كالمدينة الاسمنتية لا روح لها, وانظر فصنعاء التاريخية كما يصر على تسميتها صديقي يحيى سرور, مدينة لها روحها الخاصة بها, التي لا يحسها إلا من يحبها, وأن تسير في أزقتها وتتحسس الجدران بيدك فأنت تسمع همسها وما تبثه لك كمحب لواعجها وهمومها, قل أشواقها وكل شجنها, ليس كل واحد يمكنه سماع همس المدينة, إذ ليس كل من يسكن  فيها قد عاشها وعاشته, فالعلاقة بين الإنسان وأي مدينة سر من أسرار البعد الإنساني للحياة برمتها, والمدينة ليست كائن جامد كما يتصور الجامدون بل هي حياة من نوع خاص لا يدركها سوى العشاق, ومن بنى صنعاء كان عاشقا بمعنى من المعاني للحجر والتراب والماء والمكان والزمان بمختلف مراحله, بل هو إنسان بكل معنى الكلمة اللواء, السفير, الصديق, وأنا هنا أكتب عن أحمد محمد المتوكل الإنسان, هو ما يعنيني بالدرجة الأولى, حيث هو احساسي الذي كنت به التقيه, وإذ اتملى في وجهه طويلا, فأحس أنه إنسان دمث, ولا أدري لم كان يمنحني دائما الاحساس أنه ينتمي إلى مدرسة الدماثة وهو نفس التعبير ألي اطلقته الصحافة البيروتية وخاصة جريدة (الحياة) غداة وفاة الأستاذ النعمان وصفا له ولمدرسة قالت: إنه مؤسسها, وبالتأكيد فتلامذتها كثر سواء منهم من ذهب, ومنهم من بقي, دائما أحس أن آل المتوكل من يحيى رحمه الله إلى محمد عبدالملك إلى أحمد هم نعمانيون بمعنى من المعاني, وأن شئت أن تسأل عن امتداد الدماثة في الأسره فلا تتردد عن أن تسأل عن المهندس صديقي وزميلي عبدالله اسماعيل المتوكل, وعلى البعد الأقرب صديقي الآخر عبد الله عباس المتوكل, أنا إذا بمعنى من المعاني نعماني متوكلي الهوى, ذات صباح أهديته نسخة من كتابي (شهقة الفجر) وأخرى حملتها إياه لصديقي د . حسين العمري الذي لم يبد رأيا حيالها إلى اللحظة, ولا أخبرني حتى بوصولها وأنا متأكد أنها وصلت, المتوكل صديقي أحمد رحمه الله في أول لقاء قال لي: كتابك قرأته أكثر من مرة, وكلما أقرأه أكتشف جديدا, قلت: يكفيني إنك تقرؤني, خلاصة الأمر أنني هنا أسجل احترامي الذي لا يحده حدود للرجل, وأحس أن الظرف الذي لا يسر أحدا ضغط عليه, فاستعاد رب العباد أمانته, وأي أمانة هو الرجل دمث الأخلاق والخلق.. رحم الله أحمد محمد المتوكل والدعاء موصول بطلب الرحمة ليحيى رجل الدولة الفذ الذي نفتقده وكل العقلاء الذين غادرونا والمغادرين الواقفين, أما الرجال الوقف فلا يعنوني.

قد يعجبك ايضا