خواطر رمضانية – (21)…الحسن بن هاني (أبو نواس)

أبو نواس امتلأت الأقاصيص الشعبية بظرائفه وأشعاره حتى نسب إليه ما ليس له واختلط الخيال بالواقع من حكاياته لكنه كان أديبا وظريفا وشاعرا لا يشق له غبار. قيل أنه حفظ ستين ديوانا من شعر النساء فضلا عن الرجال بل كان ضليعا في العلوم الشرعية وحفظ الحديث حتى أنه ينسب لسيدنا الإمام أبي حنيفة قوله: “لولا مجون الحسن بن هاني لكتبت عنه الحديث”.
ذات يوم سمعت له من أحد الأساتذة أبيات من الشعر هي قوله:
وإöذا المطöي بöنا بلغن محمدا
فظهورهن على الرöجالö حرام
قربننا مöن خيرö من وطöئ الحصى
فلها علينا حرمة وذöمام
رفöع الحöجاب لنا فلاح لöناظöر
قمر تقطع دونه الأوهام
فقلت في نفسي سبحان الله إن كان قد قال هذا في سيد الخلق عليه الصلاة والسلام فما ضره بعدها أن يقدم على مولاه بغير زاد سواها.
ورجعت إلى ديوانه فوجدت هذه الأبيات في قصيدته التي مطلعها:
يا دار ما فعلت بöكö الأيام ** ضامتكö والأيام ليس تضام
وأشد ما أدهشني أنها كانت في مدح الخليفة محمد الأمين بن هارون الرشيد من زوجته زبيدة فقلت في نفسي لو كان هذا في غير هذا.
ولكن أبا نواس يقول في هذه القصيدة وهي بشارات الرجوع إلى الله وهو يشرح ما مر به من حياة اللهو وندمه عليها فيقول:
ولقد نهزت مع الغواةö بöدلوöهöم
وأسمت سرح اللهوö حيث أساموا
وبلغت ما بلغ اöمرؤ بöشبابöهö
فإöذا عصارة كل ذاك أثام
أبو نواس رؤي بعد موته في المنام من أحد أصحابه فقال له: ما فعل الله بك¿ قال: “غفر لي بأبيات كتبتها في نهاية عمري وتركتها تحت وسادتي” فعادوا إلى تلك الأبيات فإذا فيها:
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فبمن يلوذ ويستجير المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا
وجميل عفوك ثم أني مسلم
اللهم أحسن خاتمتنا يا ألله وتجاوز عن إساءاتنا بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.

قد يعجبك ايضا